بمجهود مشترك من إتحاد اصحاب العمل السوداني واتحاد المصارف والمجلس الأعلى للاستثمار سينعقد في الخرطوم مؤتمر الاستثمار في الأمن الغذائي العربي بمشاركة غرف التجارة والزراعة والصناعة العربية ورجال الأعمال والمستثمرين ومؤسسات التمويل العربي كل هؤلاء سوف يلتقون على صعيد الخرطوم يومي 20 و21 من الشهر الحالي برعاية كريمة من السيد رئيس الجمهورية تنفيذاً لمبادرته السابقة في القمة الاقتصادية العربية في الرياض والتي اقترح فيها الرئيس طرح مشروعات وتبنى رؤى مدروسة لامكانية تحويل حلم الأمن الغذائي العربي الذي طال عليه الزمن إلى واقع عملي حقيقي بالاتفاق على آليات عمل مشترك تكون حلاً جذرياً لازمة الغذاء العربي.. أنا استمعت في الماضي وقرأت أنهاراً من ا لكلام جرت في مجرى الفجوة الغذائية العربية والتي تطورت بمرور السنين حتى أصبحت «معضلة» لأنها كانت تتسع والحكومات العربية كانت لا تعيرها اهتماماً فالقضية رغم انها هامة واستراتيجية إلا ان الإرادة السياسية لم تتوفر لسدها وبالطبع إذا لم تتوافر الإرادة السياسية لا يمكن حل الازمة فقط بالنوايا الحسنة التي تخرج عن القمم تارة بعد أخرى فالأزمات ا لاستراتيجية عمرها لن تحل بالنوايا الحسنة وعلى المشاركين هذه المرة في المؤتمر ضرورة العمل على توفير الإرادة السياسية اين هم أرادوا حلاً جذرياً للأزمة فالأزمة هي ليست وليدة اليوم وقد كان تحذير منظمة الأغذية العالمية «الفاو »على لسان مديرها السابق «جاك ضيوف» عام 2008م عندما حذر دول الخليج والدول العربية عموماً سوف تواجه أزمة غذاء خطيرة إذا لم تستثمر أموال النفط في الزراعة في السودان والجزائر وكان هذا التحذير إبان بروز الفجوة بين الانتاج والاستيراد والتي كانت غير مزعجة آنذاك لكن هذه الفجوة بدأت في الاتساع حتى وصلت مرحلة الأزمة في العام 2012م وما زالت حتى الآن وقد كانت الفجوة بالأرقام عام 2012م كما يلي إنتاج اليمن من القمح «15%» والاستيراد «85%» وانتاج القمح في الاردن «25%» واستيراد «75%» والانتاج في مصر «55%» والاستيراد «45%» وفي السودان «60%» والاستيراد «40%» وفي الجزائر الانتاج «66%» والاستيراد «34%» وفي العراق الانتاج «40%» والاستيراد «60%» وكانت سوريا قبل الثورة تحقق إكتفاء ذاتياً ومعها المملكة العربية السعودية وسجلت الاحصاءات ان النسب عالية قد تدنت في الانتاج وارتفعت في الاستيراد بداية هذا العام 2013م مما ينذر بأزمة غذاء أخطر من الماضي في الخمسة سنوات االقادمة ما لم يتخذ المؤتمر المزمع عقده في الخرطوم خطوات عملية حقيقة علي أرض الواقع.. الدول العربية تمتلك الإمكانات لكن مبعثرة ومهملة فرغم توفر المال والخبرة والايدي العاملة إلا أن الانتاج الغذائي ظل يتراجع فالدول العربية تستهلك حوالي «9.2» مليون طن قمح وحبوب بينما الانتاج هو «3 ملايين طن» حبوب أي ان هناك فجوة ت قدر «6.2» مليون طن تعادل بالقيمة النقدية «60 مليار دولار» يتم سدها بالاستيراد من الولاياتالمتحدة وروسيا والهند واستراليا بينما تحتاج الدول العربية فقط إلى «17» مليار دولار للاستثمار في السودان لكي تسد الفجوة وبذلك يمكن توفير ما قيمته «43 مليارا».. إن مؤتمر الخرطوم عليه آمل عربي كبير لمعالجة الأزمة فالقضية استراتيجية تتطلب الجدية والإرادة السياسية هذه المرة وأي اخفاق بعد هذا سوف يعرض الدول العربية إلى مشكلة أخرى هي مشكلة ارتفاع الاسعار العالمية للقمح والحبوب وان الاعتماد علي الاستيراد سوف يرهق ميزانيات الدول خاصة الدول العربية الضعيفة فالفرصة الآن سانحة لعمل شئ بكون السودان قد جهز نفسه للاستثمار الزراعي العربي وتخلص من كل العقبات من بيروقراطية وقوانين ووفر الاراضي الخصبة والمياه إلى جانب ذلك فهو مرشح ان يكون خزان الحبوب في الشرق الأوسط لزراعة القمح والذرة وفول الصويا ومخزناً أيضاً للحوم يكفي الدول العربية ولا حاجة للدول لاستيراد اللحوم المعلبة بعد الآن إن السودان فعلاً هو المنقذ..