مع مطلع العام الجديد حملت الانباء عزم القيادتين في كل من الخرطوم و جوبا على ترجمة بوادر حسن النوايا التي ظهرت من كليهما و هما يودعان عاما انصرم حمل معه كثيرا من الاخفاقات و بعض الانجازات فيما يلي مسئولياتهما المباشرة عبر وفودهما المتفاوضة على حل قضايا الملفات الشائكة و تطبيق ما اتفق عليه في الاتفاقيات الموقعة بينهما و آخرها اتفاق التعاون المشترك بعقد قمة تجمع بينهما في اديس ابابا يوم غد الجمعة ،و لم يتأخر رد البشير كثيرا فقد وافق عليها فور تسلمه امس الاول الدعوة من الرئيس الاثيوبي عبر القنوات الرسمية كما اشار مكتب السكرتير الصحفي بذلك ،مهد لها الطريق رئيس الوزراء الاثيوبي في زيارته التاريخية و الاولى له منذ توليه رئاسة وزراء اثيوبيا خلفا للراحل ملس زناوي لكل من الخرطوم و جوبا الاسبوع الماضي .و تفيد الانباء ان رئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ماريام عقب وصوله الى اديس و في اعقاب الضوء الاخضر الذي حصل عليه ابان عقده لقمة مع البشير اولا ثم سلفاكير بعث دعوات للرئيسين كل على حدة لعقد قمة يعتبرها المراقبون فاصلة لجهة وضع الاسس السليمة لطي آخر ما تبقى من ملفات عالقة بين البلدين . و بدأت بوادر حسن النوايا و الرغبة في فتح صفحة جديدة تؤطر لعلاقات تفضي للتطبيع و منفعة شعبيهما عندما اعلن الفريق سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب خلال كلمته بمناسبة العام الميلادي الجديد امس الاول ان بلاده على استعداد لسحب قواتها من الحدود مع السودان من اجل تسهيل بدء عملية نشر بعثة المراقبة المشتركة لانفاذ المنطقة منزوعة السلاح التي اتفق عليها الوفدان في اجتماعات اللجنة السياسية الامنية المشتركة التي عقدت اجتماعها مؤخرا باديس ابابا برئاسة وزيري الدفاع و مشاركة الآلية رفيعة المستوى و الوسيط المشترك بين الطرفين ،و اردف سلفا الخطوة بتجديد استعداده للمشاركة في القمة التي دعا لها رئيس الوزراء الاثيوبي مع الرئيس البشير باديس ابابا لبحث كيفية انفاذ اتفاقيات التعاون و رأي سلفا وفقا لما نسب له ان عملية سحب قوات الجيش الشعبي من الحدود من شأنها تحقيق السلام و الاستقرار على الشريط الحدودي بين البلدين، و قال ان جوبا متمسكة بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين كافة و ضرورة تطبيقها . الرئيس البشير من ناحيته رد التحية باحسن منها عندما اعلن انه قبل دعوة رئيس الوزراء الاثيوبي للالتقاء بالفريق سلفا كير، و قالت السكرتارية الصحفية للرئيس ان موافقة البشير جاءت تلبية للدعوة التي تلقاها عبر الاطر الرسمية من الشقيقة اثيوبيا .. و لفت المكتب الصحفي للرئيس الى ان القمة ستنظر في تنفيذ بروتوكولات التعاون الموقعة بين دولتي السودان و جنوب السودان في سبتمبر من العام الماضي. وكان الرئيس البشير قد شدد خلال مخاطبته احتفالات البلاد بالعيد 57 لاستقلال السودان و افتتاح مشروع تعلية خزان الروصيرص بالدمازين امس الاول استعداد الحكومة لتنفيذ اتفاقيات التعاون مع جنوب السودان حتى تصبح الحدود بين البلدين لتبادل المنافع و العلاقات الاجتماعية مجددا الدعوة لجوبا للعيش في سلام و جوار آمن مع الخرطوم ، و قال : (نحنا وافقنا على انفصال الجنوب من اجل السلام).انعقاد القمة المرتقب برأي بعض المراقبين يؤشر في حد ذاته بغض النظر عن ما تسفر عنه من نتائج ان الخرطوم و جوبا عازمتان على استمرار الحوار دون كلل بحثا عن حلول مرضية لكليهما للمسائل العالقة دون التأثر بالمعوقات التي تعترضهما كمنطقة الميل 14 .و السودان ظل كما يقول السفير عبد الوهاب الصاوي مدير الادارة السياسية برئاسة الجمهورية يؤكد على الدوام حرصه على تحقيق السلام مع دولة الجنوب الجارة الجديده تحت مظلة الاتحاد الافريقي و الفريق الوسيط ، و اعتبر ان انعقاد قمة الرئيسين مستبقة قمة الاتحاد الافريقي المقررة نهاية الشهر الجاري سترفع سقف التوقعات بحل ملف ابيي داخل الاطار الافريقي بعيدا عن محاولات التدويل و حمله لمجلس الامن الدولي كما سعت بعض الدول على رأسها الولاياتالمتحدة بالتنسيق مع بعض قيادات دولة الجنوب من ابناء ابيي .و يتوقع ان يقف الرئيسان على مستوى تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين و القرارات التي اتخذت خاصة وان كل ما تضمنته الاتفاقيات الثمانية المنضوية تحت اتفاقية التعاون المشترك تمت معالجتها عبر اللجان المشتركة المتخصصة بما فيها المصفوفة الاخيرة التي اتفق عليها في اللجنة السياسية الامنية المشتركة ، بجانب تهيئة الاجواء المواتية للاتيام من خلال تقريب المسافات للملفات التي ما زال الجدل حولها قائماً و لم يصل الى منطقة وسطى ترضي الطرفين . بجانب ذلك فان انعقاد قمة البشير سلفا يبدد مخاوف البعض و يؤكد ان هايلي ماريام رئيس الوزراء الاثيوبي الجديد يمضي في ذات الطريق الذي وضعه الراحل ملس زناوي الذي اهله طيلة الاعوام السابقة على نيل ثقة الطرفين و ثقة القارة جمعاء خاصة انه كان يبدي كل الحرص كما شهد بذلك مدير الادارة السياسية برئاسة الجمهورية على حسم الملفات الافريقية بما فيها ملف خلاف الخرطومجوبا داخل اسوار القارة و تحت مظلتها الاتحاد الافريقي و الآليات التابعة له .و استبعد مراقبون ان يطرح ماريام مبادرة جديدة لطي ملفات الخلاف بين البلدين و اكدوا ان كل الحلول لقضايا الخلاف موجودة و متفق عليها ،اما في الاتفاقيات او المصفوفة المتعلقة بالملف الامني اكثر الملفات تعقيدا و ان المطلوب فقط اعطاء الرئيسين الاشارة الخضراء لوفديهما المفاوضة في القضايا التي يستلزم اخذ القرار فيها اعلى المستويات . و مضى السفير العبيد أحمد مروح الناطق باسم الخارجية في ذات الاتجاه الذي يشير الى ان القمة ستحدث الاختراق المطلوب في الملفات و اعتبر القمة مهمة لجهة ان بعض الملفات تستلزم قرارات على مستوى اعلى و قد ثبت ذلك عمليا في القمة الاخيرة للرئيسين خاصة ان بعض القضايا لم يكن بوسع اللجان حسمها ، و هنا يرى العبيد ان القمة تكتسب الاهمية المطلوبة ، بجانب ذلك فان مسار بناء الثقة بين البلدين يتطلب ترجمة عملية على ارض الواقع و هذا بالضرورة يستوجب الاشراف المباشر للرئيسين على بعض الامور لتجاوز بعض التفاصيل التي يتمسك بها الطرفان ،اضف الى كل ذلك ان التجربة التي عاشها البلدان بحسب العبيد منذ انفصال الجنوب اثبتت ان ايا منهما لا غنى له عن الآخر و ان السعى لخلق علاقات جيدة بينهما يعد ضرورة للطرفين خاصة دولة الجنوب ، فالمطلوب اذاً ليس فقط علاقات حسن جوار بل تعاونا مثمرا و هذا ما يتوقع ان يشكل احد الاجندة التي تناقشها القمة المرتقبة .و يقول السفير العبيد ايضا ان قناعة الطرفين باهمية التبادل المشترك للمنافع و التي شكلت قناعة للطرفين اصبحت هي الاخرى قناعة مشكلة لدى المجتمع الدولي بكل الوانه سواء الذي لديه علاقات جيدة مع الخرطوم او الاطراف الاخرى التي تتخذ مواقف سالبة من السودان، بما في ذلك واشنطن بان دولة الجنوب لن تقوم لها قائمة اذا ظلت علاقتها غير جيدة مع السودان .اذن كل الآراء ووفقا لكل تقديرات كل المراقبين و المحللين ان القناعة التي توصل لها المجتمع الدولي بكافة تشكيلاته مسنودة بالقناعة الاقليمية المعضدة بالجهد الاثيوبي بضرورة حمل البلدين لخلق علاقات جوار جيد يستوجب تدخل الرئيسين المباشر لتسوية ملفات الخلاف و تنسيق المواقف في اطار ما اتفق عليه عبر الوفود المفاوضة خاصة مصفوفة القضايا الامنية الاخيرة و هذا ما يعول عليه الشعبان في السودان و جنوب السودان والوسطاء ، بل والمراقبون في الداخل و الخارج في قمة الجمعة المرتقبة.