فى خازنة ذاكرتى اللندنيّة فتاة من هناك كانت لشاب سودانى مشروع (زوجة فريند)... ذات خلاف بينهما فَسّرَتْ الفتاة كلمة (السودان) بأنّها وصف لبشرة السودانيين وليس للون أرضهم... فرَدّ عليها السودانى الإهانة بأسود منها فوقفَ وقفة احتجاجيّة فى هايد بارك أفرغَ فيها سودانيّته المكبوتة، ومنح لسانه حريّة التعبير دُون أنْ يعرف هل هذه ديمقراطيّة أمْ ديماجوجيّة، فقال: انّه من بلد يلتقى فيه الأزرق بالأبيض فينتج اللون النيلى الممزوج بالطمى... نحن أصحاب اللون الطَمَوى! لمن يسمعون أو يعقلون أو يشكّلون فإنّ الأسود لون الأصل، فلولا أنّ الليل لونه أسود لما عرفنا السَكَن والسَكينة وسُكون الليل... السواد هو لون الكعبة التى يطوف حولها أكثر من مليار حاجاً أو معتمراً أو باحثاً عن فرصة عمل... واللون الأبيض لم يحتكر لون السينما فى طورها الأوّل فقد كانت تلك السينما أسود وأبيض! اللون الأسود من ألوان الثروة، فالنفط هو الذهب الأسود... ومن ألوان التجميل (كُحْل العين)، وكل من ابيضَّ أو تَرمّدَ شَعره بحث عن البديل الأسود... وأحلى الأعسال بعد عسل النحل هو العسل الأسود... وإذا هدّدتنا أمراض الاستقلاب نترك الخُبز الأبيض ونبحث عن الرغيف الأسمر والحَبّة السوداء!.... والاسود هو عميد عائلة الخضرة السودانية، والبحر الاسود هو زينة دول البلقان، ويتصارع المسلمون جوار الكعبة لتقبيل الحجر الاسود! السواد هو عباءة الخليجيات وبنات شبه الجزيرة العربيّة وشادور الايرانيّات وجرجار النوبيّات فى السودان ومصر... وفى التراث العربى نظريّة للجمال: قلْ للمليحة فى الخِمار الأسود... والأسود هو لون زى الشُرطة فى البلاد الباردة شتاءً! تكمن أسرار الطيران ورصد حركة الطائرات فى الصندوق الأسود... ورمز القوّة فى الملاكمة النمر الأسود، وشفرة التفوّق فى الكاراتيه الحزام الأسود، ومن تكنيكات نمط الحياة الصحيّة إلتزام الأسودين: التمر والماء... ومن التعبيرات التقديريّة التكريميّة لإنسان: علشان سواد عيونك! قارة كاملة من قارات الله الست أو السبع (قارة افريقيا) يمنحها بعض الجغرافيّين لقب القارة السمراء، وبعضهم الآخر يمنحها لقب القارة السوداء... عندما تود الإشادة بسلامة اللغة العربيّة المكتوبة أو المنطوقة لرَجل أو امرأة فربّما تقول له: لغتك من لغة أبى الأسود الدؤلى... ولهذه الأسباب فإنّ مقالى اليوم مُسَوّدٌ بالبنط الأسود!!