بشعار (حسم التمرد أولاً)، أعلن المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وصاحب الأغلبية الميكانيكية في مفاصل الدولة والجهاز التنفيذي، أنه ليست هنالك أية نية في الوقت الراهن لإجراء تعديل وزاري على أي مستوى، ولفت في تصريح منسوب للناطق باسم الحزب، أمين الاعلام ياسر يوسف، إلى أن أي حديث عن إجراء تعديل داخل أجهزة الدولة سيتم إرجاؤه لحين انجلاء الأزمة في ولايتي جنوب وشمال كردفان، وقطع بأن الوطني لم يناقش في الوقت الراهن إجراء أي تعديلات ولا وجود لمثل هذا الاتجاه داخل أروقة الحزب - على الأقل في الوقت الراهن-. كما استبعدت مصادر مطلعة في الحزب الحاكم نفسه، الاتجاه لإجراء تعديل لجهة خصوصية الوقت وعدم مناسبته لهكذا إجراء، خاصة وأن الخطوة ستصرف أنظار الشعب السوداني كافة عن قضية الحرب التي تقودها القوات المسلحة ضد الجبهة الثورية في مسارح العمليات، إلى قضية انصرافية، الأمر الذي يؤثر سلباً على جهود ومظاهر الدعم والمؤازرة والروح المعنوية للقوات المسلحة. الحديث عن إجراء تعديلات وزارية في الدولة أوردتها تقارير إعلامية طبقاً ل (سودان تربيون) عن مصدر برئاسة الجمهورية، والذي قال إن الحكومة بصدد إجراء تعديلات وصفتها بالواسعة، وأن تلك التعديلات ستطال مستويات عليا في الدولة، وبحسب ما أوردته الوكالة فإن التعديلات ستشمل قيادات في المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة معها، وأن الخطوة تأتي في إطار هيكلة تطال كافة القيادات الموجودة على سدة الجهاز التنفيذي، ولفت المصدر إلى أن التعديل كان مقررا الإعلان عنه في أبريل الماضي، وأنه تم إرجاء الأمر نسبة لحالة الاستنفار التي تعم البلاد عقب هجوم الجبهة الثورية على مناطق أم روابة وأبو كرشولا في الفترة الماضية. ورغم بروز ما يشبه التأكيد على أن التعديلات الوزارية ربما ستعقب تحرير المناطق التي تستولي عليها الجبهة، سيحدث، سواء كان بصورة موسعة أو بتغيير بعض من طالتهم سهام النقد بالتقصير وضعف الأداء، إلا أن بعض المعلومات أشارت إلى أن بعض قيادات المؤتمر الوطني لم تخف رفضها لفكرة التعديل في حد ذاته بسبب أن الوقت غير مناسب حالياً، فيما تبلورت فكرة رفض الآخرين لتشبثهم بالمناصب والخوف من إزاحتهم. وكان د. الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية، نقل لقطاع الشباب بالمؤتمر الوطني خلال لقائه بهم في الأيام الماضية، رغبة الرئيس عمر البشير نفسه في تشكيل مجلس للوزراء يكون خالياً من الوجوه القديمة، وهي خطوة اعتبر مراقبون أنها تعزز فرضية التعديل المرتقب، وقال نائب الرئيس؛ إن البشير لديه رغبة أكيدة في رفد الدورة الرئاسية الجديدة، وإحداث تغيير حقيقي على مستوى الدولة والحزب، وشدد الحاج آدم للشباب على أن البشير عازم خلال المرحلة المقبلة على إحداث تغيير لصالح قطاع الشباب، ودعا كل الذين تقدم بهم العمر في الحزب والدولة، بأن يفسحوا المجال أمام قطاعات الشباب أينما كانوا ليستفيد الحزب والدولة من الطاقة الشبابية المتفجرة. الوطني أو قل الحزب الحاكم ربما يرى في الوجوه الجديدة تغييرا حقيقيا يطال الدولة والحزب، لكن الواقع يؤكد أن السياسات العامة وسيادة حكم القانون هما المحك الحقيقي أمام كل تحديات العمل الحزبي والمؤسسي في الدولة السودانية، وكل المطلوب من المؤتمر الوطني أو الدولة وضع دستور ملزم لجميع قطاعات الشعب والحكومة يتساوى فيه المسؤول والوزير والخفير. ويرى الخبير الاستراتيجي د. محمد حسين أبو صالح؛ أن الظرف الراهن الذي تمر به البلاد ظرف دقيق جداً يحتاج لضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة وأجهزتها المختلفة، لكن ما تمر به من مطبات آنية لا يسمح بأن تبدد الحكومة وقتها في عمليات تسليم وتسلم للشباب. ويقول د. أبو صالح في حديث ل (الرأي العام)، إن تحميل الشباب للمسؤولية في الوقت الراهن دون وجود رؤية عميقة ستزيد تعقيدات الأمور، وهو وضع - كما يبدو - غير مطلوب حالياً لجهة أن فئة الشباب لا تمتلك الخبرة التي تدير بها العمليات، إضافة إلى ذلك فإن إقحام الشباب دون تسليحهم بالخبرة الكافية للتعامل مع قضايا السودان الشائكة سيجعل الطريق ممهداً لتمرير أجندة ومخططات دوائر لا ترغب في أن يكون السودان مستقراً و آمنا. ويرى مراقبون أن التركيز الآن ينصب غالبه لصالح إدارة العمليات والابتعاد عن أية إجراءات انصرافية من شأنها أن تصيب التركيز العام للدولة بشلل في قدرتها على الإجراءات المطروحة الآن وفقاً لظروف المرحلة التي تمر بها البلاد، لكن هذا لا يحول وإجراء تعديلات يصفها المراقبون بالمهمة على مفاصل الدولة تطال المقصرين في الواجب الوطني المناط بهم. على كل، لا فرق بين الشباب والكهول سواء في الأداء وإعمال المؤسسية وسيادة حكم القانون وهذا ما يريده الشعب السوداني دون النظر لمن هو الحاكم، وعليه فإن المجال يظل مفتوحا لإجراء هذا التعديل الهيكلي الوزاري بما يسمح باضافة وجوه جديدة، تؤدي التأثير المطلوب في بعض المواضع، كما تسمح بترجل بعض الذين طالت مواقعهم رياح الفشل.. وفي كلتا الحالتين فإن التغيير مطلوب، ولكن حسن الإعداد له مطلوب بصورة أكبر.