في الثقافة الانجليزية يحظى موضوع طول الرواية بنقاش ضارٍ أكثر مما يحدث في أيما ثقافة أخرى. بيد أن ذلك يستند الى إجماع ان الرواية هي أكثر أنماط النثر طولاً، تتلوها الأحدوثة ثم تأتي القصة القصيرة من بعد. ولكن هذا الترتيب لم يكن دوماً على هذا الثبات. ففي القرن السابع عشر الميلادي اعتبر النقاد ان التخيلية الرومانسية تحظى بطول ملحمي يجعل من الرواية منافساً قصيراً. ولكن مع ذلك يظل السؤال كم ينبغي ان يكون طول الرواية حتى تبقى أكثر طولاً من الأحدوثة؟ هذا السؤال ذاته يبقى من الأهمية بمكان إذ أن الآداب قد طورت منظومة احتل الطول أحد مظاهرها في أهمية الرواية. في العام 7002م ثارت مناظرة حادة في مجلة «بوكر برايز» كان موضوعها رواية إيان ماكين «على شط جسيل». لقد خلص النقاش بشكل حاسم على أن ماكين قد كتب رواية على مرجعية ان السرد الملحمي هو في نهاية الأمر محاولة للتواؤم وجمعية الحياة. ولكن الأحدوثة تناقض هذا التطور كما ان القصة القصيرة على النقيض منه حيث أنها تركز على موقف ما وعلى القارىء ان يحاول الإمساك بالأبعاد الكاملة من خلال عملية معقدة من التأويل. رواية ماكين أو ما اصطلح على تسميتها «بأسنوبي» «اسنوبي» هي شخصية الكلب الذي ابتدره الرسام شارلس شولتز لتوجيه النقد لسلوكيات اجتماعية من خلال - قصة مصورة لا تتعدى أربعة أو خمسة رسوم - المترجم». والتي نشرت - أي الرواية- في اعقاب انطلاق رسومات اسنوبي في العام 5691م، أثبتت هذه الرواية ان مقتضى الطول أمر ثانوي ازاء مطلوبات ابراز تصور محدد للحياة. هذا ما كان يفعله اسنوبي في «412» كلمة «عدد كلمات الرواية المعنية». ليلة داجية الجزء الأول كانت ليلة داجية عاصفة. فجأة دوى عيار ناري انصفق باب.. صرخت فتاة. وفجأة بدت سفينة قراصنة في الأفق. وبينما يجوع الملايين من الناس كان الملك يعيش في بلهنية من العيش.. وهناك أيضاً كان صبي ينمو. الجزء الثاني كانت نثارات الصقيع تتهاطل.. والفتاة ذات الشال البالي لم تشتر بنفسجة طوال اليوم.. في ذات اللحظة كان الطبيب الشاب المقيم بمستشفى المدينة يحقق اكتشافاً مهماً.. لقد استيقظت المريضة الغامضة بالغرفة «312» وتنهدت بنعومة. هل يمكن ان تكون شقيقة ذلك الصبي في كنساس والذي أحب تلك الفتاة ذات الشال البالي والتي كانت بدورها ابنة الفتاة التي هربت من القراصنة. «فراراً» صاح رئيس العمال وفي الحال تدافعت «04» ألفاً من رؤوس الماشية في الحظيرة الصغيرة.. تدحرج الرجلان وتماسكا مصطرعين بين الحوافر القاتلة، يسارية ثم يمينية. يسارية ثم يسارية أخرى فيمينية. علوية تتخذ طريقها نحو الفك.. انتهى العراك.. هكذا انقذت المزرعة. جلس الطبيب الشاب وحيداً في المقهى.. لقد تعلم عن الطب ولكن أهم من ذلك لقد تعلم شيئاً عن الحياة.. = نهاية النص= : إن هذا النص أكثر قصراً من أكثر القصص القصيرة قصراً، بيد أنه بالقطع ما زال رواية. ينبغي التوجه بالشكر للروائي هنا حيث إنه خاض تجربة تحقيقاً لرؤية «لوكاس» لملحمة عظمى يكمن في ثناياها جمعية الحياة حيث يقول لوكاس: إن الاختلاف بين الملحمة الهومرية القديمة والرواية الحديثة هو النتاج المحكم لاظهار تجربة الفرد في العالم «التوازن والتماسك، والوحدة» والتي أبرزتها أيضاً الملحمة التاريخية، إن الطبيعة التجزيئية لتركيبة العالم وبتجريد مطلق هي التجربة الأنموذج التي تقدمها الرواية الحديثة. وهكذا كان لوكاس. إن رواية اسنوبي تشير إلى أن ذلك يمكن ان يكون عصرياً بصورة مؤسسة.