يصادف اليوم العاشر من مايو مرور الذكرى الثانية ل (أحداث أم درمان) التي عمدت فيها حركة العدل المساواة الى القفز الى الامام وتصعيد موقفها وتغير المشهد على الأرض بغية تحقيق أهداف منظورة وغير منظورة فى المشهد السياسي السودانى، ولفت الانظار الى قوة الحركة التي كانت تحاول جادة اسقاط النظام في الخرطوم، بل وروجت قياداتها الى ذلك بأن قوات الحركة على مقربة من القصر الجمهورى الذي أرادوا فيما يبدو أن يدخلوه في وضح النهار وليس بالليل على غرارالانقلابات العسكرية. وفي قراءة لتلك الاحداث الدامية والاهداف المعلنة وغير المعلنة لذلك الهجوم غير المسبوق الذي شهدته العاصمة الوطنية أم درمان بعد (مرورعامين) على تلك الأحداث نلاحظ تغيرات عديدة على المشهد السياسي السوداني وعلى الواقع بدارفور، حيث تلاحظ أنه قبيل ذلك الهجوم أن حركة العدل والمساواة كانت تتبنى الاستراتيجية العسكرية في الحصول على اعتراف من الحكومة بحقوقها وقضيتها أو تسعى الى الحصول على الحقوق عبر حمل السلاح، ولكن تلاحظ بعد مرور عامين أن حركة العدل والمساواة عدلت أو غيرت في استراتيجيتها وجنحت الى السلام ووقعت مع الحكومة اتفاقاً بالعاصمة القطرية الدوحة حظى باهتمام إقليمي ودولى، مع تعهدات لامير قطر بمليار دولار لاعمار الاقليم، ليبقى منبر الدوحة منبراً لاستقطاب بقية الحركات الدارفورية الحاملة للسلاح، ومن بينها حركة عبدالواحد محمد نور مع تجميع بقية الفصائل بغية التوصل لاتفاق شامل، ولكن نلاحظ بعيد توقيع هذا الاتفاق تغيراً في موقف حركة العدل والمساواة برفضها لتجميع حركات دارفور لتلحق بمنبر الدوحة، وإعلانها بأنها الحركة المسلحة الوحيدة صاحبة النفوذ فى دارفور رغم اعترافها في السابق ببقية الحركات المسلحة بدافور في بدايات الحرب بالاقليم فى العام 2003م، فبعد أن كان هؤلاء زملاء فى الكفاح المسلح لاسترداد حقوق شعب دارفور، لتصبح العدل والمساواة هي الحركة الوحيدة المسؤولة عن استرداد تلك الحقوق، بل تغير موقف الحركة من منبر الدوحة والذى طالبت بتحويله الي منبر القاهرة فى محاولة لاطلاق (بالون اختبار) أو فرض مواقف لتعود بسرعة وتأكد تمسكها بمنبر الدوحة، ولتبقى قضية دارفور في انتظار الحل الذي تسيطر عليه محاور اقليمية ودولية تحكمها مصالح في الصراع بالاقليم. وتغيرالمشهد السياسى الداخلي بعد الانتخابات ولكن بقيت الحكومة المنتخبة بزعامة الرئيس البشير على موقفها من تحقيق السلام العادل باقليم دارفور وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل واجراء الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب، ولكن مع كل ذلك حدثت تغيرات في المشهد الداخلى بعد احداث أم درمان التي مرت عليها عامان، حيث نجحت الحكومة في فرض سيطرتها على الاقليم وإجراء الانتخابات في موعدها واختيار ولاة دارفور وممثليها في البرلمان مما يؤكد تغير المشهد الذي كانت تسيطر عليه الحركات المسلحة، كما شمل التغير تحسن العلاقات السودانية التشادية وزيارة الرئيس إدريس ديبي للسودان لأول مرة منذ تفجر الاوضاع العسكرية بدارفور وتبادل الاتهامات بين الخرطوم وانجمينا لبعضهما البعض بدعم المعارضة المسلحة للنظامين في البلدين، وفسرت زيارة الرئيس ديبي بأنها بداية النهاية لحرب دارفور، واضعاف لحركة العدل والمساواة لتعجز عن التفكير في إعادة الكرة مرة أخرى وتنفيذ عمل مسلح داخل العمق السودانى رغم تبريرات قيادة حركة العدل والمساواة بعدم تأثرهم بالاتفاق بين انجمينا والخرطوم وانها حركة تمارس العمل المسلح من داخل السودان، ولكن بالفعل تغير المشهد حيث اصبحت الحدود السودانية التشادية آمنة بالدرجة التي سهلت من حركة التجارة بين البلدين، واصبحت تشاد توفر احتياجاتها من السودان بعد أن كانت تعاني في السابق من استيرادها بعد توقف تجارة الترانزيت لانجمينا عبر ميناء بورتسودان وتأثر وتوقف تجارة الحدود لانعدام الامن في الحدود، ولكن بمجرد زيارة الرئيس التشادى للخرطوم وقبلها توقيع الاتفاقية الامنية بين وزيري الدفاع في البلدين أصبحت تجارة الحدود سالكة بين الولايات الحدودية، بل اصبحت تتحرك التجارة والبضائع من أم درمان التي دخلتها قوات العدل والمساواة الى الجنينة وعبرها الى تشاد لتنتعش التجارة الحدودية، وليصبح (سوق ليبيا) بمحلية أمبدة أكثر الأسواق التى تأثرت باحداث أم درمان (في الممتلكات والأموال والحريق الذي تعرضت له البنوك والمحال التجارية، وشلل حركة التجارة التي كان معظمها مع تشاد وليبيا) ليصبح السوق أكثر الأسواق استفادة من عودة العلاقات السودانية التشادية وهدوء الاحوال الامنية على الحدود، ولتعود التجارة الآن (بعد عامين من احداث أم درمان) وتنتعش حركة التجارة الحدودية مع تشاد بعد تنفيذ الاتفاق الامني بين البلدين والذي حرص السودان على تأكيد الإلتزام به قيبل يومين مرور على الذكرى الثانية لاحداث أم درمان بزيادة وزير الدفاع ومدير جهاز الأمن والمخابرات الى انجمينا ولقائهما للرئيس التشادى. ومن هنا يتضح جلياً ان الذكرى الثانية لاحداث أم دمان قد حلت اليوم والجميع يتمتع بالأمن ويبحث عن تحقيق المصالح المشتركة والجميع قد نسي مرارة ما حدث فى ذلك اليوم، بل فى اعتقادى ان الكثيرين يجهلون اوينسون ان اليوم يصادف الذكرى الثانية لاحداث أم درمان .. نأمل ان يستمر تغير المشهد لصالح اقليم دارفور بتوقف الحرب والتوصل لاتفاق سلام شامل، وان يستمر إلتزام السودان وتشاد بما وقعا من اتفاقيات بين البلدين لتنعم الحدود بالأمن وينعم انسان دارفوربالاستقرار والأمن.