كم هي بائسة الأرقام التي ظلت تسجلها صحافتنا السياسية اليومية على دفاتر التوزيع.. كل الصحف تتنافس على قاعدة قراء فقيرة لا تتجاوز في مجملها اليومي ال (300) ألف قارئ. ظللت أراقب صدور كثير من الدراسات بعضها بعلم المجلس القومي للصحافة والمطبوعات وآخر يتطوع من تلقاء نفسه، ربما للإسهام في قراءة الواقع المتردي لصحافتنا، وهذا جهدٌ يتفق الناس أو يختلفوا حوله لكن من المؤكد أننا نحتفي بنجاحات الآخرين أياً كانت الجهة التي تمنحهم شهادة البراءة.. ولكني حريص على ألاّ يأتي الاحتفاء ب (الذات الصحفية) خصماً على جهد ومسيرة وصورة الآخرين. من المهم جداً ألاّ نتعامل مع الدراسات بزهو ونفرح بها على طريقة تلاميذ (الأساس) (دا الأوّل وداك الطيش).. فالأمر يحتاج إلى (بُعد نظر) يتجاوز بالصحافة واقعها البائس، يوسع نطاق حريتها وقاعدة قرائها ويدعم مؤسسيتها ويُهيئ الأوضاع الصالحة لشبابها المحبط وهو يتحوّل إلى (مجموعة بنغالة) تتعرّض لظلم الحسن والحسين. ظللت أراقب الدراسات التي تصدر هنا وهناك.. ولعلي هاتفت بعض من وقع عليهم الاصطفاء من صحف وزملاء، كذلك حرصاً مني على علائق بالوسط الصحفي تستند إلى أنّنا جسدٌ واحدٌ، وان التحديات التي تُواجهها مهنتنا تتطلب أن نكون متكاتفين ومُترابطين.. (الرأي العام) كان لها نصيبٌ من هذا بالطبع.. غير أني فوجئت بدراسة نشرتها الزميلة (الإنتباهة) أمس تحمل ترويسة (المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية) بعنوان (تقرير التحقق من الانتشار للصحف خلال شهر الفترة من (يناير ? أكتوبر 2012م) يتضمن جداول تصنف وضعية الصحف في السوق. المجلس ومثل ما هو معروفٌ مسؤولٌ عن كل الصحف.. وكان الأولى أن يكون النشر جماعياً.. أن تفاجأ الصحف بنتيجة أدائها السنوي من صحيفة زميلة نكن لها كل التقدير- فهذا أمرٌ مُؤسفٌ ومُجحفٌ وينطوي على سلوك غير مؤسسي من حق الجميع الاحتجاج عليه. هنالك ملاحظة فنية يمكن أن تطعن في التقرير الذي نشر، إذ أنّ القراءة النهائية اعتمدت على أيام الطباعة التي تفاوتت خلال الأشهر العشرة من صحيفةٍ لأخرى. هنالك صُحفٌ أحرزت النمرة الكاملة في أيام الطباعة (305) أيام، وهنالك أخرى لم تصل إلى النمرة الكاملة ? (الرأي العام) مثلاً لا أذكر أنها احتجبت خلال الفترة المعنية لأكثر من 4 أيام -(في العيدين)، فكيف نجد تفسيراً للتفاوت في الأرقام وقد بنى المجلس ترتيب توزيع الصحف على أرقام الطباعة. استند هذا التقرير على إحصائيات وفّرتها المطابع وشركات التوزيع.. ومعلومٌ أنّ جهات عديدة بين الصحف المذكورة تملك مطابع خاصة، فكيف تم التثبت من دقة الأرقام الواردة. السؤال المهم الذي من المفترض الإجابة عليه يقول: هل تم الاستئذان من الجهات التي ورد اسمها في التقرير حتى ينشر هكذا بكل أرقامه أمام الملأ.. فمثل ما أن هنالك جهات هلّلت للأمر واعتبرته انتصاراً وتتويجاً، أرى أن هنالك صحفاً تتضرر قاعدة قرائها ومعلنيها بنشر مثل الذي أورد في تقرير أصدره مجلس الصحافة.. كنت أتمنى إما أن يكون سرياً ليس للنشر أو متاحاً للجميع.!