من تَدفّق الأخبار قرأت عن خبر مسابقة مَلِكة جَمَال الإبل التي تُقام حوليّاً في دُبي لاختيار أجمل جَمَل، مسابقة فيها متسابقون ولجنة مسابقة تقبض بالدراهم الاماراتيّة وجوائز ماليّة سَائلة وغير سائلة لملكة جَمَال الجِمَال... هذا السباق لاختيار ملكة جمال الإبل هو تفاعل تأملي لما وردَ في السياق القرآني قبل رَفْع السماء ونَصْب الجبال وسَطْح الأرض: ((أفلا ينظرون الى الابل كيف خُلِقَتْ)). إمارة دُبي تسابقت فتجاوزت سباق الهَجَن الراسخ في الإمارات العربيّة المتحدة الذي يجري وراءه والي ولاية شمال كردفان لعمل نُسْحة منه، فقفزت دُبي إلى ملكة جمال الهَجَن! الجَمَل في السودان يتبوأ مكاناً عَليّاً، ربّما لأنّ السودان تكوّنَ بالهجرات وكان الجمل الوسيلة العظمى في تلك الهجرات... كان الجمل من وسائل تكوين السودان قبل محمد علي باشا وقبل كتشنر... والأهم من ذلك فإنّ الإسلام لم يدخل السودان فتحاً رغم أبي السرح ولكنْ دخله على ظهور الجِمال! الجَمَل في السودان يقوم بوظائف خمس: حرس الحدود (الهجّانة) والسفر والسياحة والتهريب ويقدّم نفسه قرباناً لعاشقي كبدته وألبانه وأبواله، واذهبْ إلى كليّة طب الجزيرة لترى وتقرأ أبحاث بروفيسور احمداني عن خصائص ألبان الإبل وأبواله! في أمدرمان سوق الناقة... وللجمل جماعة سكّانية تستمدّ اسمها منه: الأبّالة... وفي تاريخ نادي الهلال هَدّاف: السر الجمل، وفي العصر الكحولي بالسودان البيرة أم جمل... والبنك السوداني الفرنسي بجلالة رأسماله في شعاره جَمَل! في التاريخ الإسلامي واقعة الجمل والتي انتقلت بسببها عاصمة الخلافة من المدينة المنوّرة إلى الكُوفة، وفي ثورة مصر موقعة الجمل... ومن مكوّنات المُكَسّرَات: عين الجمل! الجمل يسكن الحكمة والأمثال السودانية: جمل الشيل تقال لمن يحمل عن الناس مشكلاتهم، ولمن استأثرَ بالقسمة كلها: أخذ الجَمَل بما حمل... والدعوة لتكوين النفس للمقبلين على حياة جديدة: اعمل لك سنام! تطرح الفنّانة البدويّة سميرة توفيق في أغنية شعبية لبنانية على خطيبها حلاً لزواجهما المُعَلَق فتقول له: بيع الجمل يا علي، وهي أداة تنبيه لضرب كساد اقتصاديات سوق الزواج ... يعني الجَمَل حيوان نقدي، وجمل الشيل والشيلة!!