جريمة قتل غريبة شهدها ميدان جاكسون الكائن فى قلب (عاصمتنا الحضارية) حيث فجعت الخرطوم- التى مازالت (مخضوضة) بعد أن رأت أحدهم ينهال على زوجته طعناً فى رابعة نهار السوق العربي ويرديها قتيلة أمام أعين المارة. ومصدرالغرابة ليس فى (جريمة القتل) فقد تعودت آذاننا على حكايات الدماء المسفوح،وإستساغت أعيننا قراءة أخبار الحوادث التى تضيف فى كل يوم بؤساً لواقعنا الأمني، ولكن هنالك جملة ملاحظات مقلقة تستدعي الإنتباه والإهتمام . أولاً: الحادثة هي الثانية لقتيلة يسقطها الإستعلاء الذكوري الباطش خلال 48 ساعة، فقد سبقتها ضحية أخرى التحقت بالرفيق الأعلى نتيجة لخلاف زوجي أدى لضربها حتى فارقت الحياة مخلفة طفلين لاحول لهما ولا قوة (الطاهر 3 أعوام، وأشجان عام واحد) . ثانياً: الحادثة وقعت فى قلب الخرطوم نهاراً جهاراً وأمام أعين المارة بما يشيرإلى إنعدام أي إحساس لدى الجاني بان مظلة الأمن قريبة من مسرح الحدث . ثالثاً: إستعراض الجرائم العديدة التى شهدتها الخرطوم كان يشير إلى أن القتلة يرتكبون جرائمهم بدم بارد و(مهلة شديدة) دون أدني إحساس بالخوف.. رابعاً: جزء كبير من آليات الحد من الجريمة توفير إحساس لدى المجرمين بان أيدي الشرطة أقرب إليهم من رجوع الطرف وهو أمر لم يتوفر فى كل ما سبق من جرائم. خامساً: المظلة الأمنية التى لا تردع جانٍ من تنفيذ جريمته فى وسط الخرطوم، لايمكن أن توفر إحساساً بالخوف لاخرين يتحركون بوحشية لسفك الأرواح فى ام بدة والحاج يوسف والكلاكلات. الأسئلة التى يجدر بقيادة الشرطة الرد عليها: لماذا نسمع بالإنتشار الكثيف للشرطة دون أن نراه أمناً يتنزل على واقع الناس،؟ أهو إنتشار(للعرض) فقط..ام لتحقيق الأمن والطمأنينة..؟ -لماذا تضاءل سير الدوريات وأين هي من ضواحي الخرطوم وفرقانها النائية؟ - هل صحيح أن هنالك مشكلة وقود تجعل من حركة هذه الدوريات محدودة للغاية؟. هل يمكن القول إن توزيع الأمن بات أمراً طبقياً بمعني أنه يتكاثف فى الرياض والمنشية والعمارات ويتضاءل فى أمبدات والكلاكلات؟ -أين كبسولات بسط الأمن الشامل ولماذا تحول بعضها إلى أوكار مهجورة وقلت هيبتها فى التصدي للقتلة وزوار الليل؟. -هل صحيح أن هنالك إهمال للبلاغات التى ترد إلى محاضر الشرطة من قبل المواطنين؟ - هل يمكن القول إن عدم إحساس المواطنين بالأمن كان سبباً للشراهة الواضحة فى -اقتناء السلاح- الأمر الذى يفتح باباً جديداً للخطر؟. شخصياً لدي تجربة فى الإستعانة بالشرطة حينما سجل أحد زوار الليل (هاتريك) فى منزل الوالد- أطال الله عمره بالكلاكلة شرق- ونفذ ثلاث سرقات خلال أقل من شهر. وقد سردت الواقعة هذي فى منتدي ضم عدداً من قيادات الشرطة بينهم اللواء (الموهوب) والرجل (الحبوب) عابدين الطاهر فقد سجلنا على إثر هذه السرقات بلاغين فى محاضر الشرطة لكن أحدهم لم يتكرم بزيارة موقع الجريمة على الأقل علماً بان منطقة الكلاكلة شرق مازالت وحتى لحظة كتابة هذا المقال تعج بالسرقات الليلية.