- قبل أقل من ثلاثة أشهر لم يكن أي واحد منا يتوقع ان يتدهور الوضع المعيشي بهذه السرعة ففي غضون الاسابيع القليلة الماضية ارتفعت أسعار السلع الاساسية إلى حد عجزت شريحة كبيرة من المواطنين عن شرائها.. - المواطن السوداني حسب تعبير صاحب مخبز لصحيفة «إيلاف» يوم الاربعاء «ترك الأكل» واكتفى بالقليل لتجنب الموت جوعاً.. فقد شهدت اسعار الخبز وسلع ضرورية أخرى مثل الدواء و زيت الطعام و الالبان والصابون والبقوليات والخضروات ارتفاعاً غير مسبوق في غضون أسابيع.. وأخيراً السكر الذي ارتفع سعر الكيلو منه خلال يوم واحد إلى الضعف ومع ذلك اختفت هذه السلعة من البقالات ويتهم المواطنون التجار بإخفائها لجني مزيد من الارباح.. قال صاحب سوبر ماركت في الخرطوم بحري للصحيفة ذاتها ان المواطنين دون اتفاق سابق بينهم قاطعوا العديد من السلع وقللوا من مشترياتهم في خطوة «لم تحدث في أية دولة أخرى في العالم حتى تلك التي شهدت موجات الربيع العربي التي فجرها الغلاء المفرط في تلك الدول».. إضراب تلقائي لم تنادي به جمعية حماية المستهلك التي اطلقت في بداية العام الحالي شعار «الغالي متروك».. - وكأنما هذه المعاناة لا تكفي لإرهاق المواطنين فقد توالت عليه ضربتان مؤلمتان: الأولى رفع تعرفة المواصلات والثانية وهي الضربة الأكثر إيلاماً رفع الدعم عن المحروقات.. - أطراف المعادلة الثلاثة- المواطنون والسوق والحكومة يحللون اسباب هذا الغلاء كل بأسلوبه الخاص.. فالمواطنون يحملون التجار وأصحاب العمل مسئولية هذا الارتفاع الجنوني في الاسعار والخدمات ويشتكون من غياب الرقابة الحكومية على الأسعار والخدمات .والتجار وأرباب الاعمال يعزون هذا الغلاء إلى فشل السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة.. - فيما تقول الحكومة ان سياسة التحرير تحد من قدرتها على فرض أسعار محددة على السلع والخدمات.. حتى إذا سلمنا جدلاً بهذا المنطق على علاته فإن واجب الحكومة ان تستثني السلع الأكثر ضرورية مثل الدواء والخبز فتراقب اسعارها و اوزانها.. ولكن للأسف فإن مثل هذه المتابعة والمراقبة غائبة تماماً من السوق.. - قال أحمد جبريل صاحب مخبز: (عندما تصاعدت الاحتجاجات والشكاوى على تقليل وزن الرغيف.. لم يكن في ايدينا سوى التراجع وإعادة الخبز إلى وزنه الطبيعي).. وهنا ينشأ النزاع بين المخابز والمواطنين.. فالمخابز فعلاً اعادت وزن الرغيف إلى ما كان عليه قبل الاحتجاجات ولكن المخابز الشاطرة سرعان ما زادت سعر الرغيف- فكان رد المستهلكين سريعاً أيضاً وقللوا من مشترياتهم.. وهذا أدى إلى إرغام المخابز على تقليل كميات انتاجها.. - ربما كان خبراء الاقتصاد يتوقعون وقوع الفأس على رأس الاقتصاد السوداني- ولكن لا أعتقد انهم كانوا يتوقعون ذلك بهذه السرعة .. والحال هكذا فلا يمكن لأي واحد من اولئك الخبراء ان يحدد السيناريو القادم لمسار اقتصادنا الوطني ، ولكنهم يجمعون ان ثمة كارثة مقبلة علينا «والله يستر.»..