في الحلقة الأولى استعرضنا (نماذج مؤلمة) لحالات اغتصاب ضحيتها أطفال صغار من الجنسين، منهم أطفال في مرحلة الرضاعة تعرضوا لانتهاك الذئاب البشرية بوحشية وقسوة .... من خلال هذه الحلقة الثانية نجيب عن تساؤلات عالقة كثيرة. ما هي أعراض الاغتصاب؟ كيف يعرف الوالدان أن طفلهما تعرض لعملية تحرش جنسي أو اغتصاب كامل؟ وما هو الإجراء السليم الذي يفترض إتباعه عند اغتصاب الطفل؟ وما هي العواقب النفسية الوخيمة المترتبة على عدم عرض الطفل المغتصب على الخبير النفسي؟ وكيف يمكن امتصاص صدمة الاغتصاب من الأطفال الضحايا؟ ولماذا الشواذ جنسياً تركوا قواعد الفطرة التي خلقوا عليها وتحولوا إلى مثليين ومغتصبين للأطفال؟ ولماذا تقع معظم جرائم اغتصاب الأطفال بالأحياء الطرفية الفقيرة؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات التربوية والمنظمات الناشطة في مجال حماية الأطفال من العنف لمكافحة هذه الظاهرة الممتدة؟ التحقيق التالي يجيب عن كافة هذه التساؤلات .... في الحلقة الاولى من التحقيق :(اغتصاب الاطفال :الاسباب..المعالجات ..الوقاية) استعرضنا نماذج مؤلمة وغريبة لحالات اغتصاب تعرض لها الاطفال بالخرطوم والولايات ..وفي الحلقة الثانية إلتقينا بالخبيرة النفسية (جيهان عبد الغني )التى قدمت روشتة نفسية (اعراض الاغتصاب )بموجبها يمكن للوالدين التعرف ان طفلهم تعرض للاعتداء الجنسي ..كما استصحبنا في نفس الحلقة آراء مجموعة من المحامين المتطوعين امام المحاكم لتقديم المشورة القانونية والعون القانونى للاطفال..ومن خلال هذه الحلقة التالية نلتقي المستشار مولانا (بدرىمحمود السنجاوي)وكيل نيابة سنجة ولاية سنار والذي التقيناه بحاضرة الولاية ,اثناء زيارتي الصحفية لها لمتابعة قضية مدير مدرسة الاساس بمدينة الدالي ,المتهم باغتصاب تلميذه البالغ من العمر (8)سنوات ,مسجلاً اعترافا قضائيا بجريمته مدعياً انه كان تحت تأثير الخمر لكن المستشار اشترط للحوار معه عدم التعرض للجريمة موضوع البلاغ ,ليحدثنا عن بعض الجوانب القانونية المتعلقة بجرائم اغتصاب الاطفال. *سألته اولاً:ما هو تعريف الطفل وفقاً للقانون؟ قانون الطفل لسنة 2010م عرف الطفل في المادة (4) :(الطفل يقصد به كل شخص لم يتجاوز سن الثامنة عشرة)..اما في الشريعة الاسلامية ,فنجد ان لفظ الطفل يطلق على الحدث ,او صغير السن ,فالطفل في مفهوم القرآن هو المولود الى بلوغ الحلم ,والطفولة عموماً هي ما قبل , الولاده والبلوغ. *القوانين الدولية اهتمت بالطفل ووضعت له اتفاقية خاصة ..فهل ذلك يقود لتزايد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في شتى انحاء العالم ,وبالأخص الاغتصاب ؟ أجل ,حقيقة الأوضاع والظروف ,والانتهاكات التي تعرض ويتعرض لها الأطفال من الكبار ,قادت المجتمع الدولي للتصدي لهذه المخاطر ,فبدأت التنظيمات الدولية والمحلية تضع قضايا الطفولة في اهتمامها ,فصدرت اتفاقية حقوق الطفل الدولية عام 1989م ,اي قبل عام من انعقاد مؤتمر القمة العالمي الذي تم من خلاله اعتماد اتفاقية حقوق الطفل الدولية ,عام1990م ,والسودان كان بين الدول التي صادقت على تلك الاتفاقية ,وقد نصت المادة (34)من الاتفاقية على ما يأتي: (تتعاقد الدول الأطراف لحماية الطفل من جميع اشكال الاستغلال الجنسي ,والانتهاك الجسدي ,ولهذا تتخذ الدول,الاطراف,بوجه خاص ,جميع التدابير الملائمة الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف لمنع:حمل او إكراه الطفل تعاطي اي نشاط جنسي غير مشروع والاستخدام والاستغلال للاطفال في الدعارة وغيرها من الممارسات غير المشروعة ,او الاستخدام الاستغلالي للاطفال والعروض والمواد الداعرة). فالاطفال فئه تتميز بالهشاشة لذلك يحتاجون الى حماية خاصة من الاستغلال الجنسي ,فممارسة الجنس مع الاطفال لم تعد مقصورة على الشواذ من الاشخاص ,في حالات فردية ,كما هو الحال في المرضى ,بل اصبحت ظاهرة عالمية يعاني منها الاطفال في مختلف دول العالم ,وهي جريمة خطيرة ومريعة ,اذ يتعرض الطفل المتحرش به جنسياً الى اضرار نفسية واجتماعية فادحة ,والعار الذى سيلحق به يلازمه طيلة حياته ,كما ان هنالك مخاطر صحية تتسبب في الاصابة بمرض الايدز ,وانماط اخرى من الامراض المنقولة جنسياً.. عليه لا بد من اتخاذ تدابير وقائية صارمة للاستغلال الجنسي للاطفال,ولا بد من كشف الحالات والتبليغ عنها ,والتدخل لمعالجة الحالات التي يقع الطفل ضحية لها ,بتأهيل الطفل المستغل جنسياً ,ومقاضاة مرتكبي هذه الجريمة البشعة .جنائياً ومدنياً,فإضافة العقوبة الجنائية ,لا بد ان يكون هنالك تعويض مالي مقدر للطفل الضحية عن الاضرار النفسية الجسدية ?التي لحقت به. *كمستشار بوزارة العدل ,تعتقد ان القوانين والتشريعات الوطنية الحالية كافية لحماية الاطفال من الاستغلال الجنسي؟ قبل القوانين والتشريعات الوطنية لحماية الاطفال ,هنالك التزام ديني,وانساني نابع من عقيدتنا وقيمنا الروحية والاجتماعية نحو الاطفال وهذه المسؤلية عامة ,امر بها ديننا الحنيف ,بل وكل الاديان السماوية الاخرى ,فالمشرع السوداني اهتم بالطفولة ,ورتب حقوقاً على الوالدين للطفل ,وحقوق الطفل ليست منفصلة عن حقوق الانسان ,بصفه عامة ,فهي حقوق الانسان في مرحلة من مراحل العمر ,وهي التزامات على الاسرة والمجتمع ,ولذلك اهتم المشرع بها اهتماماً بالغاً ,وقرر له الحقوق التي تكفل المودة ورعايته بشكل طبيعي ,سواء كان ذلك قبل مولده او بعده . *هل يمكن القول إن المواد التي تحمي الطفل بالقانون الجنائي كافية لحمايته من انواع الاستغلال المختلفة ,بمافيها الاغتصاب ؟ نجد في القانون الجنائي مواد متعددة تحمي الطفل ,حتى وهو في بطن امه ,وتمنع الاعتداء عليه جنائياً,فقد نصت المادة (135)من القانون الجنائي لسنة 1971م على عقوبة جريمة الاجهاض بالسجن (3)سنوات ,او الغرامة ,او العقوبتين معاً,وذلك دون المساس في الحق في الدية ,كما نصت المادة (136)من نفس القانون على عقوبة الطفل المؤدى الى الاجهاض السجن لمدة لا تتجاوز سنة او الغرامة,او العقوبتين معاً,وذلك دون المساس بالحق في الدية ..كما نصت المادة (137)من القانون على عقوبة التسبب في موت الجنين ,بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين او بالغرامة ,او العقوبتين معاً,دون المساس في الحق بالدية ,ثم نصت المادة (149)من ذات القانون على عقوبة الاغتصاب بالجلد مائة جلدة والسجن مدة لا تتجاوز(10)سنوات ما لم يشكل الاغتصاب جريمة الزنا ,او اللواط المعاقب عليها بالاعدام , وهنالك فصل كامل لقانون الطفل لسنة 2010م يتحدث عن عدم استغلال الأطفال فى البغاء والمواد الإباحية ,وأعمال السخرة ,ونصت المادة (45) ,(ب)من هذا القانون على عقوبة الاعدام لمن يغتصب اى طفل. *قانون الطفل يشترط ان يتقدم ببلاغ الاغتصاب أهل الطفل المغتصب..ألا يعتبر ذلك قصوراً في القانون ؟ هذا صحيح ,ويفترض ان تضاف لهذا القانون ,(ألا يشترط تقديم الشكوى او البلاغ من اهل الطفل الضحية ),فلا بد ان تصل الشكوى او البلاغ من اى شخص يصل الى علمه ان هناك طفلاً قد تحرش به جنسياً. *المحرر للاسف ,اغتصاب الاطفال جريمة لا يرتكبها الغرباء فقط ,بل يمكن ان تأتي من اقرب الاقربين اليه .. فقد لاحظت احدى معلمات رياض الاطفال ان احد الاطفال شارد الذهن باستمرار,وينزوى وحيداً وبعيداًعن بقية اطفال الروضة ,ولا يلعب معهم ,ولا يركز اثناء الدروس ,وعندما سألته عن السبب لم يفصح لها بشيء ,فعاودت المحاولة ,مرات و مرات ,واخيراً كشف لها عن مفاجأة مذهلة اصابتها بالغثيان ,ولا شك انكم سوف تصابون بالغثيان ايضاً..الحقيقة المرة التي افصح بها الطفل ذو الخمس سنوات ,لمعلمته ان شقيقه الاكبر (المراهق)يقوم باجبارة على ممارسة الفاحشة معه داخل المنزل ,وتكرر ذلك اكثر من مرة ..لكنها للاسف الحقيقة مؤلمة ..والسؤال هنا :كيف بلغ الحال بهذا المراهق اغتصاب شقيقه الاصغر ؟الموضوع صراحة يحتاج الى تحليل نفسي عميق للمغتصب.