شاء الله ان يجئ خريف الروصيرص فى رمضان فأهلها المعروفون بتمسكهم بالصيام والقيام لقوها باردة هذا العام وشمسهم تختبئ خلف حجب لا تبغى الظهور ولطف يشمل جوهم ويتمونها بالتموضع حول خزان الروصيرص فأبواب الخزان المندفعة منها المياه بشدة تحمل فى بطش مائها خيراً وفيراً احيانا اجساداً انقطعت سبل رزقها فى الحياة. على شريط المياه الساكنة بعد حراك شمال خزان الروصيرص يتحلق خلق كثيرون يقضون نهار رمضانهم فى البحث عن أرزاق تأتى من بين موج الفيضان ومن لدن الكوارث، فالبيوت التى يدكها السيل ويرمي بما فيها فى مجراه تأتى الى بوابات الخزان كأخشاب واواني حسنة الصنع والخامة تجتاز بوابته متلاطمة الموج بيسر لتصبح رزقا لأحد المنتظرين. ما بين يوليو وأكتوبر كل عام تفيض هضاب الحبشة بماء يسيل الى السهول قربها من نيل الروصيرص يجعل مجروفات السيل تصل الى اهليها، (آدم جلاب) صاحب الاربعين عاما وقف ينظر بعين لرزقه بينما يرمقنى بأخرى ..وقد بدا مهتاجا من سؤالى عن ما يجدوه من بطن السيل. جلاب قال بعد ان راق وحلا ان الاخشاب من نوع الكليت والصباغ المستخدمة فى العطور والدخان النسائى أكثر ما نرغبه فهى تأتى فى شكل جذوع كبيرة وسعرها مرتفع حتى فى النيل الازرق هنا. رفيقه سليمان اضاف انهم يتمركزون من السابعة صباحا حتى ميقات الافطار ان كان الحظ جميلاً.. على حد تعبيره.. تملأ عربة الكارو بأخشاب الكليت ولكن ..يصل حديثه ..هناك بعض الجثث تأتى من الحبشة يجرفها الفيضان واندفاع المياه ندفن ما بقى فيه أكثر من النصف.. كثرة ما اعتدنا على ذلك اصبحنا لا نبالى. هل غير الكليت والصباغ شئ آخر تجدونه؟ قالا ان العناقريب والاسرة وعفش البيوت يأتى عبر الفيضان، ومن لطفه قال لى إنه تزوج مرتين على زوجته الأولى وقام بتأثيث بيته من حظوظ الفيضان ..ففى كل مطلع خريف ينتظر حظوظه من لدن الكوارث ..ان كان لقى عفشاً كثيراً هنالك زوجة رابعة فى الطريق.!