تعكف وزارة المعادن على بلورة رؤية ووضع برنامج محدد للدفع في اتجاه الاستفادة القصوى من موارد السودان المعدنية خاصة الذهب، الذي أثبتت الدراسات والمسوحات الجيولوجية أن العديد من أراضي السودان تحتضن مخزونا إستراتيجيا كبيرا منه، يمكن أن يصبح موردا اقتصاديا يدر العملات الصعبة لخزينة الدولة، وتعويض فاقد البلاد من البترول والصادرات الأخرى وتهدف جهود وزارة المعادن لاستغلال الذهب والمعادن الاخرى بصورة علمية وجادة من قبَلها باعتبارها الذراع الفني والإشرافي لهذه الموارد الهامة، وذلك من خلال عملها مع الشركات الموقعة على اتفاقيات للتعدين المنظم من جهة ، وبين الوزارة وقطاع التعدين الاهلى والتقليدي الواسع الانتشار من جهة اخرى. وتفقد عدد من الجيولوجيين بوزارة المعادن الأيام الماضية بعض مواقع التعدين بولايات الشمالية ونهر النيل والقضارف منطقة البطانة، وقال مصدر مسؤول بوزارة المعادن ان الجولة التفقدية للجيولوجيين تأتي في سياق الاطمئنان والوقوف على سير أداء الشركات العاملة في هذا المجال بجانب التعدين الأهلي. وأضاف أن الوزارة الآن دخلت مجال التنقيب عن معادن أخرى غير الذهب تتمثل في الحديد ، والمانجنيز والكروم والجبص والنحاس وذلك في أجزاء متفرقة من البلاد. واكد د.صديق محمود الزين استاذ الجيولوجيا بجامعة النيلين ان جهود الجيولوجيين امتدت من حفرة النحاس فى خمسينات القرن الماضى، الى كل السودان على الرغم من اتساعه، ولكن ينقصهم الآن التدريب على الطرق الحديثة، وما يتم من تدريب يكون على المستوى الشخصى وليس استراتيجية او برنامج دولة، وحتى يقوم الجيولوجي بالدور المطلوب منه شرع الجيولوجيون فى تكوين المجلس الجيولوجي، واشار الى ان الجيولوجيين هم من أسسوا المجلس الهندسى ، ولكنهم خرجوا منه فى ستينات القرن الماضى، واوضح الزين ان المجلس المقترح ظل حبيسا بين وزارة الموارد البشرية والعمل ومجلس الوزراء لاكثر من عامين ، ولم ير النور حتى الآن، واشار الى ان الامر يحتاج لدفعه وتبني من مجلس الوزراء حتى يتسنى للمجلس الجيولوجى القيام بأدواره التي تتمثل في الرقابة على الجامعات فى جانب الدراسات الجيولوجية، وتدريب وتأهيل الجيولوجيين، والرقابة على الشركات العاملة فى مجال الطاقة (البترول) والتعدين، اضافة الى تسجيل الجيولوجيين وحصرهم وترتيبهم وعمل أرقام جيولوجية لهم حتى يتحمل الجيولوجي مسؤوليته حسب الرقم المجاز، بجانب دورهم فى الأبحاث العلمية فى الجوانب الاكاديمية ونشر البحوث التى تطور المهنة وتعود على البلاد بالفائدة، وتابع: قيام المجلس يساعد فى خلق التشريعات وضبطها ونشر ثقافتها، ويمكن ان يصبح جزءا منها بحكم تبعيته لمجلس الوزارء، زائدا دوره فى نشر ثقافة التعدين على الاسس الصحيحة خاصة الاضرار البيئية وما ينتج عنها فى التعدين الصغير والأصغر. وقال الزين في حديثه ل(الرأي العام): إن دور الجيولوجي كبير، وان المستوعبين بالوزارات والادارات الحكومية لا يتعدون ال(1%)، بينما (99%) من الجيولوجيين اما عاطلين عن العمل او يعملون بمواقع اخرى كالشركات والجامعات، واشار الى ان المستكشف من مساحة السودان لا يتعدى (5%)، وان الاستكشافات التى تمت لم تكن بالصورة المطلوبة (دقيقة ومتكاملة)، وان الكادر الجيولوجي غير مستفاد منه في السودان، وان التشريعيين والتنفيذيين لم يأخذوا برأيه ولم يشركوا الكادر الجيولوجي على الرغم من انه ادارى ومهنى فى آن واحد بحكم عمله الميداني في الفيافي، واضاف: لابد ان يشارك الجيولوجي في التشريعات والسياسات من اجل نهضة البلاد، وحتى يدخل التعدين فى الناتج القومي، ويكون له دور في الحفاظ على موارد البلد الناضبة، وتابع: يمكن ان يدخل الجيولوجيون بعد ان هدأت (حمى التعدين) فى المساهمة في تشكيل جمعيات انتاج للمعدنين الصغار، يكون لها اسماء اعمال بولاياتهم، بان يتم منحهم جزءا من المساحات، وينالوا فرصا للتمويل، ويجدون المساعدة من الدولة، يدخل ضمنهم الخريجون وطلاب الجيولوجيا بالجامعات، مما يقلل من العطالة، بفتح المناجم بالصورة الصحيحة، وتحديد مواقع الاحتياطى، والانتاج بأقل تكلفة، وأضاف: بتطوير قطاع التعدين الصغير، يمكن أن يجدوا فرصة فى الحصول على (المتفجرات) حيث انها لاتمنح إلا للشركات، وبذلك يتم الاستخلاص بنسب عالية ويرفع لأكثر من (70%) بدلاً عن (10-20%) القائمة الآن، ويبتعد المعدن عن السميات، كضوابط مهنية يمتلكها الجيولوجي دون غيره لعلمه بالقوانين، وعلى ضوء ذلك يزداد الدخل القومى وتجد البنوك فرصة للعمل بالتمويل، وتقل الآثار البيئية.