بصحيفة (الرأي العام) الصادرة بتاريخ الثلاثاء 2010/8/17م وبالمنبر الاقتصادي بصفحة (الرأي العام الاقتصادي)، كان مقال الأستاذ سنهوري حول فرص دخول شركات السكر السودانية وكنانة بصفة خاصة بالمشاريع الزراعية المروية الكبرى بالبلاد لادارتها بواسطة السلطات العليا المسؤولة عن الزراعة بالبلاد.. مشروع الجزيرة والمناقل ومن قبله مشروعات الرهد والسوكي. وركز المقال حول دخول سكر كنانة بمشروع الجزيرة دون سابق اتفاق مع المنتجين كما كان الحال بالنسبة لمشروعي الرهد والسوكي، حيث كان الاتفاق بين كنانة وإدارات هذين المشروعين والمزارعين ووزارة الزراعة والغابات ووفق اسس واضحة وفي رأيي كمهني زراعي ان قرار ادخال شركات السكر لإدارة المشروعات الزراعية المروية بالبلاد يعتبر قراراً خاطئاً ابتداء، وهو قرار غير استراتيجي للاصلاح المستدام. نعم، أوضاع مشروعاتنا الزراعية المروية متردية والضرورة تقتضي التحرك للحسم، ولكن ليس بمثل القرارات التي اتخذت لاستبدال الإدارات القديمة لتلك المشروعات بادارات من خارج اطار القطاع الزراعي. أسباب تردي أوضاع مشروعاتنا الزراعية لابد ان تكون معروفة ومحددة وتأتي على رأسها سياسات الدولة وضعف معينات العمل وامكانياته والإدارة العليا للمشاريع الزراعية وعدم كفاءتها ربما تكون من تلك الاسباب الاساسية لتدهور اوضاع مشاريعنا الزراعية المروية ولكنها لا تشكل كل الاسباب، ومنذ ابدال الادارات القديمة والعاملين بتلك المشاريع الزراعية بادارات من شركات السكر السودانية وكأن الأمر كله ان المهنيين الزراعيين هم وراء ذلك الاخفاق والتردي، وهو ظلم احاق بالعاملين بتلك المشاريع وله آثاره السالبة على تقويمهم ليس في تلك المشاريع، بل وعلى المستوى القومي في كل المواقع، بل هو تشكيك في قدرات المهنيين الزراعيين التخصصية والإدارية والحاق الهزيمة النفسية بهم ربما دون قصد، اعتقد جازماً ان الحل المستدام ليس في استبدال الادارة الزراعية بغيرها ومن خارج القطاع الزراعي، بل الصحيح هو البحث عن حلول لاسباب التردي وتحديدها ثم العمل على مخاطبتها بموضوعية وتدرج وبواسطة أهل الزراعة فهم أقدر الناس واقربهم لتلك المشاكل وعلى رأسها سياسات الدولة وتوفير معينات العمل الزراعي، فشركة كنانة وغيرها لن تنجح في إدارة تلك المشروعات الزراعية في غياب سياسات زراعية جاذبة للانتاج والاستثمار وفي ظل عدم توافر معينات العمل مهما كانت مقدرات العنصر البشري فيها، ربما تنجح شركة كنانة مؤقتاً في إدارة هذه المشروعات الزراعية وتحقيق بعض الانجازات، غير ان ذلك في اطار سياسات جديدة جاذبة للانتاج، وذات السياسات الجديدة الجاذبة للانتاج اذا توافرت للادارات القديمة لتلك المشروعات الزراعية كان وضعها سيكون غير حالها بالتأكيد. ربما يكون التفكير لادخال شركة كنانة في إدارة المشروعات الزراعية المروية قصد منه البحث عن البدائل لتجاوز مشكلات مشروعاتنا الزراعية بالبلاد وأنا أقول البحث عن البدائل الموضوعية هو عين الصواب، ولكن بتحسب، فكان من الممكن ان تكون التجربة في قسم او تفتيش او جزء من التفتيش مع بدائل أخرى. نحن في السودان عندنا مشكلة مع البدائل، فالبدائل مهمة لايجاد الحلول لمشاكلنا الزراعية دون تعجل طالما هدفنا هو الاصلاح. فليس هنالك حل أوحد لكل مشكلة وقضيتنا مع ادارات مشروعاتنا الزراعية اننا نقيدهم في اطارات معينة ولا نمكنهم ولا نشجعهم للابتكارات لزيادة كفاءة الاداء وزيادة المردود الاقتصادي والاجتماعي لمشروعاتنا الزراعية، بل ولا نحاسبهم اذا عجزوا عن تحمل مسؤولياتهم بما هو مطلوب. اشراك المنتجين وكل الأطراف المعنية باداء مشروعاتنا الزراعية أمر في غاية الأهمية ولا بد من مشاركتهم في اعداد وتنفيذ كافة الخطط لتحقيق اهدافها ومعالجة مشاكلها وهذا شيء اساسي. لكن كنت ارجو من الأخ الأستاذ سنهوري مع الأشارة لأهمية مشاركة أهل مشروع الجزيرة في ادخال شركة كنانة في مشروعهم، وان يدعو لتقويم تجربة ادخال كنانة وغيرها في مشروعاتنا الزراعية وادارتها اولاً لاختلاف الآراء حول هذه التجربة، وكذا البحث عن بدائل أخرى تكون ذات آثار ايجابية أكثر وآثار سالبة أقل لمعالجة كل مشاكل مشروعاتنا الزراعية وعلى رأسها مشروع الجزيرة والمناقل وهو مصدر فخرنا جميعاً، فقد كان كما قال الأخ سنهوري ملء العين والبصر قبل العام 1998م بالنسبة للسودان أجمع. ما الذي كان يمنع ادارات مشروعاتنا الزراعية القديمة من إدارة مشروعاتنا الزراعية بذات الكفاءة التي يتحدث الناس عنها تحت اشراف شركات السكر السودانية؟ أنا اعتقد ان الأمر في اوله وآخره مربوط بسياسات الدولة ولن تستطيع شركات السكر السودانية من انجاز أي عمل يعتد به في اطار سياسات مكبلة ومقيدة للعمل الزراعي. مناسبة الحديث أعلاه اضطرني للوقوف لبعض الوقت للحديث العجيب الذي أدلى به الأخ الدكتور عمر عبد الوهاب وسيادته كما يعلم الجميع وكيل وزارة الزراعة والغابات السابق والمدير الزراعي السابق لمشروع الجزيرة عن ادخال شركة كنانة بمشروع الجزيرة فقد اشاد سيادته بدخول كنانة لمشروع الجزيرة وأشار لبعض ما يراه من الايجابيات كحديثه عن النمرة (90) فداناً. انا اسأله وهو المهني الزراعي الكبير والمدير الزراعي السابق لمشروع الجزيرة، ما الجديد الذي جاءت به شركة كنانة ولم يكن يمر بذهنه ولا بمخيلته عندما كان مديراً زراعياً بمشروع الجزيرة؟ وان كان في ذهنه وذهن المهنيين الزراعيين ما تخطط له شركة كنانة لادخاله بمشروع الجزيرة يبرهنون ما الذي منعه من تبني تلك المواضيع لانفاذه بمشروع الجزيرة وقد كان في ثاني أكبر وظيفة بمشروع الجزيرة موضوع النمرة (90) فداناً موجود ببعض مشروعاتنا الزراعية المروية الكبرى وليس بالموضوع الجديد أليس كذلك أخي وصديقي الدكتور عمر عبد الوهاب، ولا تقل لي الامكانيات فهي لاتخرج عن سياسات الدولة.