دول مجموعة شرق إفريقيا الخمس والتى سوف تتقوى وتدعم بإنضمام جنوب السودان والكونغو, تعتبر من أكثر المجموعات الإقليمية الإفريقية المرتقبة ثراء, وها هى الآن تركز إهتمامها على إصدر عملة موحدة بحلول العام القادم. وبعد أن تجاوزت هذه الدول مرحلة التنافس الأخوي المستمر وتنامي السياسات الإقتصادية المتضاربة و التغلب على الإختلافات السياسية الأيديولجية , فإن مجموعة شرق إفريقيا التى تشمل كينيا ورواندا و بورندي وتنزانيا ويوغندا تغطى مساحة قدرها1.8 مليون كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها مجتمعة126 مليون نسمة ولديها80 بليون دولار من الناتج الإجمالي المحلي سوف تتحول بسرعة إلى إتحاد مالي موحد. وفى مطلع يناير من هذا العام تم تشكيل قوة عمل رفيعة المستوى لتضطلع بمهمة الإتحاد النقدي لشرق إفريقيا. وتمثلت مهمتها فى وضع الخطط لمسار التكامل الإقتصادي والإعداد لإنشاء المصرف المركزي لشرق إفريقيا برأسمال مقترح قدره500 مليون دولار, والعمل على إصدار عملة شرق إفريقيا الموحدة(الشلن) خلال العام المقبل(2012). و قال جمعة ماواباشو الأمين العام السابق لمجموعة شرق إفريقيا:» خلال خواتيم الستينيات و مطلع السبعينيات من القرن الماضي لم يكن هناك إقليم فى العالم لديه إتحاد نقدي قائم و فعال على خير ما يرام سوى مجموعة شرق إفريقيا. وأحد رموز تكاملنا الإقتصادي هو العملة الجديدة. ذلك لأن العملة الجديدة من شأنها أن تمدنا بمزيد من العلاقات القوية. وإجتمعت قوة العمل رفيعة المستوى فى موانزا للمرة الثالثة للتفاوض حول كيفية الإسراع بتناغم الإقتصاد الكلي والإحصاءات المالية. وبموجب إطارالعمل الجديد من المتوقع أن تقر الدول الأعضاء خلال فترة قريبة النظام المالي المشترك ونظام الإحصاءات المالية لدعم الهيكل الحالي الذى تحتفظ فيه كل دولة بنظامها الخاص بها. ويعتبر إجتماع موانزا إختراقا رئيسيا لأن الإجتماع الإفتتاحي في مقر مجموعة شرق إفريقيا بأروشا أخفق فى تحقيق الإجماع. وكذلك مني إجتماع آخر فى مدينة بوجمبورا بالفشل فى تحقيق الكثير خلال شهر مارس الماضي. ولعل الأمر الأكثر أهمية أنه بالرغم من التأجيلات الكثيرة الناتجة عن الإستبداد بالرأى و التى أدت إلى تأخير عملية التكامل , فإن الإرادة السياسية متوفرة. وقال وزير شئون شرق إفريقيا الأوغندي إيريا كاتيقايا:» إن الإتحاد النقدي عملية مستمرة والأعمال الورقية أصبحت جاهزة. وهدفنا هو الإتفاق و التوقيع النهائي على الوثيقة الأخيرة بحلول العام القادم . وتعتبر العملة المشتركة أمرا جوهريا لإنسياب التجارة بسلاسة. ونحن الآن فى مرحلة خلق إقتصاد إقليمي موحد والذى يعمل دون الحاجة إلى عملية رتق لتسهيل تجارة أسرع داخل المجموعة والحد من المقايضة الأجنبية ومخاطر نفقات الربح و مرد ذلك لوجود مصرف مركزي واحد لدينا.» المعالم السياسية و الإقتصادية البارزة على رأس أجندة الكتلة الإقليمية معلمان بارزان من الإنجازات التى ما زالت متبقية وهما: إتحاد شرق إفريقيا النقدي والإتحاد الفدرالي لشرق إفريقيا واللذان من المزمع قيامهما على التوالي فى عامي 2012و2020م. وبشأن الإتحاد النقدي لشرق إفريقيا ظل التكنوقراط من الدول الأعضاء حريصين على فهم التعقيدات المثارة والتى تثار كما هو متوقع للحفاظ على معدلات ربح مماثلة والسياسات المالية و معدلات التضخم والمسائل المتعلقة بدوراتها الإقتصادية. وإستخدام عملة شرق أفريقيا المتصورة لتسوية المدفوعات أيضا محل إعتبار. والتكنوقراط الماليون يدققون فى إختيار أفضل الممارسات فى منطقة اليورو. ويقول البروفيسور توموسيم موتابايل محافظ مصرف أوغندا:» نحن فى حاجة الى رباطة الجأش تجاه النكسات الحتمية. وإن تأسيس إتحاد نقدي لشرق إفريقيا سوف يكون مهمة عسيرة و محفوفة بالمخاطر, و هو فى حاجة الى قدر كبير من العمل الهائل لإصلاح المؤسسات وتغيير التشريعات و مراجعة السياسات الإقتصادية الكلية. وهذا مشروع طويل الإمد و سوف يتحقق على مدى عدة عقود. والتحديات العديدة التى قهرتها مجموعة شرق إفريقيا حتى الآن لم تكن سهلة لأعضاء الكتلة الذين تحملوا العديد من التوترات السيادية والتضحيات والمخاطر . وعلى رأس هذه العقبات صعوبة ضم( 126) مليون نسمة الذين يكونون مجموعة شرق إفريقيا بحيث يشعرون بأنهم جزء من المجموعة . ففى شهر مارس من هذا العام وبموجب مبادرة النتائج السريعة دشنت وزارة شئون مجموعة شرق إفريقيا الكينية برنامجا للتوعية والذى تم إعداده للقيام بجولات تشمل أرجاء البلاد لتبصير الجمهور الكيني بمنافع تكامل مجموعة شرق إفريقيا. و قال ديفيد نالو الأمين العام الدائم لوزارة مجموعة شرق إفريقيا :» أدركنا أن معظم الكينيين لا يعرفون سوى القليل عن مجموعة شرق إفريقيا ومنافعها والفرص التى يمكن إستغلالها فى المنطقة. و هذه الإستراتيجية تساعدنا على نشر التوعية». و جاء هذا التحرك فى أعقاب دعوة الرئيس الكيني مواي كيباكي للإسراع بعملية تكامل مجموعة شرق إفريقيا, حين قال : « دعونا نعمل جاهدين لسد فجوة المعلومات الخاصة بمجموعة شرق إفريقيا حتى يحصل الناس الذين ينتفعون بعملية التكامل على المعلومات الخاصة بهذه الكتلة الإقليمية. » تنامى العمل التجاري بالإندماج إذا لم تتوافر الإرادة السياسية المقدامة لتحقيق الطاقات الكامنة فى مجموعة شرق إفريقيا لايمكن للطبقة السياسية تحقيق إنجازات الكتلة الإقليمية جمعاء. و إستطاع مجتمع العمل التجاري تحت حماية مجلس شرق إفريقيا للأعمال التجارية لعب دور أساسي تجاه تكامل أسرع وفى واقع الأمر كان شركاء العمل التجاري الإقليميون لهم الصوت الأعلى فى حث مجموعة شرق إفريقيا لتوخى السرعة فى القيام بمهامها. وقال حسين كاموت المدير التنفيذي لإتحاد الصناعات التنزاني: « تنفيذ الموجهات الإقليمية ضعيف وغير مناسب بصفة عامة على المستوى الوطني. وحتى الآن لم يتم تحديد تاريخ معين للتحقيق الكامل للإتحاد النقدي لشرق إفريقيا بالرغم من أن العام المتفق عليه هو2012 و إذا تحقق الهدف السامي المتمثل فى العملة الموحدة فإن مجموعة شرق إفريقيا تكون قد إقتربت كثيرا من تحقيق هدفها الأسمى وهو الإتحاد الفدرالي فى زمن قياسي و من شأن هذا أن يغير سياسات الإقليم. وحسب مايراه كاتيقايا وزير شئون شرق إفريقيا اليوغندي : « ثمة منافع إقٌتصادية جمة ترتبط بالمجموعة, لأنه لدينا أناس متعلمون و أعداد كبيرة من السكان و كميات هائلة من الموارد الطبيعية والجغرافية الملائمة . وأذا أضفنا جنوب السودان و الكونغو( وكليهما أبدى رغبته فى الإنضمام الى مجموعة شرق إفريقيا) فإننا دون ريب سوف نرى أكثر مناطق إفريقيا ثراء. و ما زالت معظم مواردها بكرا.