فن الكاريكاتير فنٌ مُشَاع، من حق الجميع تصديره واستيراده من مَنْشَأه... وصالات عرض الكاريكاتير مُتعدّدة، لكنّ أشهرها وأكثرها شعبيّة هى الصُحف الفوّاحة التى تفوح منها رائحة اليوم! علاقة أكثريّة القُرّاء بالكاريكاتير الصحفى وطيدة، فمنهم من يبدأ الصحيفة بعد المانشيت بالكاريكاتير، والبعض قبل المانشيت... لذلك تَبوَأ كاريكاتيرست كثيرون على خريطة صُحف العالم قَدْورَاً عالية، ونال بعضهم جوائز لم ينلها رؤساء تحرير تلك الصحف التى تنشر كاريكاتيراتهم! فى الصحافة السودانيّة على مختلف حقب صعودها وهبوطها باقة من الكاريكاتيرست يقعون فى سماء الصحافة السودانيّة فى مواقع النجوم، ولكنْ فى صحافة هذه الأيام يعجبنى بشكلٍ خاص فارس وكارورى، واحتلَ قادمٌ بقوّة مقعداً بارزاً فى نادى الكاريكاتير السودانى، هو الكاريكاتيرست نزيه! قبل اسبوع نَشَرَ نزيه كاريكاتيراً آخذاً للوعى فى نصّه ورسمه، حيث أتى بسيّدة سودانيّة تسير بمفردها وترفع يديها إلى السماء بصوتٍ جاهر وبلسانٍ سودانىٍ مُبين: والله حيّرتونا يا الحرمتونا البقرى والضان، وضلّمتو الحيشان، وفطّرتو ناس بورسودان، وفاوضتو باقان وعرمان! الكاريكاتير أعلاه يحمل فى رسمة واحدة أربعة قضايا كانت هى أشهر قضايا الاسبوع قبل أن تطرأ على بعضها تعديلات وتدخّلات جراحيّة، فهى تؤشّر إلى أسعار اللحوم الحمراء التى آلت إليه فى (وطن اللُحوم)، وتعرفة الكهرباء التى سادت ثمّ بادت فى القطاع السكنى على فئات فوق الستمائة كيلو واط وفى روايات آخرين تحت الستمائة لدرجة أجبرت المواطنين على التقشف دون أن تلح عليهم الحكومة المتقشّفة... وشَاغَبَ نزيه الفتوى التى حملت لصائمى أهل بورتسودان رُخصة الإفطار إتقاءً لدرجة حرارة ورطوبة وصلت حد الهلاك... وامتدّت اليدان الحائرتان لسيّدة نزيه (المُفترضة) إلى اديس ابابا حيث طاولة باقان التى أثمرت بعد عُسْرٍ يُسْرا، وإلى طاولة عرمان التى لم تُصمّم بعد والتى لو صُمّمتْ لن تجد فيها سيّدة نزيه غيرَ إنّ مع العُسر عُسرا! الكاريكاتير بمقدوره أنْ يقول فى رَسمةٍ واحدة ما يقوله المقال فى سلسلة... وكاريكاتير نزيه فى ضربةٍ واحدة أتى بأربعة (آنات)، هى فى حقيقتها أنّات أربعة، أنّّات ذات قيمة مُضافة لأنّة المجروح!!