تفاؤل كبير ساد الاوساط الاقتصادية السودانية جراء توقيع اتفاق التعاون الشامل بين السودان وجنوب السودان بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا امس الاول خاصة مجموعة الاتفاقيات في المجال الاقتصادي من بينها اتفاقية حول التجارة واتفاقية القضايا الاقتصادية الأخرى التي تضم الأصول والديون والمتأخرات والمطالبات ، واتفاقيتان حول التعاون بين البنوك المركزية والثانية حول المعاشات واتفاقية البترول والقضايا ذات الصلة. وتوقع بعض خبراء الاقتصاد ان تسهم هذه الاتفاقيات في تحسين اداء الاقتصاد الوطني ، وخفض اسعار صرف الدولار وتوفير موارد من النقد الاجنبي للبلدين بفضل اعادة تدفق نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية من جديد وحل مشكلة انخفاض قيمة الجنيه ، ومحاربة غلاء الاسعار وتخفيف اعباء المعيشة على المواطنين ، وتدفق الاستثمارات الخارجية والمنح والقروض ، ومعالجة مشكلة الديون الخارجية ، وتوفير فرص العمل بجانب استئناف حركة التبادل التجاري بعد توقف حركة النقل البري والجوي والنهري. وأكد د. عز الدين ابراهيم وزير الدولة بوزارة المالية السابق ان اتفاق التعاون الشامل الذي تم توقيعه بأديس ابابا بين السودان ودولة جنوب السودان في الجانب الاقتصادي يسهم في حل مشكلة الديون الخارجية بإعفاء هذه الديون نتيجة للوفاء بالمتطلبات الاقتصادية والفنية لإعفاء الديون ، بجانب انتهاء الحجج السياسية لدى امريكا وغيرها بعد توقيع هذا الاتفاق الذي نص على تحرك مشترك لإعفاء الديون الخارجية ، فضلا عن تشجيعه لتدفق القروض والمنح التي قال انها ستنعكس ايجاباً على اقتصاد البلدين. وأضاف د.عز الدين لحديثه مع (الرأي العام) : الاتفاق سيؤثر ايجابا على الاقتصاد الوطني بمساهمته في سد عجز ميزان المدفوعات وزيادة ايرادات النقد الاجنبي عبر تدفق نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية واستئناف تجارة الحدود والتجارة الخارجية عبر البنوك ، بجانب حل مشكلة العمالة التي تهدد الموسم الزراعي بفضل تطبيق الحريات الاربع ، وزيادة الصادرات السودانية للجنوب خاصة وان الجنوب قبيل توقف التجارة كان يستورد نحو (173) سلعة من السودان . حول تأثير الاتفاق على اسعار الدولار قال د.عز الدين ان الاتفاق سيوفر عملات من النقد الاجنبي ستكون لها آثار مباشرة على سعر الصرف تتمثل في الانخفاض نتيجة للتوقعات لتداعيات بان تهبط الاسعار بالسوق الموازي قبيل ضخ نفط الجنوب نتيجة للحالة النفسية التي ستسود بالسوق الموازي ، كما يتمثل الاثر الثاني في توافر موارد حقيقية من النقد الاجنبي ستنعكس على الميزانية خاصة القطاع الخارجي او ميزان المدفوعات بتقليص الفجوة في سعر الصرف وتقليل العجز في الميزان الخارجي ، الى جانب ان الميزان التجاري سيكون في صالح السودان خاصة وانه سيصدر للجنوب اكثر مما يستورد منه ، فضلا عن توفير فرص عمل ، وحل مشكلة العمالة الموسمية التي تهدد الموسم الزراعي الحالي ، لاسيما وان هنالك شكاوى الآن من شح العمالة للحصاد وهنالك مشكلة في استخدام التقانات الحديثة في الحصاد وبالتالي اتفاق الحريات الاربع الموقع ضمن بروتوكول التعاون سيوفر العمالة التي ستحل مشكلة الموسم الزراعي. وأضاف : ان الاتفاق سيمكن الدولة من استيراد السلع الاستراتيجية بفضل توافر موارد النقد الاجنبي ، كما سيؤدي الى انخفاض اسعار السلع وتحسين قيمة الجنيه وخفض التضخم الذي قفز الشهر الماضي الى اكثر من (42%)، كما سيؤدي الى تحسن الوضع الاقتصادي العام الامر الذي سيؤدي الى تدفق الاستثمارات وجذب رؤوس الاموال وسيمكن الدولة من الاقتراض من الخارج ، وتقديم ضمانات لمشاريع التنمية وتوفير المكون المحلي لتنفيذ مشروعات التنمية الى جانب حل قضية الدين الداخلي بسداد ديون القطاع الخاص وفتح الاعتمادات المالية الجديدة لاستيراد السلع والخدمات ومدخلات الانتاج. حول مردود الاتفاق الامني قال د.عز الدين ان الملف الامني سيكون له مردود ايجابي على الاقتصاد بتشجيع تدفق الاستثمار ، وإيقاف الحرب وتشجيع المزارعين على العودة للإنتاج من جديد خاصة بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق اللتين خرجت منهما مساحات واسعة من دائرة الانتاج بسبب الحرب التي تعاني منها الولايتان. وحول تأثيرات تأجيل ملف ابيي والحدود على مستوى تنفيذ الاتفاق قال د.عز الدين ان الاتفاقيات الثمانية التي تم توقيعها بأديس ابابا ينبغي ان تشجع على طي بقية الملفات ، خاصة وان الجنوب عرف عن تجربة عملية اثر توقف التبادل التجاري مع الشمال وتوقف ضخ النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد الجنوب ، كما ان تطبيق هذه الاتفاقيات الثمانية خاصة الحريات الاربع تجعل من الصعوبة بمكان نفض اليد عنها او التراجع لسبب بسيط هو ان ترحيل مواطني البلدين سيكلف الدولتين كثيراً اذا انهارت هذه الاتفاقيات والتي لها ايضا مكاسب كبيرة على اقتصاد البلدين ، وبالتالي تطبيق هذه الاتفاقيات يرجح التوصل لحل بشأن ابيي والحدود. وحول اثر الاتفاق على اقتصاد الجنوب قال د.عز الدين الاثر سيكون واضحاً لاسيما وان اقتصاده يعتمد بنسبة (98%) على النفط ، كما ان اتفاق التجارة يوفر للجنوب سلعا اساسية بأسعار مناسبة او رخيصة ، وبإمكان الجنوب الحصول على قروض بعد ضخ النفط او استخدام البترول كضمانات لتمويل مشاريع التنمية وتحسين مرتبات العاملين بالدولة والقوات النظامية وجذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة وتحسين مستوى المعيشة وخفض الاسعار وتوفير فرص عمل.