خلافاً لموازنة العام 2010م التى بنيت على طموحات متوازنة كما قال وزير المالية د.عوض الجاز وقتئذ فإن موازنة العام 2011م التى أجيزت فى مجلس الوزراء وطرحت على منضدة البرلمان لاجازتها قبل عطلة العيد بنيت على حالة من التكتم الضاروالذى فرض أسئلة حائرة حول سر هذا التكتم على اهم شئ فى الميزانية على ماذا بنيت من ايرادات ومصروفات وحجم العجز وطرق سد الفجوة فى الايرادات والبدائل المطروحة لتجاوز مشكلة خروج النفط من الموازنة اذا حدث انفصال، وتهيئة الناس لمآلات ما بعد الاستفتاء بتعريفهم بالحقيقة لتهيئتهم للصدمة اوتهيئتهم للأحسن حال الانفصال. ولعل ضرورة هذه التهيئة أنها تأتى من باب استعداد المواطن لاعداد ميزانيته على ضوء ميزانية الدولة هل ستكون ميزانيته تقشفية؟ ام يبحبحها شوية ام يقرط على كدا؟ هذا التقشف بدا مطلوباً بعد الحديث والنصح عن اللجوء الى أكل الكسرة او بدائل تقشفية اخرى تذكر الجميع باقتصاد الندرة الذى عانوا منه فى اوائل تسعينيات القرن الماضى. هذا التكتم الذى ضرب على ارقام وحقائق موازنة العام 2011 من قبل وزير المالية يتناقض مع نهج سلفه من الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الوزارة والذين كانوا يطرحون الموازنة على كافة القطاعات بما يحمل البشرى او التحذير مع استصحاب آراء وملاحظات هذه القطاعات قبيل تقديم الموازنة لمجلس الوزراء او البرلمان، وعندما تأتى الموازنة تجاز فى مجلس الوزراء يكشف عن تلك الارقام ليعرف الجميع حجم الايرادات والانفاق العام والعجز وطرق سده والبشريات التى تطرحها الميزانية للقطاع الخاص والعمال وغيرهم، ومن ثم يعقد الوزيرلقاء تنويرياً لاجهزة الاعلام يجيب بكل وضوح على اسئلتهم، هذا التقليد لا نقول ان وزارة المالية لم تعمل به هذا العام مع موازنة العام 2011 ولكنها كانت متعمدة عدم الكشف عن الارقام والحقائق التى كانت تكشف عنها قبل ان تعرض الموازنة على البرلمان. ولذلك لم يكن هنالك مبرر لوزير المالية الحالى فى التكتم على ارقام الموازنة قبل طرحها على البرلمان فقد كشف سلفه د. عوض الجاز عن عجز موازنة العام الحالى (2011) بأنه يبلغ (10.6) مليارات جنيه نتيجة لأن تقديرات الانفاق العام كانت تبلغ نحو (32) مليار جنيه بينما الايرادات نحو(21.4) مليارجنيه بنسبة نمو (29%) عن موازنة العام 2009 منها مبلغ (10522.2) مليون جنيه ايرادات بترولية ،ومبلغ (11213.8) مليون جنيه ايرادات غيربترولية .بينما بلغت ايرادات المنح (1969.7) مليون جنيه كما ان الموازنة استهدفت حينها معدل نمو(6%) فى الناتج المحلى الاجمالى وخفض معدل التضخم الى (9%) والمحافظة على عرض النقود فى حدود معدل (22.5%) وحصرالاستدانة من الجهاز المصرفى فى حدود (0.9%) من الناتج المحلى الاجمالى. كل تلك الارقام كشف عنها وزير المالية السابق د. عوض الجاز بعد اجازتها من مجلس الوزراء فى لقائه التنويري مع الصحافيين بعد اجازة الموازنة، بينما لم يكشف عنها الوزير الحالي للصحافيين رغم الاسئلة التى طرحوها على الوزيرولكنه اكتفى بالقول بان العجزالكلى فى الموازنة (9.6%) وانها تستهدف تحقيق معدل نمو(5%) وزيادة فى الناتج المحلى الاجمالى الى (190) مليارجنيه مقارنة ب(162) مليار جنيه لتبقى بقية الارقام والحقائق فى انتظارالكشف عنها تحت قبة البرلمان. كما سعى الدكتور صابر محمد حسن للكشف عن سعرصرف الجنيه مقابل الدولارفى الموازنة الجديدة ،واستأذن وزيرالمالية ليعلن د. صابر سعر الصرف بانه (2) جنيه و(70) قرشاً مقارنة ب(2) جنيه و(50) قرشاً فى موازنة العام الحالى،اي بزيادة (20) قرشاً تعادل نحو (15%) زيادة فى سعر الصرف، وهذه الزيادة الجديدة على الرغم من انها خبر غير سعيد وستؤثر على أسعار السلع والخدمات وعلى أسعار الدولار التي تشهد ارتفاعاً مستمراً،إلا ان هذا الاعلان فيه تهيئة للمواطنين بالصدمة المتوقعة من تداعيات ارتفاع اسعارالدولارفى السوق الاسود او الموازى، واصبح البعض يتحدث الان عن ان الدولارفى السوق الموازى سيصل الى كذا وكذا،وبالتالى هنالك تحسب لهذه الزيادة من المواطن. ومن هنا يتضح ان د.صابر أحرز هدفاً مبكراً، بينما سيضاعف وزيرالمالية من مجهوده لاحراز أقوان نأمل أن لا تكون فى الزمن الضائع اوالاضافي ،ولذلك ندعو وزيرالمالية الى كشف المستوروازالة الكتمان وتهيئة المواطنين لما هو قادم واشراكهم فى الاستعدادات ليتكامل الجهد الرسمي مع الشعبي وينأي وزير المالية بنفسه عن اللائمة ويتفادي مخاطرالتكتم الضار.