«الموسيقى التي تعزف في حفلات الزواج تذكرني بتلك التي تعزف للجنود قبل أن يخوضوا المعارك».. هاينرش هاينة! مزاج الرجل ترمومتر حساس لقياس أحوال الطقس والمناخ في جيبه!.. فكلما كانت الأجواء جافة والمناخ صحراوياً متطرفاً ازداد عبوس الرجل وتضخمت عيوب الزوجة في عينيه، وتفاقمت قابليته لاختلاق المشاكل لأتفه الأسباب..! وكلما كانت الأجواء رطبة والمناخ مطيراً - أو غائماً ينذر بهطول المطر - كان المزاج رائقاً والابتسامة عريضة.. هذا فيما يختص بموقف الأزواج من جيوبهم.. أما موقف الزوجات من جيوب الأزواج ف ينقسم في الغالب إلى شقين يختلفان باختلاف محتويات تلك الجيوب، والتي تنقسم بدورها إلى نوعين هما المال والأيقونات الأخرى ذات الدلالات الخطيرة التي تتعلق بالغيب الذي قد يهدد عرش الزوجة وينذر بتقويض أركان مملكتها المترامية الأطراف..! ومع حرصهم على المال يترك الأزواج تلك الأيقونات سهواً ومعظمها ترمز إلى وجود أنثى أخرى عابرة في حياة الزوج أو متحكرة في تضاريس عاطفية لا تستطيع الزوجة الولوج إليها..! بالطبع هنالك زوجات ليست لهن مواقف مسبقة - أو آنية أو حتى مستقبلية - من محتويات جيوب الأزواج لأنهن يتمتعن بقدر معقول من الوعي والطمأنينة التي تكون سبباً رئيساً في الثقة بالذات وبالشريك، وهذا النوع من الزوجات لا يحفل بما في الجيب ولا يقلقه ما في الغيب..! ولأن ما يجب أن يكون عليه الحال شئ وما يكون عليه الحال شئ آخر فإن الكثير من الزوجات النمطيَّات لهن مواقف قلقة من جيوب الأزواج..! ومواقف الزوجات من «القريشات» تختلف باختلاف التربية والوعي وطبيعة الشخصية وتتلون وتتمرحل بدءاً بإلقاء نظرة عابرة لمجرد الاطمئنان.. مروراً بمد اليد مع الاستئذان و.. انتهاءً بالسرقة أو الحرابة (عديل) إذا اقتضى الأمر..! أما مواقفهن من (الأيقونات) الأخرى ف تتمثل في التنقيب في دهاليز الهواتف النقالة لرصد أي رسائل أو «نِمَر» تفوح منها روائح الخيانة.. كذلك نبش الأوراق والفواتير ...إلخ.. والسبب في هذا الهلع الشديد هو الخوف من الغيب المتمثل في الزواج من أخرى..! بعض الزوجات يكتفين بالرقابة السرية أو الصامتة، وبعضهن يمارسن الرقابة العلنية المطعمة بالتهديدات المبطنة، وهذا الأمر شائعٌ في معظم البيوت السودانية.. وتختلف درجة إحكام الرقابة مع التهديد - في هذا المقام - باختلاف سن الزوجة..! لكن الحقيقة العارية عن المجاملة لبنات جنسي هي أن تفتيش جيوب الأزواج أو التجسس على هواتفهم النقالة جنحة أخلاقية لا يوجد ما يبررها سواء صدرت عن الزوج أو الزوجة لا فرق..! لابد من مساحة حرية وخصوصية تمنحها الزوجة لزوجها حتى لا يحدث الاختناق الذي تعقبه الانفجارات إياها..! والحقيقة أن تعرض الأزواج لبعض الهواء المختلط أو الملوث لا يضر كما تعتقد معظم الزوجات بل يسهم في تسليم الأزواج ب قيمة الهواء النقي.. الشعور بالحصار يفزع الأزواج ويشعرهم بالاختناق.. بينما الحكمة الذهبية تقول إنّ الإفراط في فرض الرقابة هو السبب الرئيس لنشوء حركات التمرد..!