الحديث عن المال في السودان يعتبر من المناطق شديدة الحساسية في التناول، لأنه يذهب دوما في إتجاه الفساد، فمعظم المال العام حوله عدد لا يحصى من علامات الإستفهام بحثاً عن إجابات وتأتي النتيجة في الغالب لا توجد إجابة، ونقرأ في الصحافة السياسية أخباراً شبه يومية عن تجاوزات واختلاسات في المال العام وعن أجسام يتم تكوينها لمحاربة الفساد الذي فاحت رائحته وأزكمت الأنوف مثل مفوضية مكافحة الفساد. الرياضة لا تنفصل عن الواقع، وبالتالي من الطبيعي أن تطرح أسئلة كثيفة حول الأموال وحركتها في الوسط الرياضي، وفي مقدمة هذه الأسئلة ما هي مصادر هذه الأموال؟ هل يدفعها فرد واحد أم عدة أفراد أم مؤسسات أم جهات مجهولة؟ وظلت هذه الأسئلة مطروحة على مدى سنوات ليس بالقليلة في هذا الوسط، وظلت دائماً ترتد بدون إجابات. والشيء المخيف في هذا الموضوع أن هناك من يسعى لترسيخ قبول الأموال التي تدخل المنظومة الرياضية دون سؤال عن أصلها وفصلها، مثال رجل المال الفلاني (لأنه لا توجد أعمال كثيرة إن لم تكن معدومة) دفع مئات الملايين أو المليارات، يسعد البعض بسذاجة لوجود مثل هذا الدافع، رغم أن الحالة تستدعي الحزن، لأن رجل المال الفلاني إذا كان يدفع الملايين أو المليارات وهو في منصب حاكم بمعنى رئيس مجلس إدارة أو عضو مجلس تكون المصيبة مصيبتين، فهو يدفع المال وفق رؤيته وإمكانياته الشخصية وليس وفق رؤية النادي وإمكانياته المالية، والفرق كبير بين الاثنين فهو عندما يدفع بدون حساب لأن تحت يده أموال طائلة، يدخل النادي بهذا السلوك الذي يدخل في باب السفه أي الصرف غير المرشد للمال في ورطة حقيقية تتمثل في أن النادي يتحرّك أبعد من إمكانياته الحقيقية، ويورطه في سقف عالٍ من الصرف. الأخطر في هذه الطريقة للتعامل مع المال العام، لأنّ المال المدفوع حتى لو من عضو مجلس أو رئيس نادٍ أو قطب من أقطاب النادي يتحول إلى مال عام في ذات اللحظة التي تم فيها استخدامه لشأن من شؤون النادي من تسجيل للاعبين أو لمنشآت خاصة بالنادي، الأخطر في هذا الموضوع أن مثل هذه الأموال على الورق مجهولة المصادر، بمعنى أن الجهة التي تدفع المال لا تظهر في المستندات المالية الخاصة بالنادي، وبمعنى أكثر وضوحاً هي أموال تدور خارج القناة المالية، ولا يعرف عنها أمين المال أي شيء ولا تظهر في المستندات كما ذكرت تحت أي بند من البنود مثل التبرعات أو غيرها من البنود المالية المعروفة. رغم اختفاء الجهات التي تدفع المليارات من الميزانية التي يتقدم بها مجلس الإدارة لجمعيته العمومية عند مناقشة خطاب الميزانية أمام الأعضاء، ورغم اختفاء أسماء رجال المال من الميزانية تحت أي بند من البنود، إلاّ أنّ وسائل الإعلام الرياضية تطالعنا بصورة تكاد تكون يومية عن مبالغ فلكية يدفعها هؤلاء وأولئك في كل التفاصيل المتعلقة بالأندية، ومع ذلك لا تظهر في التقارير المالية. الأكثر غرابةً في هذا الأمر والذي يزيد من علامات الاستفهام حول الأموال التي يتم ضخها في الرياضة، أن بعض رجال المال يطالبون بمديونيات عن مال تم دفعه في فترات تواجدهم في مجالس الإدارات. والبعض الآخر تحمل الأخبار أنه عفا ديوناً بالمليارات، مع أن الديون في الحالتين لم تثبتها مستندات مالية رسمية. مُش حاجة غريبة؟ واللاّ عادي في زمن الزبادي؟