أنهى رؤساء دول وحكومات أمريكا الجنوبية وافريقية قمتهم الثانية التي انعقدت أواخر سبتمبر الماضي بجزيرة مارغريتا الفنزويلية الواقعة على البحر الكاريبي بإصدار بيان مارغريتا الختامي. وأكد البيان في ختام القمة التي رأس جانب السودان فيها الاستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية على تشجيع أطر التعاون بين دول الجنوب - جنوب كهدف رئيسي لكلا المجموعتين وصولاً لاستكمال التعاون والترويج لمشروعات النمو المستدام والإتفاق على تبادل الخبرات وتشجيع التعاون، وأكد البيان عزم القادة على الترويج للسلام والتعاون الدولي استناداً إلى الالتزام بتعددية الأطراف ومراعاة القانون الدولي وتعهدوا بنزع السلاح وعدم نشر الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ومكافحة تجارة الأسلحة الصغيرة. وأعلن البيان أيضاً دعم التجمع لمقترح إصلاح مجلس الأمن الدولي كعملية تضمن مشاركة اكبر للدول النامية، وتحسين أساليب عملية وتصحيح الاختلالات الحالية وتحويله الى هيئة أكثر ديمقراطية وشفافية وتمثيلاً وشرعية بحيث يستجيب للوقائع السياسية الجديدة.. وتعهد القادة في بيانهم بالعزم على مكافحة أشكال الجريمة المنظمة والعابرة للأوطان ومكافحة الإتجار بالبشر وأسلحة الدمار الشامل كافة. وأعلنوا التصميم على تطبيق آليات المتابعة وخطط العمل من أجل تطوير المؤسسات العاملة في هذا المضمار، واعترف البيان بالآثار الضارة للمخدرات وتعهدوا بالدفع بمبادرات ومقترحات من أجل مكافحة الظاهرة في نطاق المنطقتين. وعلى الصعيد الثنائي وفيما يتعلق بالسلام والأمن أعلن القادة التزامهم بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين وحل النزاعات سلمياً وتطبيق مباديء التهدئة المناوئة للتهديد بالقوة أو باستعمالها في العلاقات الدولية. وأكد البيان دعم المجموعة لعمليات السلام في افريقيا وتمتين آليات فض النزاعات الموجودة والعمل على تقوية الإجراءات التي تدفع بالثقة والتعاون في مجالات الدفاع والأمن بصفتهما أفضل الوسائل لضمان الاستقرار والأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان، وشددوا على ضرورة الحل السلمي لأي نزاع وفق ميثاق الأممالمتحدة بصدد الاستقرار الإقليمي أو العالمي والعزم على إتخاذ الإجراءات الفعالة ضد أي تهديد للسلام والأمن ينجم عن الأسلحة الكيماوية والنووية والإتجار المحرم بالأسلحة والذخائر والمتفجرات والنزوع للسلام والأمن بين المنظمات والآليات، ونوه البيان للآثار الضارة للمخدرات والإتجار فيها وآثارها على الأمن والسلام. وشدد على ضرورة حل النزاعات سلمياً والتأكيد على أن حقوق الإنسان شاملة وغير قابلة للتجزئة، واستنكروا العنصرية والتمييز العنصري والكراهية للأجانب باعتبار أنها تتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة، والتأكيد على حماية حقوق الطفل وإدانة أي إجراء قانوني أو انفرادي يستخدم وسيلة للضغط السياسي والعسكري. وفيما يتعلق بالزراعة طالبوا بإعداد دراسات مشتركة لتحقيق الأمن الغذائي وحق المواطنين في الحصول على الماء والعمل على مكافحة مشاكل الفقر والجوع وتشجيع التجارة والاستثمار بين دول الجنوب - جنوب، واعترف القادة بالأزمة المالية وتعهدوا بإنشاء هيكلة مالية دولية جديدة تقوم على أساس ديمقراطي في إتخاذ القرارات والمشاركة المتوازنة للأطراف كافة وأخذ وجهة نظر الدول النامية ورفض إحالة الخسائر الناجمة عن الأزمة للبلدان النامية من خلال تطبيق آليات الحماية المالية والالتزام برفع مستوى التعاون في مجال الطاقة والترحيب بمبادرات الإندماج الكامل للمهاجرين وجمع شمل عائلاتهم. وفيما يتعلق بالبىئة شدد البيان على ضرورة تحديث أهداف معاهدة كيوتو وتقليص الإنبعاث الحراري بالبلدان النامية، ومطالبة البلدان المتقدمة بالالتزام السياسي الثابت لينسجم مع مسؤولياتها، وكلف المؤتمر لجنة المتابعة باقتراح مبادرات جديدة ومراجعة التطبيق ونشر المعلومات الخاصة بتدابير التعاون ومتابعة قرارات وتوصيات القمة، وختم البيان بموافقة القادة بالإجماع على عقد القمة الثالثة بالعاصمة الليبية طرابلس. وعلى الرغم من أن السمة الاساسية للقمة مناقشة القضايا غير ذات الاختلاف بين القادة في المجموعتين الا أن قضية تعريف الارهاب وتعريف الدولة الارهابية كانت محل خلاف كبير بين اللجان التحضيرية للمؤتمر وشكل مقترح ازالة الحزام الاخضر اعتراضات قوية من افريقيا خاصة ساحل العاج التي أصرت على ابقائه فيما سعت دول امريكا اللاتينية للعمل على إزالته حتى تتمكن من إستغلال الثروات النفطية الموجودة تحت الحزام وكانت المشاركة على مستوى الرؤساء لدول المجموعة التي تبلغ «66» دولة ضعيفة خاصة من الجانب الافريقي. ومثل السودان في المؤتمر نائب رئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه الذي أكد في كلمة قوية أمام المؤتمر ان السودان لن يخضع للمواقف والاملاءات وقد عانى من تسييس المواقف لحمله للخضوع. وقال ان مشكلة دارفور حلها يتم عبر الجهود المحلية والاقليمية وأن الجهد، ينبغي ان ينصب لايقاف الحرب وتحقيق المصالحات. وقال ان الامكانيات الكبيرة في دارفور جعلت منها مسرحاً لصراع القوى الكبرى منوها القادة الى أن إستهداف الرئيس البشير من قبل محكمة الجنايات الدولية يأتي في سياق منع استغلال تلك الموارد. ولفت طه انتباه القادة الى أن الرئيس البشير الذي اوقف اطول حرب في افريقيا بدل أن يكافأ يتم إتهامه لأنه رفض الاستجابة لسياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة، واتهم بعض القوى الدولية بمحاولة ضرب السودان اقتصادياً حتى لا يكون نموذجاً يحتذى في المنطقة ووضع طه امكانيات السودان تحت تصرف المجموعة للمساهمة في حل مشكلة الغذاء للشعوب وتحقيق الشراكة الاقتصادية مع دول امريكا اللاتينية، واعتبر الأفكار التي طرحها القادة المشاركون مؤشراً لنجاح القمة وان الدعوة لاستغلال الثروات تشكل مدخلاً مهماً لبناء كامل الثقة. ويرى مراقبون ان توفير آليات لمتابعة القرارات صفة مميزة لتحويل الخطب التي درج القادة على تقديمها الى تنفيذ عملي. واضافوا ان الموارد الضخمة خاصة في مجال النفط والمعادن والزراعة تشكل ارضية خصبة لتعاون دول الجنوب - جنوب. ويعد المؤتمر خطوة لتأسيس تجمع كبير خاصة وان هنالك أوجه تشابه بين أفريقيا وامريكا اللاتينية شجعت لمجموعة الاطلسي في خلق شراكة في افريقيا.تميزت خطب القادة التي استغرقت كل زمن القمة بالفهم العميق لقيام التجمع حتى لا تفرض عليه اجندة خارجية وشكل مقترح العقيد معمر القذافي الخاص بتشكيل لحلف الساتو من دول المجموعة لموازنة الناتو نفقة فارغة في تغطية الفراغ بين امريكا الجنوبية وافريقيا. وتوقع المراقبون ان تشهد المنطقة تجارة نشطة بين البلدان خاصة وأن هناك مقدرات هائلة للدول تشكل ارضية للانطلاق اضافة الى أن تشديد دول المجموعة التي تشكل «08%» من شعوب العالم على تغيير موازين القوى داخل مجلس الامن يمثل حقوقاً جريئة جديدة لكسر هيمنة الدول الكبرى المسيطرة على المجلس. السودان برئاسة نائب رئيس الجمهورية والوفد الرفيع المرافق له تمكن من تحقيق أهدافه داخل القمة لما طرحه من أفكار وعلى هامشها من خلال اللقاءات الكثيرة الناجحة لرئيس الوفد مع عدد من الزعماء ورؤساء الوفود .كما عمقت المشاركة العلاقات بين السودان وفنزويلا حيث تم توقيع اتفاقية في مجال التعاون النفطي ستلحقها اخرى خلال الزيارة المرتقبة لوزير المعادن في مجال التعدين وستدفع سفارة السودان في كراكاس التي شرع سفير السودان المعتمد لدى فنزويلا عبد الرحمن شرفي في تأسيسها في دفع مجال العلاقات بين البلدين وامريكا اللاتينية تعقبها خطوات اخرى للسودان للانفتاح على دول أمريكا الجنوبية خلال الفترة القادمة.