العلاقات السودانية السعودية أزلية ومتطورة وتعززها رابطة الدين والجوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهذا ما دفع الاستاذ علي أحمد كرتي وزير الخارجية الى اجراء مباحثات مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في جدة مطلع هذا الاسبوع، لاطلاع المملكة على تداعيات الاحداث بالبلاد مع اقتراب انفصال الجنوب، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بينما أكد الأمير سعود الفيصل وقوف بلاده ودعمها للسودان في مواجهة إستحقاقات المرحلة المقبلة، وحرص على دعم جهود السودان لتحقيق الإستقرار والسلام . هذه التأكيدات السعودية لمواجهة استحقاقات المرحلة، حظيت بترحيب واسع من خبراء الاقتصاد لما يمكن أن تلعبه السعودية من دور سياسي، ودعم اقتصادى لامتصاص تداعيات الانفصال، ولكن الدعم السعودى طرح اسئلة ايضاً حول طبيعة هذا الدعم ونوعه وحجمه ومجالاته وما يمكن ان تقدمه السعودية للسودان، وما يحتاجه السودان من السعودية؟ ويرى خبراء الاقتصاد ان السعودية يمكن ان تقدم انواعاً عديدة من الدعم تتمثل فى السياسي فى المحافل الدولية والاقليمية لعلاقات المملكة بالقوى الدولي الفاعلة وامريكا تحديداً، الى جانب الدعم السلعى بتوفيرالعديد من السلع التى يحتاجها السودان بعد الانفصال وتتطلب نقداً اجنبىاً وفى مقدمتها الجازولين والسكر والقمح الى جانب دعم ميزان المدفوعات والدعم المالى وتشجيع الاستثمارات ورؤوس الاموال السعودية للاستثمار فى السودان. ويؤكد عبد الرحيم حمدى وزيرالمالية السابق ان السعودية يمكن ان تقدم الكثيرمن الدعم للسودان وفى مقدمته المالي، والسلعي بتوفير الجازولين أو البترول، بجانب السياسي. وإضاف فى حديثه ل( الرأى العام ) بعد الرحلة الموفقة لرئيس الجمهورية الى الصين وما توجت به من اتفاقيات تعاون ودعم للسودان ، جاءت زيارة وزيرالخارجية الى جدة لاطلاع السعودية بحقائق الاوضاع بالبلاد وطلب الدعم من المملكة التى اكدت ذلك عبر وزير خارجيتها. وأردف : ( هنالك مكاسب عديدة من هذه زيارة لما تمتلك السعودية من فوائض مالية وبترول الى جانب ثقل سياسي دولى واقليمي يمكن ان تسهم به فى معالجة قضايا الديون وتشجيع الاستثمار ). ومضى حمدى الى القول: عندما كنت وزيرمالية فى ابريل من العام 1990 حملت مقترحات الى السعودية للاستثمارفى السودان فى كافة المجالات والتدخل لحل مشكلة الديون). واضاف : الاستثمارات السعودية بالسودان الآن طالت كل القطاعات خاصة الزراعة والصناعة والخدمات والبنوك ،حيث تسهم رؤوس الاموال السعودية فى العديد من البنوك المحلية مثل بنك فيصل الاسلامى السودانى والتضامن الاسلامى، والسعودى السودانى، والبركة السودانى الى جانب استثمارات العديد من رجال الاعمال السعوديين ومن بينهم الشيخ صالح الكامل والراجحى، كما هنالك فرص عديدة لاستثمارات السعودية بالسودان متاحة الآن فى كافة المجالات. وعضد د.عثمان البدرى الخبيرالاقتصادى من القول بأهمية العلاقات السودانية السعودية، والتى قال إنها ينبغى ان تأتى فى المرتبة الاولى من حيث العلاقات مع الدول لرابطة الدين والجوار، كما ان السعودية ليس لها اجندة فى السودان من ناحية جيو سياسية، ولديها ثقل اقليمي ودولى وامكانيات مالية ويمكن ان تدعم السودان فى مجالات عديدة . وأكد د.البدرى فى حديثه ل( الرأي العام) ان السودان يحتاج الى دعم مالي نقدى يبلغ (5) مليارات دولارتوضع فى بنك السودان المركزى لرفع احتياطيات النقد الاجنبى، وتغطية العجز فى الميزان التجارى، وميزان المدفوعات، ودعم العملة السودانية ومقابلة احتياجات الواردات عبر ودائع سهلة مستردة او قروض طويلة الأجل . واضاف: نحتاج الى دعم مباشرفى مجالات المياه والطرق وبعض السلع الاساسية كالقمح والسكر والجازولين عبر قروض سلعية تصل لمدة (3) سنوات حتى تأتى المشروعات المخططة من قبل الحكومة أكلها ،كما نحتاج الى دعم ليس من السعودية وحدها وإنما من قطر والامارات والجزائر وبقية الدول ذات الفوائض المالية الى جانب الدعم من تركيا كدولة ناشطة دولياً بتقديم دعم سياسي وفنى وتكنولوجي، فضلاً عن الدورالبريطانى الذى يمكن ان يؤثر ايجاباً فى دعم السودان فى مرحلة ما بعد الانفصال. ودعا د.البدرى الى ضرورة تشجيع الاستثمارات السعودية بالبلاد للاستفادة من فوائض الاموال السعودية فى الاستثمار الزراعى المباشر مع المزارعين ، والقطاع الصناعى خاصة فى مجال الصناعات البتروكيماوية للاستفاد ة من الخبرات السعودية فى هذا المجال. وفى السياق أمن د.سيد على زكى وزير المالية السابق على اهمية الدعم السعودى للسودان لامتصاص تداعيات الانفصال، وقال د.زكى فى حديثه ل(الرأي العام) من اهم انواع الدعم الذى يمكن ان تقدمه السعودية للسودان هو دعم ميزان المدفوعات، واستيراد المنتجات البترولية خاصة الجازولين الذي يتم استيراده حتى فى ظل تصديرالسودان للنفط قبل الانفصال، ولكن بعد الانفصال ستكون هنالك صعوبات مالية فى استيراده ويمكن توفيره من السعودية لاسيما وان للسعودية تجربة مع دول اخرى كاليمن، الى جانب الدعم الذى يمكن ان تقدمه السعودية للصناعات التحويلية ومواد البناء والادوات الصحية والكوابل الكهربائية ، فضلا عن توفير فرص العمل للسودانيين. واشار د.زكى الى ان السعودية يمكن ان تساعد السودان فى معالجة ديونه الخارجية بدعمها السياسي وثقلها الدولى، وتقديم الدعم المالى بما تمتلك من فوائض مالية الى جانب تشجيع الاستثمارات السعودية بالبلاد ذات المردود السريع الى جانب تلبية الاحتياجات السريعة من السلع الاستهلاكية.