احتشدت قيادات المؤتمر الوطني في القضارف بقاعة اتحاد العمال لتتلقى تنويراً عن الإستفتاء من الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية، لكن الدكتور بدل عنوان المحاضرة، واضعاً الإستفتاء خامساً في قائمة «التحديات التي تواجه الأمة السودانية» العنوان الذي آثر الحديث عنه، مقدماً على الاستفتاء تحدي تثبيت الديمقراطية والحكم الراشد، والتنمية المستدامة والتوزيع العادل للثروة، وتحقيق الأمن والاستقرار، ومشكلة دارفور، ومن ثم الاستفتاء، ومحكمة الجنايات الدولية، وقال في تنويره لقيادات الوطني بالقضارف إن هذه التحديات تواجه الأمة السودانية، وليست الدولة السودانية ولا النظام السوداني أو المؤتمر الوطني، مؤكداً أننا نعيش تحت مظلة السودان الواحد بجغرافيته المعروفة وهيكل حكمه المتفق عليه و شارحاً قضايا الهوية السودانية وجدلية النقاش حولها منذ الاستقلال، وقال: من ضروب المستحيل أن يتخلى كل منا عن قبيلته أوثقافته أو ديانته، وما يجمعنا هو السودان وباعتبار أننا جزء من كل، لانستطيع أن نعيش بمعزل عن الآخرين، في عالم يعيش في إطار الشركات العابرة للقارات، بذلك نواجه تحديات لها ارتباطات داخلية وإقليمية ودولية، لانستطيع أن نوقف النهر عن الجريان، لكننا يمكن أن نعدل في مجراه في ظل العولمة ذات الإيجابيات بالرغم من عيوبها المتعددة في عالم اتسم بالظلم وسيادة القوة، بعيداً عن القيم والأخلاق، بل يقوم على أين تقع مصلحة الدول الغربية؟ واعتبر المجتمع الإسلامي غير جاهز لتقديم البدائل التي تنقذ العالم أجمع من حيرته، هذا بما يتعلق بالسودان والمجتمع الدولي والإقليمي وقال داخلياً فإن تثبيت الديمقراطية والحكم الراشد تحتاج الى درجة عالية من الوعي والمسؤولية من المعارضة والحكومة حتى لا تكون ديمقراطية تشوبها الفوضى، ووصف الديمقراطية بأنها عملية مستمرة وليست مقطوعة تتطور حسب تطور الوعي للمجتمعات (بدأنا في مسيرتها ونسرع لصياغة الدستور الدائم للبلاد، بعد مرحلة الدستور الإنتقالي) وزاد: نحن مطالبون بتحقيق العدالة وتقوية مؤسساتنا، وأن نحارب كل ما يمت للفساد بصلة، وذلك بقيام تيار نموذجي وعدالة حتى يحس المواطن أنه آمن مطمئن، وأن نؤسس لنظام قائم على الأصالة والحداثة معاً عبر البحث العلمي الأصيل، حتى تقوم التنمية المستدامة على التوزيع العادل للثروة، وبالإستفادة من تجارب الدول التي نهضت كاليابان وكوريا الجنوبية التي لاتتوافر فيها الموارد كالتي بالسودان، بل استفادت من العقول التي استطاعت أن تقود النهضة في شتى ضروبها وشدد د. مصطفى على ضرورة أن تكون هنالك (نهضة فكرية نابعة من أصالتنا بفكر سوداني خالص، وأن ننفتح على الآخرين، ونوسع المجال لرأس المال الخارجي حتى يتوافر ويتسع الاستثمار الذي وفر العمالة والعملة الصعبة، ويوظف مئات الخريجين إن لم نقل الآلاف الذين عجزت الدولة عن توظيفهم، وقال مصطفى: لكننا بعيدون كل البعد بالرغم من المعالجات المتكررة لمشاكل الاستثمار ومعوقاته المتشابهة في كل ولايات السودان، والتجارب تقول ليس بالضرورة أن يكون هنالك بترول أو معادن، بل علينا استغلال موقفنا الجغرافي وإمكاناتنا المتاحة لخلق الاستقرار لاقتصاد يجد خلاله كل سوداني نصيبه من هذه (الكيكة) حتى لا يلجأ الى حمل السلاح ويحدث ما تخطط له الدول الغربية التي تسعى عبر استراتيجيتها بأن يعيش السودان في أزمات مستمرة حتى لا يتمكن من استغلال ثرواته وتقوى شوكته، وهذا لايعالج إلا بعمل استراتيجية واضحة تواجه كل المخططات اليهودية تجاه السودان، بنظام قوات نظامية مسلحة ومدربة بدرجة عالية من التكنولوجيا حتى يخافها الأعداء، ويرغب في صداقتها الأصدقاء، بذلك يمكن أن تشكل الأمن والاستقرار، على رأسه مشكلة دارفور التي أُنتزعت من مشكلة داخلية الى خارجية وأصبحت تستغل لتمزيق السودان، لكنها عادت الآن وأصبحت في وضعها الطبيعي كمشكلة داخلية، آخر منابرها تكون الدوحة، عبر مسودة اتفاقية دارفور التي أُعدت لتكون مفتوحة لكل من أراد أن يوقع عليها، ومن ثم يأتي الحل السياسي، ونتوقع أن يكون منتصف أكتوبر القادم هو النهاية الحتمية لهذه القضية، ويبقى تحدي الاستفتاء لجنوب السودان موضحاً أن الحديث عن الوحدة الجاذبة لم يأت من فراغ، ونيفاشا كانت واضحة نصت على أن الشريكين والمجتمع الدولي والإقليمي والسوداني أن يعملوا جميعاً لتكون الوحدة الطوعية هي خيار الجنوبيين، في ظل عالم جميعه يتجه أن يتوحد ولابد أن يتكامل السودان ويتقاسم ثرواته وليستفيد من موقعه الجغرافي الواحد، وأن الشمال سيظل مجتمعاً متنوعاً كما الجنوب، وأن الإنفصال يوقع مزيداً من الحروب والنزاعات، وعلينا أن لانتوهم أن الشمال انتهى من حرب استمرت أكثر من عشرين عاماً، وأنه يمكن أن يعيش في أمان، فكل مجتمعاتنا قبلية، ومضار الإنفصال أكثر على الجنوب من الشمال، ويقع الضرر الأكبر على إفريقيا القارة ولذلك رفعت كل الدول الإفريقية صوتها عالياً ضد الانفصال إلا يوغندا كحالة شاذة لنظرتها الضيقة بأنها يمكن أن تستغل الانفصال اقتصادياً، موضحاً أن أريتريا لم تكن في يوم من الأيام جزءاً من إثيوبيا، بل كانت دولة قائمة بذاتها، قام بضمها هيلاسلاسي بالقوة، وأن الجنوب لم يكن في يوم من الأيام دولة قائمة بذاتها، وإذا تم الانفصال بهذه الصورة تكون انتكاسة على المجتمع الدولي ككل، لا على السودان وحده. ، وقال إن المؤتمر الوطني لوحده يعمل عبر ثلاثة مسارات لتحقيق الوحدة الجاذبة أولها الإطار الحكومي وأهمه رحلات نائب الرئيس علي عثمان محمد طه الماكوكية الى جنوب السودان والخدمات التي تتم هنالك، وما يقوم الآن بولايات التماس، بجانب العمل الذي يجري بصمت، والعديد من الإنجازات المنتظرة. أما المسار الثاني فهو ا لقومي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، وكنا نأمل أن تشارك فيه كل القوى السياسية وتترك أجندتها جانباً، وكان التمثيل فيه من الاتحادي الأصل وحزب البعث بجانب قيادات جنوبية، ومازال الباب مفتوحاً أمام الجميع، ورئيس الجمهورية سيقود بنفسه حملة للتبشير للوحدة بالولايات الجنوبية عقب عيد الفطر ويحشد لها كل الإمكانات. أما المسار الأخير فيتم العمل فيه بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وشكلت لجان لذلك تناقش قضايا الاستفتاء وما بعده من وحدة أو انفصال، مع ارتفاع الصوت الداعي للوحدة في الجانبين الشمالي والجنوبي، وقال: كثيرون يعتقدون أن الزمن قد ضاع لجعل الوحدة جاذبة لكننا سنعمل حتى يدلي المواطن الجنوبي بصوته ويعبر عن رأيه، مشيراً الى شبه اتحاد تم بين الإعلام القومي والجنوبي بهدف الوصول للوحدة تأكيداً لاحترامنا لخيار الجنوبيين والتزامنا بالعهود والمواثيق واضعين في الإحتمال أن لا يقود الانفصال الى حرب مرة أخرى، بأن نكون دولتين متجاورتين ومشاكلهما مقدور على حلها، وأشار مصطفى الى أن كثيراً من الجنوبيين يقفون ضد الشمال ويمثل الشمال عنصر وفاق للجنوبيين ومن ذهب معهم لدول الجوار أبان الحرب لا يتعدى (400) ألف نسمة، في حين لجأ الى الشمال أكثر من مليوني جنوبي توزعوا على أرجاء الوطن المختلفة، وأضاف: هنالك لجان مشتركة تعمل على حل المشاكل الاقتصادية التي ترتبت حال الانفصال، بجانب حرصنا على قضايا الحدود بأن تكون واضحة قبل الاستفتاء حتى لاتحدث خلافات، واختتم مصطفى حديثه بقضية الجنايات كتحدٍ أخير يواجه الأمة السودانية يعمل خلالها المجتمع الغربي لتحقيق أجندته تجاه السودان بعد أن فشلوا في محاولة «تهتدون».. عبر المعارضة ومؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية، وحاول أن يبتعد أهل السودان عن بعضهم وإفشال الانتخابات، ولكن الشعب السوداني قال كلمته فيها، ونعمل في هذه القضية عبر الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي الذي قال كلمته وأصدر بياناً مؤخراً يدعم موقفي تشاد وكينيا ضد إشارات الأمريكان بتسليم الرئيس، موضحاً أن الدول التي حاولت أن تهدد ليس لها نظام أخلاقي، وقال: سنقود الصراع مع الجنائية الى عقر دارها في لاهاي وباريس ولندن حتى نكشف زيف هده المحكمة التي تدعي العدالة وأفقدت الثقة في النظام الدولي.