أعلنت وزارة النقل والطرق والجسور، عن زيادة في تعرفة البصات والحافلات السفرية بنسبة (15%) اعتباراً من الأمس الأربعاء، وفقاً لمطالبة اتحاد غرفة النقل، وأوضحت الوزارة أن وزير النقل وَافقَ على زيادة تعرفة البصات والحافلات بناءً على خطاب مدير المكتب التنفيذي الوزاري المتعلق بمراجعة فئات نقل الركاب، وشدّدت على الوحدات والغرف المعنية مراعاة تطبيق الزيادة وفقاً لتصنيف البصات والحافلات بدرجاتها المختلفة، بجانب العمل بالتعرفة الجديدة وفقاً لما جاء بالقرار المشار إليه. لم يكن قرار زيادة تعرفة تذكرة البصات السفرية مفاجئاً، خاصة وأن الغرفة القومية للنقل البري انفردت بإصدار قرار بزيادة التعرفة بنسبة (34%) في مارس الماضي، سارع قطاع النقل البري بوزارة النقل بإلغائه، ربما لامتصاص غضب المواطن، وبرّرت الغرفة ذلك بارتفاع أسعار قطع غيار البصات وزيادة تكلفة التشغيل، وتمكن المسافرون من إكمال رحلاتهم عبر الفئات القديمة عقب تعطيل قطاع النقل البري قرار الغرفة القومية، ووصف متعاملون بالميناء البري قرار الزيادة في ذلك الوقت بغير المبرر لجهة أنه كان مفاجئاً وكبيراً ودون استشارة الجهات الرسمية مثل وزارة النقل. واستندت غرفة البصات السفرية في مطالبها بزيادة تعرفة السفر على ارتفاع تكلفة التشغيل وضعف الايراد والمهددات التي تواجه قطاع النقل في السودان والتي دفعت بكثير من الشركات الى خارج السوق، وقال حسن عبد الله أمين عام غرفة البصات السفرية ل (الرأي العام) أمس، إن وزارة النقل أقرت زيادة (47%) للتعرفة منذ مايو 2012م بعد خروج البترول وارتفاع تكلفة التشغيل، نتيجة تراجع العملة المحلية مقابل العملة الاجنبية، إلا أنها ستطبق على مراحل وتبقت (25%) من الزيادة المقررة يتوقع تنفيذها قريبا، واشار حسن الى ان هذه الزيادة قد تعيد الروح الى الشركات التي تعاني من تراكم الديون وتكاليف التشغيل الباهظة، وقال: (هذه الزيادة لا تغطي كل تكاليف التشغيل ولكن قد تبعد شبح انهيار قطاع النقل). من جانبه، قلل سعد محمد أحمد المحلل الاقتصادي، من تأثير الزيادة على الطلب، خصوصاً انها ليست كبيرة، الا انه عاد وقال ان سرعة استجابة الوزارة لمطالب غرفة القومية للنقل قد يقود الى مزيد من المطالب، وفيما يتعلق بارتفاع تكاليف التشغيل من زيادة في اسعار قطع الغيار، قال سعد إن شركات النقل بالفعل تواجه مشكلة كبيرة في مقابلة الزيادات المضطردة في أسعار قطع الغيار ومصاريف التشغيل الأخرى وحاجة العمالة الى تحسين اوضاعهم المعيشية مع ارتفاع اسعار السلع، ولكن كان بإمكان الدولة معالجة هذا الامر دون اقرار زيادة في التعرفة بطرق اخرى، على سبيل المثال تخفيض القيمة المضافة ورسوم العبور، وحذر سعد من تحرير اسعار النقل، وقال ان تحريره قد يؤدي الى كارثة. وبالرغم من تسليم المواطنين بالأمر الواقع وعدم صدور اي نوع من الاحتجاج على القرار، إلا أن الرفض كان عنوان معظم اجاباتهم في جولة (الرأي العام) أمس. وقال المواطن سليم ابراهيم من الابيض، ان الارتفاع كبير وليس بمقدور المواطنين مقابلة هذه الزيادة، واضاف: على السلطات ان تراعي ظروف المواطن وإن أرادت حل مشكلة شركات النقل يجب ان تبحث عن حلول اخرى بدلا عن اثقال كاهل المواطن بمزيد من المعاناة. فيما اعتبر الامين محمد حسن، الزيادة مزيداً من تقييد المواطن، وقال: لا يمكن لشخص ان يسافر من اليوم الى أقربائه أو أهله إلا (للشديد القوي)، وأضاف بأن الزيادة تقابلها زيادات اخرى غير معلنة او رسمية من سماسرة السوق الأسود، وتابع الأمين: طبعاً الزيادة مرفوضة، لكن (مين البيقول البغلة في الإبريق). قطاع النقل في السودان يعتمد على القطاع الخاص بنسبة (100%) ورغم أهميته الخدمية إلا أن الدولة لم تعطه اية ميزة تفضيلية في النظام الاقتصادي المعمول به، بالرغم من ارتفاع سعر الصرف والدولار الجمركي وزيادة أسعار الوقود مما ادى الى ارتفاع تكاليف التشغيل بنسبة تجاوزت ال (150%) من 2008م الى 2012م وزادت التعرفة في هذه الفترة بنسبة (45%) فقط، في الوقت الذي ارتفعت اسعار الوقود في هذه الفترة بنسبة (80%) مما خلق اختلالاً في العلاقة الاقتصادية بين تكلفة التشغيل والدخل، وأدى الى تدهور القطاع بشكل كبير وتسبب في تعطل اكثر من (40%) من البصات الجديدة التي دخلت الخدمة أخيراً، فضلاً عن المشكلات التي لحقت بأصحاب البصات وما ترتب عليها من مشكلات اقتصادية (أزمة مالية) ورفع ضريبة القيمة المضافة الى (23%) رغم الظروف التي تمر بها الشركات عكس الدول التي تتشابه ظروفها الاقتصادية مع ظروف السودان وتتعامل مع قطاع النقل على اساس انه قطاع خدمي وقيمته الضريبية (صفر) وتقوم بتمويل الشركات التي تعمل في هذا المجال بطرق ميسرة، الى جانب عدم وجود الرسوم الباهظة على طرق المرور السريع، والبصات السفرية أو شركات النقل تعمل في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد ويتعرّض أصحابها الى ملاحقات قانونية (السجن والتشرد) لعجزهم عن الإيفاء بالتزامات التشغيل. وحصلت (الرأي العام) على احصائية عدد البصات السفرية التي تغادر الخرطوم الى الولايات وبلغت (1150) بصاً أيام عيد الاضحى في الموسم السابق، اما الموسم الحالي فغادر (650) بصاً في اليوم، وتبلغ البصات التي تم ترخيصها 2010م (1632) بصاً، بينما في العام 2011م وصل عدد البصات التي تم ترخيصها (1053) بصاً فقط مما يؤكد تدهور القطاع بعد زيادة تكلفة التشغيل بنسبة (240%) على سبيل المثال زيادة سعر برميل زيت المحرك من (1030) جنيهاً الى (3300) جنيه، وزوج الإطارات من (3200) الى (8400) جنيه. وتقلص عدد البصات من (1600) الى (1000) في فترة (12) شهراً فقط وخرجت نسبة (20%) من جملة البصات العاملة من سوق العمل، علماً بأنّ عدد البصات المستوردة لا تزيد عن (3%)، وهذا المؤشر سيؤدي إلى فجوة لا يمكن تداركها اذا استمر الحال على هذا المنوال مع زيادة الطلب. عموماً.. تبدو مبررات وظروف مطالبة غرفة البصات السفرية بتطبيق زيادات على أسعار التذاكر منطقية في ظل هذه الظروف التي يمر بها قطاع النقل، وهو أمر من صميم حقوقها حيث انّ تحقيق الأرباح لهذه الشركات جزء مهم من بنود عملها، بجانب تقديم خدمة للمواطن، لكن في المقابل فإن المواطن ظل هو أكثر من يتحمل نتائج أية اختلالات في القطاع الاقتصادي عموماً، وهو الذي اكتوى بنيران زيادة الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه السوداني وخروج النفط، وغيره، ولذا يجب على الجهات المسؤولة أن تبحث عن مواءمة الظروف الكلية بحيث تحقق لكل طرف من الأطراف بعضاً من تطلعاته دون أن يدفع المواطن كل الفاتورة، وإلاّ فإنّ فصول المعاناة لن تنتهي بزيادة تذكرة البصات السفرية، ولا الفواتير الأخرى التي يدفعها المواطن.