«سودان فيشن» تكتيكات التأخير اوردت الصحيفة في افتتاحيتها تحت هذا العنوان قائلة اننا لا نضيف جديداً إذا وصفنا أهمية التحول الديمقراطي بأنها تكمن في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل. وقد آن الوقت لاعتبار هذا العامل دعوة - ليس فقط لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل- ولكن أيضاً للنظر في مستقبل البلاد. ولهذا السبب لم يكن القرار الذي اتخذته مجموعة من الاحزاب السياسية قراراً متعجلاً وغير ناضج للتعامل بجدية مع الانتخابات. ولم يكن من الاجندة السرية لاية مجموعة. وعند النظر إلى وضع بعض مواقف احزاب المعارضة منذ انشاء مفوضية الانتخابات فإنه من الواضح جداً ان تلك الاحزاب لا تعي ولا تعير التفاتاً لاهمية مثل هذه الخطوة لبناء امتنا وقد ظهرت هذه الحقيقة في الكثير من البيانات والقرارات المتناقضة التي اتخذها هذا الحزب أو ذاك من تلك الاحزاب. وآخر هذه البيانات نشرتها الصحف والوسائط الإعلامية خلال الاسبوع الماضي أن بعض الاحزاب قد أجلت قراراتها النهائية حتى مطلع مارس. أليس من قبيل التناقض ان القرار لن يتخذ إلا قبل اقل من شهر واحد لاجراء الانتخابات في موعدها المحدد في شهر ابريل. فكيف يمكن للشعب السوداني ان يفهم مثل هذا التناقض. والحقيقة الواضحة هي ان هذه الاحزاب لم تكن جادة في يوم من الأيام في تحقيق التحول الديمقراطي الحق وبدلاً من ذلك فقد ظلت منذ تسعينيات القرن الماضي تعد نفسها للتغيير الجذري. وبالنسبة لها ثمة سيناريوهات عديدة لرغبتها فيما يسمى بالانتفاضة الشعبية أو الانقلاب العسكري. واستمرت هذه الاحزاب في ايمانها بالتغيير الجذري ولهذا السبب نجد هذه الاحزاب بعيدة كل البعد عن تنظيم انفسها لاجراء الانتخابات. وبينما اعلنت اعترافها باتفاقية السلام الشامل فإن هذا الاعتراف يبدو انه تحرك جزئي وليس كلآ متكاملاً. وما زال هناك متسع من الوقت لهذه الاحزاب لتقبل الواقع على الأرض وان الانتخابات سوف تجرى في الوقت الذي حددته مفوضية الانتخابات وقد قوبلت تلك العمليات بالارتياح من المواطنين السودانيين في كل أرجاء البلاد. كما انها كسبت زخماً دولياً وجاءت بالتفاؤل الذي يقول بأن بلادنا تمضي على المسار الصحيح. والافضل لهذه الاحزاب ان تعيد تنظيم نفسها استعداداً لخوض المنافسة واخيراً فإن صناديق الاقتراع هي التي تقول الكلمة الأخيرة. «خرطوم مونتر» لغة تصالحية تحت هذا العنوان جاء في افتتاحية الصحيفة ان مناسبة احتفالات السلام التي جرت فعالياتها في مدينة يامبيو حاضرة غرب الاستوائية تم استثمارها بشكل كامل من جانبى رئيسي الحزبين الحاكمين عمر البشير وسلفاكير. وفي هذا الصدد كان التركيز منصباً على المصالح المشتركة خاصة في حالة انقسام البلاد إلى دولتين احداهما للشمال والأخرى للجنوب. وفي تقديرنا هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. ولمزيد من التوضيح دعونا نلقي بعض الضوء على ما قالته الشخصيتان المرموقتان - البشير وسلفاكير- في تلك المناسبة. وفيما يتعلق بالبشير فقد ركز بشدة على ان الشمال والجنوب يجب ان يكونا جارين متآخيين في حالة الانفصال. وقد قال البشير ذلك بالرغم من ان خيار حزبه المؤتمر الوطني هو الوحدة. ومن جهة أخرى كانت استجابة كير ايجابية على ذلك الحديث حيث قال ان نفط الجنوب الذي يمثل «09%» من ثروة الجنوب يتم ضخه عبر الشمال لتكريره إلى ان تتوافر القدرت للجنوب لانشاء منشآته الخاصة به. وبلا أدنى ريب فإن ما قالته الزعامتان السودانيتان وهما في قمة السلطة يعتبر حديثاً بناءً للغاية لمساعدة الشمال والجنوب في حالة الانفصال أو الوحدة. وفي حالة استقرار الرأي على خيار الوحدة فإن مثل هذا الحديث الجميل سوف يكون مثمراً بالطبع. وقد يعود ذلك على الجبهة الداخلية بالتقوية والتعزيز على نحو شامل ومتماسك في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وغنى عن القول ان هذه اللغة التصالحية قد اسعدتنا كجمهور سوداني واحد وسوف يكون لها نفس السحر في حالة انشاء دولتين صديقتين. وبكل تأكيد سوف يكون هناك تعاون متفرد بيننا معشر الشماليين والجنوبيين على قدم المساواة ومثل هذه المشاعر الطيبة سوف تشمل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وكما ركز القائدان الكبيران لن تحدث اية مشاكل في حالة البلد الواحد أو البلدين. والأمر الذي يجب ان نركز عليه إننا إذا اولينا في الماضي قضايا المصلحة المشتركة ما تستحقه من اهتمام منذ العام 6591م، لما حدث جدال حول خياري الوحدة والانفصال. «ذا ستزن» كلمات القائدين في يامبيو تبعث على الأمل الروح الايجابية التي سادت الجو بين الشريكين اللذين أبرما اتفاقية السلام الشامل وهما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة للسلام في مدينة يامبيو حاضرة غرب الاستوائية في التاسع عشر من هذا الشهر يجب ان تمتد لجميع القضايا العالقة بين الحزبين بغية ازالة الشكوك وبناء الثقة على افضل الأسس. فإذا أبدى الشريكان هذه الروح منذ العام «5002م» لامكنهما تجنب العديد من المشاكل التي أضعفت الثقة بينهما ووسعت الهوة بين الشماليين والجنوبيين. وكان من شأن هذه الروح ان تنعش روح التفاهم وبناء الثقة ولمكنتهما من تجاوز العديد من العقبات التي تواجه اتفاقية السلام الشامل. ففي مدينة يامبيو أعلن الرئيس البشير ان حزبه يكون أول من يعترف بإنشاء دولة في الجنوب إذا اختار أهل الجنوب الانفصال عند اجراء الاستفتاء القادم. وكانت تلك الكلمات القيمة قد جاءت من أعلى سلطة في البلاد. وقد أضاف رئيس الجمهورية انه قد أصدر أوامره بوضع كل امكانات القوات المسلحة والدولة عامة تحت تصرف حكومة جنوب السودان لمعالجة المشكلة التي احدثها جيش الرب والتخلص من مضايقاته. ومن جهته اكد سلفاكير رئيس حكومة الجنوب بان الجنوب والشمال سوف يظلا مرتبطين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، واكد ان النفط المستخرج من الجنوب سوف يتم تصديره عبر خط انابيب الشمال حتى في حالة انفصال الجنوب. لقد كانت تلك فحوى وجوهر حديثي البشير وسلفاكير خلال الاحتفال بذكرى الاستقلال في مدينة يامبيو. ومن الواضح ان الخطابين كانت لهما ارضاً مشتركة ويرغبان في بث روح ايجابية كانت مفقودة خلال فترة المماحكة السابقة. ولا بد من استغلال الفترة المتبقية في الوفاء بمتطلبات الاتفاقية ولبناء روح الثقة والتعايش بين الشماليين والجنوبيين.