(ثبنة) في الثانية والثلاثين من عمرها، لم يكن احد من اهلها او معارفها او زملائها يتوقع ان لا تتزوج لانها تتمتع بقدر من الاناقة والجمال، ولديها دكتوراة من جامعة محترمة.. وقد تمت خطبتها اكثر من مرة..وهي تبرر ذلك بمن يتقدمون لها لا يناسبونها فكريا ولا اجتماعيا..قد يتعاملون معها بشكل لا ترضاه لنفسها!!وتعتقد انها تقابل بكل إحترام من الناس حولها خصوصا من صفوة المجتمع فكيف لها ان ترضى بمن هو دون مستواها. أما(رانية) فهي فتاة جميلة جدا ومستواها الاجتماعي والمادي ممتاز، وعندما يريد شاب ان يتقدم لها يقول له أصدقاؤه ومعارفه (مد رجلك قدر لحافك).. فالموضوع ينتهي بمجرد الإعجاب من قبل الشباب ولكنهم لا يتقدمون لها خوفا من الرفض أو حتى عدم التمكن من توفير نفس المستوى الذي تعيش فيه عندما يتزوجها. و(سناء) مثلا رائعة الجمال تدرس في كلية الطب أحبها زميل لأختها، وكان مكافئا لها، فهو خريج كلية الزراعة ويعمل في وظيفة مرموقة ، وقد أعجبت به الفتاة وفجأة رفضته،مبررها للرفض قالت:ان والدتها قالت لها(انت طبيبة) وهو (مهندس) واقل منك ولازم تتزوجي طبيب مثلك. (2) هذه نماذج من حالات كثيرة في المجتمع السوداني فهن متميزات منذ البداية عائلياً أو ذات جمال صارخ، و مميزات مهنياً؛ فهنا تقل الفرصة في تكوين علاقات ايضا لأنها تريد شخصا على مستوى هذا التميز، كما أن كثيرا من الشباب يتهيب من الاقتراب من هذا النموذج من الفتيات. وبالتالي كلما زادت نقاط التميز كلما ضاقت فرص المتقدمين لها. فمن ناحية هي تشعر أنه لا يصلح أي شاب لها ، ومن ناحية أخرى فمن يريد أن يتقدم لها تقف أمامه كثير من العوائق والمحاذير. (3) وتقول د.دولت حسن الباحثة الاجتماعية: أن ازدياد عدد الفتيات الجميلات غير المتزوجات هذا طبيعي؛ لأن معظم الأهل أصبحوا حريصين على تحقيق مستوى حياة أفضل لأولادهم، وبالطبع ظهرت داخل هذه الشريحة بنات مميزات يجمعن أكثر من ميزة (ذكاء عقلي- مقدرة مادية - جمال مظهري- نجاح وظيفي)، وهؤلاء الفتيات يعرض عنهن الراغبون؛ لأنهم يشعرون بالضعف وعدم التميز بجوارهن، حتى المميزون من الرجال يشعرون جانبهم بالندية وأحيانا الضعف، وتتحول العلاقة من القوامة للرجل على المرأة للتنافس والتناظر بشكل غير مباشر، ويبدأ (الضرب تحت الحزام) يعني تبدأ صيغ الأمر والنهي: اعملي ولا تعملي... والاستهزاء بالآراء والتصغير من قيمتها.. وترجع(دولت) إعراض أو هروب كثير من الرجال من الزواج بالمميزة أيضا لخوفهم من عدم القدرة على احتوائها وإرضائها، وكذلك خوفهم من أن تكون مميزة من الخارج (الشكل والعائلة والوظيفة) وفارغة من الداخل (بلا مشاعر مثلا)، بالإضافة إلى تخويف المجتمع (الأهل والأصدقاء والمعارف) منها. وقالت: أحيانا يتقدم لأولئك الفتيات المميزات أشخاص غير مناسبين مما يجعلهن يعرضن عن الزواج، وغالبا يتقدم هؤلاء الرجال لتلك التي تتفوق عليهم لعدة أسباب وهي الاستفادة من (مالها - جاهها ونفوذها ونفوذ عائلتها - حتى الاستفادة من شكلها)، استخدامها للتباهي بها (أنا متزوج فلانة). (4) ومن ناحيتها توضح الباحثة الاجتماعية نهلة حسن بشير: أن أولئك الفتيات لا يتأخرن في الزواج بسبب الشباب فقط والخوف من التقدم لهن، ولكن أيضا بسبب الفتاة نفسها، فهي بمرور السنين تنضج وتتبلور شخصيتها وتتعرف على نفسها بقوة، وتتمكن من وضع يدها على تفاصيل شخصيتها واحتياجاتها، وتنظر للتجارب الزوجية الحية من حولها وتحلل أسباب فشلها، وتجد بمرور الوقت أن ما تتمناه من خصال ومميزات وقدرات فيمن ستتزوجه صار صعبا خصوصا بعد هذا النضج الذي يحدث في شخصيتها، فلا تجد من يحتوى أو يتناغم معها، وتضيف: استمرار هذه الفتاة خلال وقت طويل من الزمن بلا قيود الزواج يجعل بعض سلوكياتها في حالة من عدم المرونة، حيث تكون قد اعتادت أن تقرر وحدها، أو أنها تتصرف بحرية في وقتها داخل المنزل أو خارجه، فيصبح وجود قيود تجعلها في مساحة زوجة ترعى زوجا وأبناء أمرا شاقا عليها فتتجنب فكرة الزواج أو ترفض الكثير، بالإضافة لطريقة تفكير الرجل الشرقي الذي يتصور أنه مادام ليس على نفس الدرجة العلمية أو المالية بل يفوقها فهذا يدق لديه ناقوس الخطر ويهدد عرشه وقوامته فيتعامل معها بطريقة قاسية.