ظَلّت قضية تشجيع الاستثمار تشكِّل هاجساً كبيراً للمستثمرين والحكومة الاتحادية على حد السواء الى الدرجة التي دفعت رئيس الجمهورية الى تكوين مجلس اعلى للاستثمار برئاسته رغم وجود وزارة للاستثمار وقانون لتشجيع الاستثمار على المستوى الاتحادي يمنح ميزات للاستثمارات وصفت بأنّها الأفضل على مستوى الوطن العربي، ولكن مع ذلك ظل الاستثمار بالولايات يُواجه مشاكل عديدة الامر الذي دفع بعض الولايات لاصدار قوانين ولائية لتشجيع الاستثمار ومُعالجة المعوقات التي تواجه المستثمرين، وفي هذا السياق أجاز مجلس تشريعي ولاية الخرطوم فى اواخر فبراير الماضي قانون تشجيع الاستثمار بولاية الخرطوم الذى دخل حيز التنفيذ أمس بعد توقيعه من قِبل والي الخرطوم، بجانب إصدار الوالي لقرار بتعيين مفوضية للاستثمار برئاسة الأستاذ الماحي خلف الله الماحي تنفيذاً لنصوص القانون القاضية بانشاء مفوضية للاستثمار ومجلس أعلى للاستثمار برئاسة الوالي، بجانب منح تسهيلات وحوافز لجذب الاستثمار الاجنبي المباشر والتعامل عبر نظام النافذة الموحدة لتبسيط اجراءات الاستثمار. ومن هنا بدت بعض المخاوف بشأن تضارب الصلاحيات والسلطات بين القانون الولائي والاتحادي، وان يكون هذا القانون مدخلاً لمعوقات جديدة للاستثمار.. هذه المخاوف طَرحناها على والي الخرطوم فى حفل توقيع القانون امس، الى جانب اسئلة اخرى حول تعارض هذا القانون مع قانون مكافحة غسل الاموال، ومتابعة تنفيذ المشروعات الاستثمارية التي نص القانون على منحها حوافز عديدة لتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر، حيث أكد د. عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم عدم وجود تعارض بين قانون تشجيع الاستثمار بولاية الخرطوم والقانون الاتحادي، مبيناً ان القانون يأتى تأكيداً لاهتمام الدولة بالاستثمار، وفي سياق الرؤية الكلية للدولة الرامية لتشجيع الاستثمار. واضاف في رده على سؤال ل (الرأي العام): هذا القانون لا يتعارض مع القانون الاتحادي، وإنما ركزنا فيه على تشجيع الاستثمار بالولاية في مجالات محددة تتمثل في الزراعة والصناعة والخدمات والنقل والسياحة والتخزين والإسكان وخدمات المياه والصحة والتعليم وفق رؤية واضحة تستصحب المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم في ربع القرن المقبل، بجانب معالجة المشاكل الحالية، المتمثلة في تداخل المناطق الصناعية مع السكنية بإنشاء مدن صناعية جديدة وتشجيع الاستثمار الزراعي وتوجه الاستثمار الصناعي نحو الصناعات التي نواجه فيها فجوة انتاجية، وتابع: (القانون خُضع للنقاش والتداول خلال ستة اشهر ومن ثم تمت اجازته في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بغرض تشجيع الاستثمار في الولاية، وليس لما يتبادر في الاذهان لانتزاع حقٍ مهضومٍ، وإنما لتشجيع الاستثمار). من جانبه أكد محمد الشيخ مدني رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، أنَّ القانون الجديد قُصد منه مُعالجة مَشاكل ومعوقات الاستثمار بالولاية خَاصّةً مُشكلتي الأرض وتوفير الخدمات الأساسية للمشروعات الاستثمارية، مُبيناً في هذا الصدد ان هذه القضايا أصبحت من صميم عمل مفوضية الاستثمار التي نَص عليها القانون الجديد. ونوّه مدني الى أن أهم ما يتميّز به القانون ان إجراءات الاستثمار تتم وفق جدول زمني محدد لاستلام الاراضي الاستثمارية وتوفيرالخدمات وعبر نافذة واحدة لتسهيل الاجراءات، الامر الذي سيسهم في معالجة معوقات الاستثمار والاستفادة من الزمن، بجانب متابعة العملية الاستثمارية عبر مفوضية الاستثمار، التي ستصدر اللوائح المنظمة للعمل وتعالج المشاكل الناجمة عن الممارسة. وفى السياق أكدت مولانا اسماء الرشيد رئيس الادارة القانونية بولاية الخرطوم ان قانون تشجيع الاستثمار بالولاية جاء متناسقا مع الدستور الانتقالى لسنة 2005م ودستور ولاية الخرطوم لسنة 2006م وقانون الاستثمار الاتحادي، ويتميز بالمرونة في تبسيط اجراءات الاستثمار والبساطة في الهياكل التي تعكس بساطة الاجراءات. واضافت: جاء القانون متماشيا مع خصوصية الاستثمار في ولاية الخرطوم ومستصحبا للتداخل بين الاستثمار الاتحادي والولائي، بجانب اتسامه بالوضوح في التشريعات. وفي السياق أكد الماحي خلف اللّه الماحي رئيس مفوضية الاستثمار بولاية الخرطوم، ان القانون منح العديد من الحوافز لتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر وتبسيط اجراءات الاستثمار عبر تطبيق نظام النافذة الموحدة للاستثمار، وتوفير ضمانات للمستثمرين، بجانب منح ميزات للاستثمارات الاستراتيجية. وأضاف: المفوضية ستتابع المشروعات الاستثمارية منذ منح التصديق وحتى دخول الانتاج لضمان تنفيذ المشروعات الاستثمارية، بينما ستفصل اللوائح ما نص عليه القانون من حوافز لضمان تشجيع الاستثمار ومعالجة مشكلاته. وأكد الماحي عدم وجود تعارض بين القانون الولائي والاتحادي وعدم تعارضه مع قوانين أخرى، بينما نص القانون على أنه في حالة تعارض القانون مع قوانين أخرى تسود أحكام هذا القانون، بجانب منح المفوضية مسؤولية متابعة تنفيذ المشروعات الاستثمارية.