تدور في السنوات العشر الأخيرة حرب خفية وتنافس حاد بين الدول الغربية والبلدان الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الشمالية والجنوبية وماليزيا. للاستحواذ على مصادر الطاقة الافريقية - وعلى ثرواتها المعدنية والطبيعية. للاستفادة منها في الصناعات الأساسية في بلادهم - ومن ثم تصدير هذه السلع المصنوعة الى أسواقنا الأفريقية بسعر مرتفع. هذا التنافس الدولي والشراكة وان كان يفتقد للتكافئ بين الجانبين من حيث الامكانيات المادية والتقنية إلاَّ أنها تعتبر فرصة للقارة الأفريقية للحصول على العملات الصعبة، لتستفيد منها في المجالات التنموية الأخرى. ويرى المراقبون أن الجانب السلبي الأكبر في الشراكة مع البلدان الناشئة وعلى رأسها الصين هي ظاهرة تلويث البيئة الأفريقية اثناء استخراج المواد الخام كالنفط وغيرها - مثلما يحدث في نيجيريا - نتيجة الاستغلال غير المسؤول وغير العقلاني للمكامن النفطية. وتحول انتاج النفط في هذه المنطقة الى تهديد حقيقي لحياة السكان الذين وجدوا أنفسهم على حافة كارثة بيئية. كما بات من الصعب عليهم ممارسة الزراعة وصيد الاسماك بسبب تلوث التربة والمياه. لذلك اصدرت محكمة نيجيرية في وقت سابق حكماً توجب فيه شركة «رويال داتش-شيل» النفطية بدفع غرامة بقيمة (100) مليار دولار لتسببها بتلويث مساحة واسعة من الاراضي النيجيرية. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يعتبر هذا التنافس فرصة للدول الافريقية لتشهد نموا وطفرة اقتصادية؟. وفقا للمحللين. الشراكة المتنامية بين القارة الأفريقية والبلدان الناشئة في دول آسيا وعلى رأسها الصين. على الرغم من عدم توافر التكافئ الا أنه يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح . فالصين على سبيل المثال مولت البنية التحتية في (35) بلدًا أفريقياً - والهند والبرازيل تنشطان تعاونهما مع افريقيا في مجال نقل التكنولوجيا - ولا سيما في الطب والزراعة. وروسيا وكوريا وفنزويلا وتركيا والإمارات يشاركون في مجالات الثقافة والعلوم والتكنولوجيا والمعلومات والتعليم. وفي مجال التجارة البينية تنمو بسرعة، ففي العام 1995م كان حجم التبادل التجاري فقط (34) مليار دولار - ثم ارتفع إلى (97) بليون دولار في العام 2004م قبل ارتفاعه الى (283) ملياراً في العام 2008 م، وهو العام الذي، للمرة الأولى تجاوزت إجمالي التجارة بين أفريقيا وشريكها التجاري الرئيسي (الاتحاد الأوروبي). في سياق متصل تجدر الاشارة الى أن التعاون الجنوبي - الجنوبي خاصة مع الأشقاء في الجوار الاقليمي والقاري يعتبر محوراً استراتيجياً يسهم في تحقيق أهداف الألفية للتنمية وأداة أساسية وضرورية لتحقيق التكامل بين اقتصاديات بلدان الجنوب والاندماج في الاقتصاد العالمي - وآلية مهمة من أجل تعزيز الحوار والتضامن في دول الجنوب - التعاون بين دول الجنوب - فضلا عن كونه بمثابة استراتيجية يسهم في الحد من الفقر ويخلق فرص عمل - ويعزز القدرة الإنتاجية. ويساعد في تدريب الموظفين المحليين، كما يسهم في حل مشكلة ضعف البنية التحتية، والحصول على العمالة الماهرة ونقل التكنولوجيا، من خلال الحوافز التي تستهدف تشجيع شركات أجنبية. وفي هذا المنحي ينبغي أن يشمل محاور الشراكة بين دول الجنوب والجنوب على السبل الكفيلة للتغلب على الصعوبات واستخدام جميع الوسائل المتاحة لتعبئة جميع الطاقات وتفعيل جميع آليات التعاون لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. في هذا الاطار في اعتقادي الشخصي ينبغي التركيز على قطاعات استراتيجية لها تأثير مباشر على تحقيق أهداف الألفية للتنمية في القارة كالتركيز على إرساء التكامل الاقتصادي - عن طريق تطوير وإنشاء الروابط الاستثمارية والتجارية بين دول الجنوب والذي يمكن أن يسهم في تحفيزالتكامل الإقليمي وتنسيق المواقف في المنتديات الدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز قنوات الحوار والسلام والأمن في العالم. كما يمكن أن تستفيد من نهج يركز على النهوض بمساهمة القطاع العام مثل البرلمان - والقطاع الخاص والشراكات - والمجتمع المدني - والمؤسسات البنكية لتعزيز القدرات لبلوغ نمو اقتصادي مستدام. كما ينبغي تشجيع المشاريع المشتركة بين الشركات المحلية والشركات في البلدان النامية وهذا من شأنه تسهيل نشر المعرفة لأصحاب المشاريع المحليين - مما يسهم في تحويل الاقتصادات الأفريقية. وفي مجال الشراكة الثقافية يتعين التركيز على تأهيل العنصر البشري - عن طريق فتح أبواب معاهد - وجامعات أمام الأطر الإفريقية - إضافة إلى تمكين هذه الاطر من منح دراسية - وكذلك يجب إيفاد بعثات من الأساتذة إلى دول أفريقية ليشرفوا على دورات تكوينية وما إلى ذلك. ختاماً: أعتقد أن فكرة بذل المزيد من الجهود لإدماج البلدان النامية مع بعضها البعض خطوة في الاتجاه الصحيح . لكن يجب أن تكون الشراكة عنصراً مكملاً وليس بديلاً عن العلاقات الدولية مع الشركاء الأوروبيين والولايات المتحدةالأمريكية الذين هم الممولون الرئيسيون لأفريقيا في مجالات التنمية. *كاتب غيني