نصف ساعة فقط كان هو المتاح من وقت الرجل قبل اجتماع بدت مقدماته عاصفة يوم طرقنا بابه حاملين جملة من الاستفهامات عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم.. أسئلة تحمل نكهة الاتهام بدءاً بتعدد الناطقين باسمه كحزب، وما يبدو كتلكؤ في حسم قضايا المنطقتين مروراً بمنطق المؤتمر الوطني في التوقيع على الحريات الاربع، والاتهام بعدم التزامه بايصال ما يتم الاتفاق عليه الى نهاياته المنطقية، ثم زيارة الرئيس سلفا كير المرتقبة واثرها على بقية الملفات العالقة.. *تعددت تسميات المؤتمر الوطني للناطقين باسمه فى الآونة الاخيرة فبرز اسم د. كمال عبيد، ثم فتحى شيلا، ثم بروفيسور إبراهيم غندور وصولاً لبرفيسور بدر الدين، ألا يشير ذلك لبحثكم عن خطاب سياسي متوازن يخفي نوعاً من عدم استقراركم التنظيمى؟ أولاً: أود أن أصحح المفهوم السائد حول الناطق الرسمي، فعرفاً الناطق الرسمى هو أمين الإعلام بالحزب، وجرت العادة على ذلك كعرف، لكن كلوائح، لا يوجد ما ينص على أن يكون أمين الإعلام هو الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطنى، ويعود ذلك الى أن الرأى الرسمي يصدر عن المكتب القيادي، بالتالى نائب الرئيس لشئون الحزب د. نافع على نافع هو المتحدث باسم المكتب القيادى وهو الناطق الرسمي الحقيقي باسم الحزب بصورة مؤسسية، ولظروف عدم توفر د. نافع للأجهزة الإعلامية، أصبح العرف هو وجود ناطق يمثله أمين الإعلام باعتباره عضواً فى القطاع السياسي المعني بالمتغيرات التى يكون فيها الحديث.. *ولماذا تعدد تغييره؟ من حيث تعدد التغييرات فى تسمية ناطق، فهذا لا يعد تغييراً فى الناطق الرسمي بقدر ما هو تغيير فى الأمانة ، أي عندما تتغير أمانة الإعلام يتغير الناطق الرسمي ضمناً.. والتغييرات إما أن تكون فى أجهزة الحزب عبر المؤتمر العام، وبناءً عليه يتم تجديد شامل فى كل الأمانات ومن ضمنها تغيير أمانة الإعلام، أو نتيجة لمتغيرات تشمل شاغل الأمانة مثل مرحلة د. كمال عبيد الذى اقتضت ظروف معينة أن يذهب وزيراً للجهاز التنفيذي وناطقاً رسمياً باسم الحكومة، فلا يستقيم أن يكون ناطقاً باسم الحزب فى ذات الوقت.. المؤتمر التنشيطى الاخير فرض جملة من التغييرات فى هياكل الحزب واجهزته عموماً، ذهب على إثرها بروفيسور إبراهيم غندور لقطاع العلاقات الخارجية ، وبالتالي جئت أميناً للإعلام، وأصبحت بموجب العرف ناطقاً رسمياً باسم الحزب ، بالتالى المسألة غير مرتبطة بتغير الناطقين ، بقدر ما أنها مرتبطة بتغير الأمانات وفقاً لظروف الحزب.. على أي أساس يتم التحديد؟ تحديد الناطق الرسمي يرتبط بتسمية الشخص الذى لديه كل المعلومات أو يسهل له الحصول عليها حتى ينطق باسم الحزب.. لذا نحن لا نحبذ وجود ناطق رسمي يتحدث دائماً، إلا بما يملك من معلومة لأن الناطق الرسمي إذا تحدث بمعلومات لا تمثل الحزب، تصبح معلوماته هو، وليست معلومات الحزب بصورته المؤسسية.. ويبدو أن ذلك أفرز الحرص على الناطق الرسمي لإغلاق خانة وجود شخص يتحدث باسم الحزب، باستثناء الناطق الرسمي أو د. نافع.. وهو ما يشرح الخلاف الذى حدث قبل مدة وأوقفنا أياً من يتحدث كقيادي بالمؤتمر الوطني، وقلنا إنه لا توجد مثل هذه الصفة ، هناك صفات معينة مثل الناطق الرسمي، سواء عرفاً أو حقيقةً ، وهناك صفة أمين الأمانة الذى يمكنه الحديث كأمين أمانة معينة ، أو التحدث كعضو فى المكتب القيادي أو عضو فى القطاع السياسي، حتى يتحمل مسئولية حديثه فى إطار التخصص المعين، لكن إذا تركنا كل من يتحدث كقيادي بالمؤتمر الوطني هنا تحدث (اللخبطة) ومن ثم تحدث الدربكة .. ونحن حريصون على أن يتحدث أمين الإعلام وفقاً للتفويض الممنوح له الى أن يتم ايقافه ، د. نافع يتحدث طبيعياً باسم المسئولية، كما يمكن لأي شخص فى المؤتمر الوطني أن يتحدث لكن فقط بالصفة التى يشغلها بالمؤتمر الوطني، وذلك حتى يتكرس الانضباط وتحمل للمسئولية فى الحديث.. *الملاحظ تراجع السلام فى استراتيجيات حزبكم، بمبرر تزايد المهددات الداخلية والخارجية.. ما تعليقك؟ أى حديث عن تراجع الوطني عن مشروع السلام يكون حديثاً غير دقيق، لأن الوطني منذ توقيعه على اتفاق السلام فى 2005م، ظل ملتزماً بكل مخرجات اتفاق السلام الشامل وكل تبعاته، باعتباره وقع الاتفاق كحزب مقابل الحركة الشعبية ، بعد ذلك التزم تماماً بكل مخرجات هذا التوقيع من أجل السلام، وكان الهدف الأساسي أن يعم السلام والوحدة بين طرفي السودان ، ثم وافق على كل ما ترتب من انتخابات ومن وجود للحركة داخل الحكومة فى الخرطوم فى سياق المشاركة المعروفة، ثم جاء الانفصال واعترف به واعترف بالجنوب، وعمل مجموعة من اتفاقات السلام كالشرق والدوحة وأبوجا واتفاق جبال النوبة والآن توقيع الاتفاق الأخير التوافقي مع العدل والمساواة كل ذلك يؤكد حرصه على قضية السلام وملتزم بها ويسعى لها حثيثاً.. *لكن لا تزال البندقية مرفوعة؟ نعم.. فهناك تفلتات أمنية فى الجانب الآخر، كما وأن بعض الجهات المعنية لها بعض الاشكالات المعينة.. فاذا أخذنا قطاع الشمال بجنوب كردفان وبعض حركات دارفور التى لم تنضم لمسيرة السلام، تظل هذه مجموعات متمردة تحمل السلاح، ولا يزال باب الحوار مفتوحا، بدليل ما تم الأسبوع الماضي مع العدل والمساواة ولحاقها بقطار السلام أو توقيعها على المبادئ الأساسية للانضمام إلى مسيرة السلام عليه سيظل باب السلام مفتوح فى كل الأحوال.. *تعدد توقيعكم على اتفاقات سلام كحزب حاكم، لكنكم متهمون بإهمال انفاذ الاتفاقات أو الوصول بها إلى سقفها بدءاً بالحركة الشعبية- قطاع جبال النوبة، مروراً باتفاق الميرم ثم أبوجا مروراً بمجموعة أبو القاسم انعطافاً بعبد الشافى فى التحرير والعدالة، ما هى جملة العوامل التى تقف حائلاً دون تنفيذ الاتفاقات وتتحملون مسؤوليتها باعتباركم الفاعل الأكبر؟ فى تقديرنا إذا نظرنا للاتفاقات بما تم تنفيذه وما لم يتم تنفيذه، سنجد أنها اتفاقات ثنائية فى معظمها، حيث تأتى مجموعة معينة توافق على الجلوس مع الحكومة وتوقيع اتفاق بناءً على شروطها المحددة ، وواضح أن الحكومة التزمت بكل اتفاقاتها، بدليل أن مناوي كان كبير مساعدي رئيس الجمهورية، وتخيل شخصا وصل لهذا المنصب، ألا يؤكد ذلك التزام الحكومة على اتفاق وقع.. هناك عوامل خارجة عن الإرادة، كسلطة دارفور مثلاً الحكومة نفذت كل ما يليها، وثمة قصور لكن لا دخل للحكومة فيه، مثل وجود ترتيبات تقتضي تمويل مرتبط بمانحين فى الخارج أكثر من أنه داخلي، ولا يلتزم الممولون، مما يعوق سير تنفيذ الاتفاقية خصوصاً إذا ارتبط ذلك بترتيبات أمنية، تحتاج إلى أموال كثيرة للتسريح وإعادة التأهيل والدمج وهو ما يقوم به ال (دي دي آر) الذى يعمل بكفاءة عالية وينجز عملاً كبيراً.. *الحريات الأربع مثل أساس معارضة الكثيرين للاتفاق.. ما هو منطقكم فى التوقيع؟ أعتقد أن التناول الإعلامى الذى تم حول الحريات الأربع تم وفقاً للخلفيات السابقة وليس للاتفاق الذي تم، هذه هى المشكلة الأساسية، لأنه ربط للناس موضوع الحريات بما كان مطروحا سابقاً، بمنح جنسية وكامل الحقوق، بالتالي تركز الاعتراض على كيفية منح من فضلوا الانفصال كامل الحقوق ، مما يلغي الانفصال ويحيله لشكلي.. بالتالى طُرح موضوع الحريات الأربع وتم تناوله بهذه الصورة التى اعادت إنتاج الصورة الذهنية السابقة وليس الواقع فعلاً.. *وما هو الواقع؟ الواقع أن الاتفاق لم يسم باسم الحريات الأربع بل سمي بالنص (اتفاقية حقوق المواطنين فى الدولتين).. واسم الحريات الأربع استدعي كعنوان كي يستدعي معه بعض المخاوف السابقة، وهذا ما تم .. لكن الاتفاقية الموقع عليها، اذا تم نشرها كنصوص، سنجد أن الحريات الأربع وردت كجزئية داخل اتفاق كلي لترتيب أوضاع المواطنين فى البلدين.. كما أن تطبيق ذلك على المواطنين الشماليين فى الجنوب والجنوبيين فى الشمال سيتم وفقاً لقوانين كل دولة ، ما يعني أنه ليس كل الشماليين فى الجنوب سيصبحون جنوبيين ولا الجنوبيون فى الشمال سيصبحون شماليين، أي يجب أن يكون المواطن فى كلا الدولتين ممتلكاً لما يثبت أنه شمالي أو جنوبي ، ومسجل فى المؤسسات الدبلوماسية المعينة التى تنتمي إليها، بعد ذلك يمكن للمواطن المعين أن يقدم لإحدى الحريات المتاحة، لا أن تطبق كلها جملة واحدة ضمنياً.. أى ليس لأي شخص جنوبي موجود فى الشمال حق الاستمتاع بكل هذه الحريات، أي يمكن يختار المواطن إحداها دون أن يطلب الأخريات، ويمكن لمواطن آخر أن يأخذ كل الحريات، وآخر يختار حرية واحدة منها كالتملك مثلاً كحرية قائمة بذاتها، هذا الامتلاك لا يعني إذا توفرت الأموال ألا يسأل المواطن الذى يريد تطبيق تلك الحرية عن مصدر الأموال، بل يتم التعامل مع الأمر وفق قوانين البلد الموجود فيه المواطن،وهو أمر يطبق على المواطن السوداني فما بالكم بالآخرين، أي أن تطبيق هذه الحريات سيتم وفقاً للقوانين الداخلية، ثم أن هناك نصا ينص على أنه يمكن لأية جهة من الجهتين اذا أرادت أن تلغي هذه الاتفاقية أن تخطر الجهة الأخرى حتى ولو بعد التطبيق هذا وفقاً للمنطق العام.. شرحت الاتفاق لكن ماذا عن منطقكم فى التوقيع عليه؟ أكثر من منطق، فوفقاً للمنطق السياسي يبلغ تعداد الجنوبيين سبعة ملايين فى مقابل (27) مليون سوداني، وإذا أردنا تطبيق الاتفاق فهل الشماليون الذاهبون الى الجنوب أكثر أم العكس، وبالمنطق الحسابي يفترض أن السودان سيستفيد من الحريات الاربع أكثر من الجنوب استناداً إلى الجغرافيا وعلى الظروف الموضوعية.. يضاف إلى ذلك بالمنطق الاقتصادى والتجاري، فالجنوب دولة جارة نامية وجديدة، ولا يوجد منطق واحد يسمح لنا ان نتيح لدول الجوار الأخرى أن تبني الجنوب دون أن يكون لنا الحق فى أن نشارك فى بنائه لمصلحتنا لا لمصلحة الجنوب فقط ، لا أعتقد أن ثمة منطقا يقر ذلك.. عليه تكون هذه الاتفاقية طالما هى وفقاً للقوانين واللوائح والضوابط، فلا يوجد بها ما يعيق من حيث الاقتصاد و الحركة.. أضف الى كل ذلك منطق سوق العمل ، هل يكون عدد الشماليين العاملين بالجنوب أكبر أم الجنوبيين بالشمال ، أعتقد بموجب سوق العمل حاجتنا للجنوب أكبر من حاجته لنا ، لأن سوق العمل هناك يحتاج الى خبرات ، وكفاءات وكوادر وكل ذلك متوافر فى الشمال، وبدلاً أن يحصل الجنوب عليها من الخارج فالافضل ان نقدمها نحن.. بالتالى نعتقد أن هذه الاتفاقات تتيح للكادر السوداني أن يعمل فى الجنوب، وأن يساعد فى بناء الدولة الجديدة دون أى تحفظات او مشاكل.. اذاً وفقاً للتحليلات السياسية والاقتصادية والمنطقية والعرفية ليس هناك ما يعيب الاتفاقية بأي حال من الاحوال، فقط لأنها أرتبطت بحريات وبظروف سياسية كانت موجودة.. بعض الرافضين تحدثوا عن الغذاء وما يمكن ان يخلقه من أزمة، وأنا لا أعتقد أي شخص فى الشمال أو فى الجنوب سيعطي الطعام بلا مقابل، وذلك يعد مصدراً للدخل خصوصاً فى ظل ضبط الاجراءات، بالتالى فليس هناك ما يعيب أصلاً فى هذا الموضوع.. أي، أنكم مهما تعالت الأصوات الرافضة لن تتراجعوا عنها؟ اعتقد هذه النقطة من أكثر النقاط التى تصب فى مصلحة الدولتين، اذا تجرد الجميع وتجاوزوا فى نظرته للاتفاق.. صحيح اذا كانت الجنسية لكانت هناك تحفظات، لكن طالما أن الاتفاق لا يوفر وضعا سياسياً، والاتفاق ينص على حقوق اقتصادية واجتماعية فلا مبرر للتحفظ.. من ناحية أخرى، تبرز أهمية قصوى للاتفاقية، للناس فى الحدود المتداخلة وتخدم أبناء الولايات الحدودية المتزاوجين والمتداخلين اجتماعياً وتجارياً وزراعياً وحركياً حيث المنفعة متبادلة، فكيف يتم الحكم على الموقف سياسياً ويتم نسف واقعاً موضوعياً ماثلاً.. *لكنكم وقعتم على فصل للحدود بالفعل، ألا يؤثر ذلك على التداخل؟ حقيقةً حالياً ما تم التوقيع عليه فصل الحدود لا يعني حائط برلين، وطبقاً لنصوص الاتفاقية فهى حدود مرنة، لأن الناس يعلمون تماماً أن ما نتحدث عنه فى اطار السياسة لا يمكن تطبيقه فى الواقع، بحكم التداخل ووفقاً لواقعهم الجغرافي وتعايشهم السلمي.. واعتقد أن ما نص الاتفاق عليه حول( 14 ميل) بأن تحكم بمثل ما كانت تحكم قبل 2005م يعد من أكثر من المميزات فى الاتفاق ، لأنه اتاح للتداخل الطبيعى ألا يتضرر بالمواقف السياسية ، ويسمح بتعايش الناس بحياتهم الطبيعية، طالما والا يتضرروا بما يتم فى جوباوالخرطوم، فلماذا يتم اقحامهم فى قضايا معينة وهم يعيشون حياتهم ويمارسون طبيعتهم بالصورة التى يريدونها.. *الملاحظ استمرار الوطني بذات مفاوضيه منذ نيفاشا، رغم فشلهم خلال قرابة العام ونصف فى الوصول لاتفاق يحقق السلام بين الدولتين، لكن خمسة أيام فقط بين الرئيسين حسمت الموقف، بالتالي ما هى معايير الوطني في اختيار مفاوضيه؟ من المهم هنا النظر لقضيتين، أن التفاوض إبان نيفاشا تم بين حزبين الوطني والحركة، وكان للوطني ضرورة اختيار كفاءات من حزبه لادارة العملية التفاوضية، وجاء الاختيار بناء على دراسات وآراء وتأييد من المكتب القيادي وبالإجماع، بالتالى من غير المسوح لأي شخص خارج القيادي أو بداخله أن يخرج عن هذا الاجماع طالما تم تسمية شخص كمفاوض يظل الجميع ملتزما برأي الجماعة.. بالتالى فان من قادوا التفاوض هم على كفاءة ومقدرة وصبر وفهم عال لكل الملفات.. *وما هو نوع التفويض، هل مطلق أم مقيد؟ لا أعتقد أن مجموعة التفاوض تتصرف من نفسها، ففى كل مرحلة من المراحل لابد أن ترجع للقيادة ، صاحبة التفويض بالاصل ، لتأخذ منها ما يجب ان يوقع عليه بالأحرف الاولى، وما لا يجب ان يوقع ومتى يوقع عليه، ومتى يعلن.. والمفاوضون استمروا فى ذلك بنجاح وصبر كبير جداً رغم السهام القاسية جداً.. كثيرون ينظرون للتفاوض بأنه يمكن تغيير المفاوضين ، لكن يجب استيعاب أن هناك من هو جرئ لكنه غير مفاوض، فالتفاوض لا يحتاج للتنازلات فقط، بل لمساحات للتحرك، وهناك من هو بطبيعته مباشر وهذا لا يصلح فى التفاوض حتى وان كان كادراً قوياً، فى الناتج الأخير فى تقديري وفد التفاوض أدى ما عليه تماماً، بتوقيعه لهذه الاتفاقيات بحضور الرئيسين.. *وماذا عن تفاوض فى المنطقتين وقطاع الشمال مع وجود نص واضح فى القرار (2046) يتضمن التفاوض معه؟ فى منطقة جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفد التفاوض ليس ذات وفد التفاوض، وكان هذا مقصوداً وأردناه ونجحنا فيه بشدة حتى تنفصل قضية النيل الأزرق وجنوب كردفان عن قضية الجنوب، لأننا اذا تركنا الأمر لذات وفد التفاوض لظلت قضية المنطقتين مرتبطة بقضية الجنوب، لكن بمجرد وجود وفد جديد بقيادة جديدة بأصحاب المصلحة والغرض الاساسي تأكيد أن هذه القضية داخلية، نتفاوض فيها أولا نجلس على الارض أو نحضر الأحزاب التى معنا أو التى ليست معنا ، نتناقش أو نختلف، هو شأن داخلي.. بالتالي كان اختيارنا لكمال عبيد الذى يمثل الحكومة التى تمثل كل الناس ومعه معظم أصحاب المصلحة من المنطقتين، ليشاركوا فى المفاوضات هذا وفد جديد فى إطار الاتفاق العام مع دولة الجنوب، لكن كقضايا داخلية وهذا ما نجحت فيه الاتفاقية.. بالتالي بمجرد فك الارتباط بالجنوب واكتمال الترتيبات الامنية بصورة معينة، سيصبح ما يعرف قطاع الشمال، مجموعة متمردة حاملة للسلاح إما يحسم عسكرياً أو أن يضع السلاح ويتحول الى حزب سياسي ويلحق بركب السلام مثلما فعلت العدل والمساواة ، وسيظل قضايا داخلية مهما اتفقنا أو اختلفنا بعد فصل القضية الخارجية.. صحيح هناك بعض الأخطاء فى الاتفاق مثل أن يدخل مجلس السلم والأمن ، قطاع الشمال ضمن القرار 2046 ، وهو ما عارضناه منذ البداية ، وقلنا نوافق على ذلك مع تسجيل اعتراضنا على مفهوم قطاع الشمال. *كيف تنظرون لزيارة الرئيس سلفا كير عقب العيد المبارك، وما تأثير ذلك على حسم بقية الملفات؟ الاتفاقات مهما تحدث الناس عنها، أعتقد انها خطت خطوات أكبر من الحكومات ومن الرؤساء أنفسهم لأن الاستعداد النفسي لقضية السلام والتعايش أكبر بكثير جداً مما تم التوقيع عليه فى واقع الأمر، ولتعزيز ذلك نحتاج لضخ الثقة ، هذا حديث وقع فى الورق فى واقع الممارسة مرتبط بتجسير العلاقة بين الدولتين ، ويحتاج ذلك لعدد من الزيارات، وأعتقد أن زيارة الرئيس سلفا كير للخرطوم ستخاطب مخاوف الكثير جداً من الناس لحسمها ، واذا زار رئيس السودان جوبا سيكون ذلك وضعاً طبيعياً، ثم بعد ذلك القطاعات المختلفة، الوزارات، التجار بمجرد تمت الحراك بين الدولتين دون مشكلات ، أعتقد أن هذا التطبيق الفعلي للاتفاقات .. زيارة الرئيس سلفا كير للخرطوم لا علاقة لها بما يتحدث عنه الناس لا علاقة لها بنبش الملفات أبيي أو تكملة ما تبقى من ملفات أو قضايا التى أصبحت لها لجان مختصة ، بالتالى القضايا خرجت تماماً من الرئاسة ، وما تم الاتفاق عليه لها لجان فنية لتنفيذه انتهى موضوعها.. لكن تعزيز الاتفاق هو ما يحتاج لهذه الزيارات، مثل الاتفاق على طريقة التصدير أو فتح البرتوكولات أو أن يأتي الرئيس سلفاكير ومعه بعض الوزراء المختصين مثل ما يحدث فى زيارة أي رئيس آخر لتدعيم حركة التجارة والمواطنين.. اذاً هى زيارة سياسية الغرض منها دعم الاتفاق.. وقيمتها الاخرى أن هناك مخاوف للشماليين فى الجنوبيين والعكس، أن سلفا يواجه معارضة شديدة وانقلاب واغتيالات ، بالتالى الزيارة تعني أنه كرئيس تجاوز تماماًُ الواقع الداخلي بالنسبة له ، وقفز لدعم الاتفاق فى إطار مسئوليته كرئيس دولة بتعزيز علاقته مع دولة أخرى.. عموماً اذا لم تأت هذه الزيارات المتبادلة، ستظل المخاوف باقية.. واعتقد أن الزيارت ستغلق هذه المخاوف وتترك الاتفاق للجان الفنية وعملها الميداني بصورته المعروفة.. كذلك ما يهم أيضاً فى هذه الزيارة ارسال رسالة للمراقبين الدوليين، الذين يتأثرون بآراء الرأي العام وبالكثير من المشكلات الداخلية، بأن حدوث الزيارات يشير لتحسن سير الملفات قدماً وبشكل جاد وفق مقتضيات واقعها .. *من يخلف الرئيس البشير؟ لم تتم مناقشة ذلك داخل مؤسسات الحزب.