لا يختلف اثنان، أن أكثر الناس طرحاً للمبادرات الوطنية والوفاقية وما في حكمها، رجلان اثنان، الأول هو السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام طائفة الأنصار. والثاني هو السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وراعي طائفة الختمية، ويبدو أن السيد جعفر ابن مولانا محمد عثمان الميرغني، قرر مؤخراً المضي في ذات الطريق الذي سبقه إليه الوالد والإمام: طريق مبادرات السادة. التوقيت الدقيق الذي طرح فيه جعفر مبادرته لم تتضح ملامحه تماماً بعد، لكن الراجح أن ابن مولانا، أقبل على أمر المبادرة عقب دخوله القصر الجمهوري المطل على شارع النيل مساعداً للرئيس، وظهر في صحف الأمس خبر يفيد أن السيد جعفر أشاد بأول تقرير ترفعه إليه اللجنة المختصة بشأن مبادرته، وأوضح الخبر ضمناً أن أهل اللجنة، أي القائمين على أمر مبادرة ابن مولانا، استكتبوا بعض أهل الرأي في الشأن العام من الساسة والخبراء والمتابعين والمهتمين، وخلصت تلك الكتابات إلى إعداد دستور، وانتخابات مبكرة، وحوار شعبي من أهل دولة الجنوب، لرتق ما فتقه الانفصال. ابن مولانا، توقع أن تشكل تلك الخلاصة الأولية اختراقاً في الساحة السياسية، ودعا سائر أهل الرأي في البلاد لطرح آرائهم عطفا على تلك المبادرة، وكشف أنه تحدث مع خبراء بريطانيين وأوحى له حديثهم أن السودان بمقدوره تحقيق طفرة في فرص الاستثمار بسبب الاضطرابات الشعبية في بعض الدول المنتجة، وبسبب توفر الإمكانيات في السودان. هذا ما كان من أمر الابن، أما مولانا نفسه، السيد محمد عثمان الميرغني، فقد اشتهر أمر مبادرته للوفاق الوطني الشامل طوال السنوات الماضية، وهي مبادرة دعت إلى تنفيذ اتفاقيات السلام (نيفاشا وأبوجا وأسمرا والقاهرة واتفاق جدة الإطاري)، وتعزيز الوحدة الوطنية وحل أزمة دارفور، ومراجعة القوانين المرتبطة بالتحول الديمقراطي، وإرساء أسس التنمية المتوازنة. ومن بين مبادرات السيد الصادق ومقترحاته العديدة، اشتهر أمر مبادرته المعروفة باسم الأجندة الوطنية، وهي مجموعة بنود ومقترحات عديدة تبدأ بسيادة الشعب والمواطنة والدولة المدنية، مروراً بالعودة لنظام المديريات الست والحل العادل لأزمة دارفور، ونهاية بكتابة دستور جديد وكيفية التعامل مع الجنوب وتحقيق التنمية المتوازنة، إلى جانب مقترحات أخرى. الملاحظ أن مبادرات المهدي والميرغني، تم طرحها من خارج أسوار السلطة، بينما طرحت مبادرة جعفر الميرغني من داخل أسوار القصر الجمهوري. مصير المبادرة الأخيرة، وإن اختلفت عن سابقاتها في كونها خارجة من (حوش) السلطة، سيكون شبيهاً بمصير المبادرات السابقة كما يقول البعض، ويرى هؤلاء أن مصير مبادرة جعفر لن يكون بعيداً عن حالة الجمود التي تعيشها مبادرات الكبار التي مرت عليها الأيام والسنون وهي لا تزال حبراً على ورق، أو عبارات يتم تبادلها في اللقاءات الثنائية والتصريحات الإعلامية، في المقابل، يؤكد آخرون أن فشل المبادرات القديمة لا يكتب بالضرورة شهادة وفاة أية مبادرة جديدة، وأن السودان حالياً أحوج ما يكون إلى مبادرات..ولو تمخضت تلك االمبادرات في نهاية المطاف عن مجرد خبر أو اثنين في صحف الخرطوم..!