أفلحت جهود إتحاد الأطباء والجمعيات الطبية المتخصصة وكبار الإستشاريين في حل قضية الأطباء المتوقفين عن عملهم في عدد من المستشفيات ومزاولتهم لنشاطهم، وذلك بعد التوافق على حلول مرضية، وكان رئيس اتحاد الأطباء السودانيين بروفسير عبداللطيف عشميق قد أصدر قراراً قضى بموجبه تشكيل لجنة مبادرات برئاسة البروفسير بابكر جابر كبلو الأمين العام للجمعية الطبية السودانية وعضوية العديد من الإستشاريين والنواب لرفع هذا الإضراب الجزئي، وصياغة مذكرة شاملة لكل المحاور المختلفة من أجل معالجة قضايا قطاع الصحة بالبلاد حسب المبادرات المقدمة في هذا الصدد، بالإضافة إلى وضع تصور لضمان تنفيذ هذه المحاور وإستمراريتها. وقلل عدد من المراقبون من توقف بعض الأطباء عن العمل بإعتبار أنه كان محدوداً، حيث شمل بعض المستشفيات بولاية الخرطوموالولايات ، واكدوا أن الوضع كان مستقراً نسبة لإستمرار أعداد كبيرة من الأطباء في تأدية واجبهم المهني ، وإتهم المراقبون بعض الأحزاب السياسية بمحاولة تسييس القضية وجر الأطباء من الحقل الإنساني إلى تسييس مهنة الطب التي تمس المواطن. رفض ومعاناة ورفضت قوى سياسية محاولات تسييس مايشهده القطاع الصحي، وقالت إن بعض الأحزاب المعارضة حاولت تحقيق مكاسب عبر إستمرار معاناة المواطن وحرمانه من الحصول على حقوقه المقدسة في العلاج، وشددت على أنها لا ترى سبباً واحداً او مسوغ أخلاقي يجعل الطبيب يرفض معالجة المريض وهو في أضعف حالاته، ودعت العاملين في القطاع الصحي للإلتزام بالجانب الأخلاقي والديني لهذه المهنة الإنسانية، وأن لاتكون معاناة المرضى هي وسيلة لتحقيق المكاسب، وفي ذات الوقت أكدت رفضها لأي إستهداف أو إعتداء على الأطباء. فيما أعلنت وزارة الصحة على لسان وزيرها بحر إدريس أبو قردة عن مساعي وتفاهمات تم التوصل إليها مع الأطباء المتوقفين عن العمل لمزاولة نشاطهم ، واشار إلى صرف أكثر من (7) مليار جنيه لتوفير الأجهزة والأدوية بصورة عاجلة للمستشفيات، واشار إلى أن تكلفة العلاج المجاني بلغت 115 مليون دولار وأن الوزراة تصرف 80% من ميزانيتها على المستشفيات، وتبنى الوزير جميع المقترحات التي تصب في إتجاه تعزيز الصحة لجميع المواطنين، والعمل على حل المشاكل والمعوقات التي يعاني منها القطاع الصحي، وتهيئة بيئة العمل وسد النواقص ومعالجة إشكالات التدريب وتوفير الحماية القانونية للأطباء، بجانب العمل على اصلاح النظام الصحي بالبلاد، والسعي لإستصدار التشريعات اللازمة لحماية المرافق الصحية. وفي غضون ذلك قطعت وزيرة الدولة بوزارة الصحة سمية إدريس أكد، بأن توقف الأطباء عن العمل لم يشمل كل الولايات وإنحصر في عدد محدود من مستشفيات الخرطوم، وقالت " نحن مع مطالب الأطباء الشرعية وغير ذلك لسنا معهم" وأكدت أن المستشفيات تأثرت بما يثار في وسائل الإعلام حول توقف الأطباء عن العمل. وكشفت عن إجراء الوزارة لمعاجات فورية لتلافي توقف الأطباء والتعامل بجدية ومهنية مع كل القضايا التي تم طرحها لمصلحة المواطن وسد النقص في جميع الولايات بعدالة بما فيها ولاية الخرطوم. واجب أخلاقي وأشارت سمية إلى أن مطالب الأطباء في البداية كانت لتوفير الحماية والسلامة لهم، ووعدت بالاستجابة لمطالبهم، وأشارت إلى منشور وزارة العدل الذي وجه بمعالجة الحالات الطارئة دون المطالبة ب"أورنيك 8′′ وفق ضوابط محددة تحفظ الحقوق وتمكن الطاقم الطبي من أداء دوره المهني دون التعرض للمسؤولية الجنائية. وقالت إن مشروع توطين العلاج بالداخل يسير بصورة جيدة بتمويل من وزارة المالية الاتحادية. وإمتدح نقيب الأطباء بروفيسور عشميق قرار وزارة العدل المتعلق بمعالجة الحالات الطارئة دون المطالبة ب"أورنيك 8″، مؤكداً أن الطوارئ في كل مستشفيات البلاد تعمل بطاقتها القصوى. وقال عشميق إن ما يسمى ب"لجنة الأطباء المركزية" لا تمثل الأطباء وهي جسم غير معترف به، مؤكداً أن مطالب الأطباء بتحسين بيئة العمل وجدت الاهتمام من وزارة الصحة. أورنيك (8) وكانت وزارة العدل قد أصدرت منشوراً قضي بعلاج الحالات التي تتطلب الإسعاف العاجل في المستشفيات العامة والخاصة دون الحصول على إستمارة الشرطة الجنائية رقم (8)، حيث وجه وزير العدل عوض الحسن النور في المنشور رقم (6) لسنة 2016 ، بعدم الزامية الاستمارة عند مباشرة الطبيب لعلاج الحالات التي تتطلب الاسعاف العاجل، وان لا يحول عدم حصول المريض على هذا الأورنيك دون تلقيه الاسعاف او العلاج اللازم في المستشفيات الخاصة والعامة. وقرر المنشور في حالة مباشرة الطبيب لإسعاف المصاب وعلاجه أن يقوم ملف المريض الطبي مقام إستمارة الشرطة الجنائية رقم (8) وأن يقدم للشرطة أو النيابة أو المحكمة متى ماطلب ذلك. كما قضى المنشور في حالة المصابين في ظروف لاتمكنهم من توقيع إقرارات بأنفسهم أو ذويهم أن يقوم الأطباء بإجراء الإسعافات اللازمة للمصاب دون الحاجة للتوقيع من المصاب أوذويه. وألزم المنشور النيابة العامة بالولايات والمحليات التنسيق مع مديري أقسام الشرطة لتوفير إستمارة الشرطة الجنائية رقم (8) بكافة المستشفيات. تحسن أوضاع ويرى عدد من المختصين أن الإجراءات التي إتخذتها الدولة في أعلى مستوياتها من شأنها الإسهام في تطوير النظام الصحي بالبلاد والحد من الإعتداءات على الأطباء والمرافق الصحية، وقالوا أن دخول مجموعة من الأطباء في اضراب بأقسام الحالات الطارئة في عدد من المستشفيات الحكومية ينافي لأخلاق المهنة الإنسانية، في ذات الوقت طالبوا الدولة بزيادة ميزانية المستشفيات وتفعيل القوانين التي تحمي الأطباء والكوادر والمنشآت الصحية وتحسين بيئة العمل وتوفير الإحتياجات الضرورية بالمستشفيات الحكومية للمساعدة في علاج المواطن البسيط. 2 قضايا الأطباء.. جدل "الواتس" وحكمة القصر تقرير (smc) وضع اجتماع القصر يوم الخميس الماضي" خارطة طريق " لإصلاح النظام الصحي بالبلاد برمته من خلال المبادرات المقدمة من داخل القطاع نفسه. وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن استجابة الحكومة لمطالب القطاع الصحي جاء نتيجة للإضراب الذي أعلنه النواب وأطباء الإمتياز، إلا أن للقصة فصول سبقت الإضراب الذي تم رفعه بناء على إلتزامات الرئاسة القاضية بتحسين بيئة العمل والحماية اثناء تأدية واجبهم، وزيادة الميزانية المخصصة للنظام بنسبة 28٪. ويبدو أن الإعتداء على أطباء مستشفى أم درمان من قبل بعض المرافقين قد أثار الكثير من القلق وفتح الباب لمناقشة قضايا القطاع الصحي برمتها. وقد أمتد هذا القلق ليشمل الدولة في أعلى مستوياتها، حيث دعت الرئاسة إلى إجتماع ضم وزارة الصحة والقضاء ووزارتي العدل والداخلية لوضع حلول عاجلة لحماية الكواردر الطبية، حيث تم الإتفاق على تكوين شرطة لحماية المستشفيات. وشرعت وزارة العدل في إجراء الدراسة الفنية لإصدار قانون جديد يتعلق بالمسؤولية الطبية، ويشمل أحد فصول القانون توفير الحماية للأطباء أثناء تأدية واجباتهم. وتنظر إدارة التشريع بالوزارة في مدى علاقة التشريع الجديد بالقوانين ذات الصلة –خاصة قانون الصحة العامة-، وإمكانية تعارضه معها أو تكميله لها. تبع ذلك منشور وزير العدل القاضي بعدم إلزامية استمارة الشرطة الجنائية رقم (8) عند مباشرة الطبيب لعلاج الحالات التي تطلب الإسعاف العاجل، واضعا حدا للجدل الذي دار حول الأمر. وقرر المنشور أن يقوم ملف المريض الطبي مقام أورنيك (8) دون الحاجة للتوقيع من المصاب أو ذويه بالإجراء. قبل ذلك كله بدأ إهتمام اتحاد الأطباء بإيجاد حلول لقضايا منسوبيه واضحاً، حيث تنبه لإمكانية استفادة الأطباء من تعديلات الإجراءات الجنائية، وتضمين بعض المواد القانونية التي تراعي حساسية ممارسة الأطباء لمهنتهم. وفي هذه الإطار كان لقائه بوزير العدل لشرح شواغله، وبعدها أصدر الوزير في فبراير الماضي منشوراً قضى باتخاذ إجراءات أولية وفقاً للمادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية، بجانب الاستيثاق عن مدى مسؤولية الطبيب المعني وإخطار اتحاد الأطباء بالفعل المنسوب إليه للعلم، واتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة، كما قضى المنشور بالإفراج عن الطبيب بالتعهد الشخصي أو الكفالة حسب الواقعة وتقرير وكيل النيابة المختص، بعد التحقيق والاستجواب وتقييم الفعل المنسوب إليه، باستثناء الإجراءات والمخالفات والجرائم التي ترتكب خارج نطاق المهنة. ويؤكد د. ياسر أحمد إبراهيم رئيس النقابة العامة للمهن الطبية والصحية ل (smc)أن الخلل في القطاع الصحي ليس بجديد وترتب عليه قصور في المستشفيات خاصة أقسام الطوارئ والحوادث والعناية المكثفة مشيرا إلى عدم توسع الطاقة الإستيعابية وعدم توفر الأجهزة والمعدات والمال اللازم للتسيير إضافة للنقص في الكوادر الطبية للهجرة الكبيرة وضعف المرتبات والحوافز. وقال إن الوضع أدى إلى تذمر وسط المرضى واحتكاكات مع الأطباء والكوادر. وقال د. ياسر أن النقابة نفذت عددا من الوقفات ورفعت عددا من المذكرات في يوليو وأغسطس للجهات الرسمية ذات الصلة وانتهاء برئاسة الجمهورية، مبينا أنهم جلسوا مع عدد من الجهات لبحث الإشكالات والعمل على معالجتها والتي تتعلق بقضايا الإعتداءات على الأطباء وزيادة المرتبات والعلاوات. وأوضح أن نائب الرئيس وجه بتكوين لجان متخصصة وسن التشريعات اللازمة للحماية وإصلاح النظام الصحي في مجالات التدريب وبيئة العمل والتوظيف وتحسين إستراحات الأطباء. وأكد رئيس النقابة العامة للمهن الطبية والصحية أن اللجنة التي تم تشكيلها مؤخرا أنجزت 70% مما طالبت به مذكرة الأطباء النواب حتى قبل حدوث الإضراب الجزئي. كما أن لجنة الإصلاح الصحي قطعت شوطاً بعيدا في وضع خطط متكاملة لتحسين بيئة العمل في (40) مستشفى للطوارئ والإصابات بالخرطوم و19 بالولايات. بدورها أوضحت سمية أكد وزيرة الدولة بوزارة الصحة الإتحادية ل(smc)أن همهم في المقام الأول أن يجد المواطن حقه في العلاج، مشيرة إلى أن القطاع الصحي خلال ثلاث سنوات شهد نقلة في تطوير الرعاية الأولية ونقل الخدمات للولايات وتوفير التخصصات والمعدات الطبية. وقالت أن السودان من الدول القليلة التي توفر مجانية العلاج للأطفال دون سن الخامسة والولادات القيصرية وأمراض الكلى والسرطان والمايستوما. وأشارت أكد إلى أن ميزانية الصحة خلال السنوات الأربع الأخيرة تزيد عاماً تلو الآخر حتى وصلت إلى نسبة 9% من الموازنة القومية بدلاً عن 3%، منبهة إن هذه ليس كل المصروف على الصحة، وأوضحت أنه تم تخصيص مبلغ 2.4 مليار جنيه فقط لصالح التنمية الصحية على المستوى الإتحادي لمجالات الرعاية ونقل التخصصات وتوفير الأجهزة والمعدات للإسهام في تطوير القطاع الصحي. وأضافت: أن الدولة أجازت عددا من المشروعات وتم الشروع في تنفيذها حتى قبل المطالبة بها خلال الإضراب الأخير، أما المعدات التي تم توفيرها للمستشفيات مؤخرا فقد كانت مجازة مسبقا وهو ما سهل الحصول عليها. رفع الإضراب وفقاً لما انتهى إليه تم بصورة وصفها المراقبون بالحضارية، والتي بددت مخاوف الإستغلال السياسي لقضايا الأطباء. خاصة بعد أن امتلأت وسائل التواصل الإجتماعي ببيانات تعلن الإنحياز للأطباء في اضرابهم من عدد من الإتحادات و"اللجان المركزية" التي تدعي تمثيل الأطباء والمعلمين والصحفيين وغيرهم. وكان هدف ذلك واضح في محاولة توسيع قضية الأطباء المطلبية إلى محاولة إثارة الراي العام ضد الحكومة.