لعل من ابرزاسباب الأزمة المالية العالمية وهي أزمة الرهونات العقارية ذات المخاطرالعالية حيث أصبحت في شكل أوراق مالية وتم بيعها لمؤسسات وبنوك ومستثمرين عبرالأسواق المالية الأمريكية ولم تتدخل الرقابة المالية الأمريكية لتقييد هذا الأمر، الشيء الذي أدى لربط الكثيرمن رؤوس الأموال فيها مباشرة أو بصورة غيرمباشرة عبرالمؤسسات والبنوك و الصناديق الإستثمارية التي ضخت فيها من سيولتها. الأمرلم يزعج أحداً - للأسف - وعندما تباطأ النمو الإقتصادي وبعد إنقضاء مدة على إبرام عقود التمويل العقاري عالية المخاطرة هذه، بدأ التعثريظهرنتيجة فقدان صاحب التمويل لعمله وعدم قدرته الإستمرارفي دفع الأقساط للبنك، هذا بدوره أدى إلى فقدان البنك لتدفقاته النقدية وبالتالي ظهرالعجزلديه مما أدى لعدم قدرته الإيفاء بإلتزاماته بدفعيات الفائدة على مدخرات عملائه لديه، هذا بدوره أدى إلى إنهيارالبنوك ولجرها لشركات التأمين لتغطية التزاماتها و ودائعها، ولأن التأمين على الودائع أصبح في لحظة مستحقا للعديد من البنوك في آن واحد أدى ذلك لفشل شركات التأمين في تغطية الأضرار، والتي بدورها كانت مغطاة فيما يلي التأمين العقاري لدى أكبرشركة تأمين في العالم (AIG ) وأكبرشركتي تأمين عقاري وهما (Fanny Mee ) و(Berni Mac ). سلسلة التأثيرات هذه لم تقتصرعلى الولاياتالمتحدة بل تعدتها إلى الأسواق الأوروبية الأخرى، وهذا يرجع لتشابك عمليات البنوك والمؤسسات المالية ما بين ضفتي المحيط الأطلسي، حيث أن شركة التأمين الأوروبية تعمل في أمريكا وأوروبا في آن واحد مما أدى لإنتقال الإضراروالخسائرفي رأس المال عبرالمؤسسات المالية إلى القارة الأوروبية وغيرها. كل هذا أوصل القطاع المالي لخسائر تظهر تباعا بمرورالوقت مما أوجد حالة شلل واضحة ناتجة عن تراجع الملاءة المالية لهذه المؤسسات و بالتالي قدرتها على توفيرالتمويل للقطاعات الإقتصادية وتأمينها مالياً مما أدى إلى لجوئها إلى تشديد شروط التمويل المقدم و خفض سقوفه بكثير عن السابق و خفض سقوف الإعتمادات وغيرها، بإختصارتقليل النشاط المالي و تشديد شروط الإستفادة منه مما أدى إلى إرتفاع تكلفة التمويل لكل القطاعات الإقتصادية وبالذات للأفراد.