دخلت المفاوضات بين شريكي سلام نيفاشا فى ترتيبات ما بعد الاستفتاء مرحلة حاسمة بعد انطلاقتها مطلع هذا الاسبوع بقاعة الصداقة، بينما ستتواصل المباحثات بجوبا بغية التوصل الى اتفاق يستوعب نتائج هذا الاستفتاء سواء كانت وحدة او انفصالاً، ولعل القضايا المطروحة على طاولة التفاوض كثيرة لكن اهمها النفط واستمرارتدفقه فى حالتي الوحدة والانفصال والعملة الوطنية والديون الخارجية وقسمة مياه النيل والحدود ووضعية القوات المشتركة، ويلاحظ ان من بين هذه القضايا المطروحة للنقاش ما يمكن ان يكون صالحا ليكون مدخلاً للوحدة بين الشمال والجنوب خاصة النفط الذى كان من قبل مدخلاً لتحقيق السلام وطى ملف الحرب بالجنوب، وهنالك اصوات بدأت تعلو فى دعوتها للاستفادة من النفط فى بناء الوحدة الجاذبة. .... بل وهنالك دعوة اطلقها د. مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية فى الندوة التى نظمها مجلس الشباب العربى الافريقي بالتعاون مع الجامعة العربية مطلع هذا الاسبوع بالخرطوم حول (تحديات الوحدة والانفصال) بأن يكون النفط عاملاً للوحدة حيث ابدى د.مصطفى فى تلك الندوة استعداد الشمال للتنازل عن النفط لصالح الجنوب طالما أن ذلك يصب فى مصلحة الوحدة، ومن قبله أطلق المهندس على احمد عثمان وزيرالدولة بوزارة النفط دعوة اخرى فى سياق جاذبية النفط للوحدة حيث دعا الوزير فى حوارمع (الرأي العام) نشر الاربعاء الماضى قيادات العمل فى الجنوب بان يفكروا برؤية وحسابات اقتصادية ايهما افضل لهم الوحدة ام الانفصال؟ وفى رده على سؤالنا: هل يمكن ان يكون النفط مدخلاً للوحدة بعد ان كان مدخلاً للسلام وطى ملف الحرب بالجنوب، قال الوزير: ما فى ذلك شك أصلاً، اعتقد ان النفط من العوامل المهمة التى تعزز من الوحدة بالاضافة الى تبادل الخبرات والكوادرفى مجال النفط على المستوى القومى،واؤكد ان النفط سيعززالوحدة لعدة اسباب من بينها انه لا فكاك لخروج النفط من الجنوب الا عبر الشمال ليس لأننا دولة واحدة ولكن حتى معطيات الطبيعة تؤكد ان النفط ينتج فى الجنوب وخطوط انابيبه تضخ شمالاً بانسياب طبيعي دون حاجة الى طلمبات ضخ، ورغم وجود (6) طلمبات ضخ الا ان استخدامها يعد نادراً كما ان تجميع النفط المنتج بالجنوب الآن يقع فى هجليج والجبلين اي فى مناطق شمالية فضلاً عن ان خطوط الانابيب وموانئ التصدير ومصافى النفط تقع فى الشمال، ولذلك اذا أراد الاخوة فى الجنوب تصدير النفط عبر ميناء ممبسا بكينيا فان طوله يبلغ (1900) كليو متر ويمر بمناطق وعرة وجبال، ومناطق تحتاج الى تأمين لوجود جيش الرب اليوغندي، يكلف مليارات الدولارات،كما يحتاج الى مراكز تجميع للنفط جديدة تقع فى الجنوب خاصة وان مراكزالتجميع الحالية موجودة بالشمال كما ان تصديره جنوباً يتطلب انشاء مصافى وموانئ تصديرفى الجانب الآخر بممبسا وهذا يكلف مليارات الدولارات تصل الى (10) مليارات فضلا عن ان الانشاء يستغرق (4 الى 5) سنوات كما ان حكومة الجنوب تعتمد بنسبة تصل الى (98%) من ايراداتها على النفط، ما مصير هذه الايرادات اذا تم ايقاف التصدير وتحويل الخطوط الى الجنوب، واذا انفصل الجنوب واصبح دولة واراد ان يصدر النفط عبر الشمال فانه سيستخدم اراضى دولة اخرى ويجب ان يدفع مقابل ذلك. وفى ذات السياق عضد الخبراء فى مجال النفط من القول بأن: النفط سيكون مدخلاً للوحدة اذا ركز شريكا السلام على مناقشته فى المفاوضات الجارية بينهما ضمن ترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء بالاستفادة من طبيعة النفط واحتياطياته بالجنوب ،وخطوط انابيبه ومصافى تكريره مموانئ تصديره فى الشمال للتوصل الى ما يخدم المصالح المشتركة للطرفين فى حالتي الوحدة والانفصال -على الاقل- بأن يكون الانفصال سلساً ويحدث دون تداعيات وعنف يتضرر منها الطرفان. وقال الاستاذ السر سيد احمد الخبير فى مجال النفط ان وضعية النفط وفقاً لاتفاقية قسمة الثروة الحالية كان حافزاً مشجعاً للانفصال خاصة وان الاتفاقية تنص على تقاسم النفط المنتج بالجنوب مناصفة بينما الاستفتاء على خيار الانفصال يضمن للجنوب التمتع بعائدات النفط بنسبة (100%) وبالتالى شعب الجنوب يمكن ان يختار الانفصال. ودعا السر فى حديثه ل (الرأي العام) شريكي نيفاشا الى اغتنام فرصة المفاوضات التى بدأت بينهما مطلع هذا الاسبوع لمناقشة مترتبات مرحلة ما بعد الاستفتاء بالتركيز على خلق مناخ ايجابى ومراجعة وضعية النفط وادارة حوار شفاف حول تحقيق المصالح المشتركة من خلال النفط كعامل يمكن ان يدعم الوحدة، اذا نظرالشريكان الى ان الطبيعة الجغرافية والجيولوجية تجعل من النفط عاملاً للوحدة، خاصة وان حقول النفط واحتياطياته بالجنوب، وخطوط انابيبه ومصافى تكريره وموانئ تصديره فى الشمال الامر الذى يعززمن دور النفط فى تحقيق الوحدة من خلال طبيعته التكاملية هذه الى جانب خدمة المصالح المشتركة للطرفين فى حالتي الوحدة والانفصال، لتفادى حدوث عنف يتضرر منه الطرفان واضاف السر: اذا تغيرت وضعية قسمة النفط المحفزة للانفصال عبر الحوار الجارى بين الشريكين الآن، يمكن ان يكون تغيير هذا المناخ مدخلاً لجعله مدخلاً للوحدة او على الاقل انفصالاً سلساً دون عنف او تداعيات تضر الطرفين بل تعزز مصالح الشريكين، واصفاً الحديث عن التنازل عن النفط لصالح الوحدة بأنه لا معنى له، وانما المعانى تكمن فى جلوس الشريكين فى مائدة حوارتعظم المصالح بينهما بالاستفادة من الطبيعة الجغرافية للنفط والجيولوجية. من جانبه وصف د. محمد سرالختم الخبيرالاقتصادى المعروف الحديث عن التنازل عن النفط لصالح الوحدة بأنه محاولة للاغراء للوصول الى الوحدة خاصة وان هنالك وحدة تكاملية للموارد يمكن ان تعزز اذا حدث توظيف لعائدات النفط فى مصلحة الوحدة بين الشمال والجنوب . ونوه د.سرالختم فى حديثه ل (الرأي العام) الى ان السودان يتمتع بموارد فى ولاياته المختلفة ولكنها تتكامل مع بعضها البعض ،وبالتالى لايمكن لاقليم او ولاية ان تتمتع بمواردها لوحدها دون ان تتكامل هذه الموارد مع بقية الولايات، الامر الذى يعزز من خيار وحدة موارد الجنوب مع الشمال خاصة النفط اذا حدث انفصال.