هذه الأيام يوجد السيد كبير مساعدي رئيس الجمهورية السيد مني أركو مناوي في العاصمة الأمريكية ويلتقي كبار المسؤولين. والولاياتالمتحدة لها سياسة غريبة في دعوة كبار المسؤولين في السودان لزيارتها فهي تتخير من هؤلاء الكبار الشخصيات التي تنتمي إلى الأحزاب غير المؤتمر الوطني، بل تتخير من هو على خلاف ظاهر مع المؤتمر الوطني مع وجوده في قمة الهرم القيادي في الدولة، أي في القصرالجمهوري. وتتعامل الولاياتالمتحدة بعكس هذه السياسة مع كبار المسؤولين في الحكومة بشكل عام ورجال الدولة في القصر الجمهوري بوجه أخص. توجه الدعوة للطائفة الأولى وترتب لهم زيارات مهمة ولقاءات، الذي يكشف عنها ليس هو كل ما يدور فيها. بل فالحكومة الأمريكية ترفض للكبار وحتى رئيس الجمهورية أن يتجاوز المساحة المحددة جغرافيا لحركة الدبلوماسيين والأجانب وفعلت هذا مع الرئيس البشير وتفعله ايضاً مع طاقم السفارة السودانية رغم أن السودان لا يلزم الزوار والدبلوماسيين الأمريكيين بهذا القيد العرفي. هذه السياسة أي دعوة الكبار في القصر من معارضي المؤتمر الوطني وهم في السلطة فعلتها الولاياتالمتحدة مع مساعد رئيس الجمهورية السيد مبارك الفاضل، والذي كان إصراره على الزيارة مع إعتراض شريكه في الحكم سببا في فقدانه لمنصبه وخروجه من القصر ومن الحكومة. وفعلت الولاياتالمتحدة ذات التوجه مع السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية السيد سلفا كيرميارديت ولعل حجم الحزب الذي كان يمثله السيد مبارك الفاضل المهدي كان له أثر في فقدانه لأرضية يجابه بها شريكه الرافض للزيارة فهو كان يمثل حزبا منفصلا عن حزبه الأم، ولم يأت من بين يدي إتفاق سلام، ولا من حزب يمثل جهة ذات تأثير قوي أو جهوي على السلطة وليس فصيلا يحمل السلاح. وهذا لا يعني أن مثل هذه الزيارات تجد الترحيب من المؤتمر الوطني بل لعلها من أقوى الأسباب التي تزيد من شقة الخلافات بين أطراف الحكم وتعضد توجه الشركاء بأن يمضوا في سياسة المعارضة من (الداخل). وهذه سياسة تنسجم مع التوجه الأمريكي بتقسيم البلاد من حيث التعامل في المجالات كلها خاصة في المقاطعة الإقتصادية التي ترسم ليضار منها شمال السودان والحكومة المركزية ويستثنى منها جنوب السودان ولكن هذه السياسة تمضي في الحال التي نتحدث عنها إلى أعمق وإلى أعلى بين يدي الرئيس ومن داخل القصر. ولعلها تكون السياسة الأقرب إلى مبدأ (فرق تسد) أومن باب سياسة (دعوة كبيرة) قد تعني (إختراقا كبيراً).