تقرير:(smc) فاجأت روسيا المحكمة الجنائية الدولية بقرار إنسحابها من عضويتها في خطوة لم تكن ضمن حسابات المحكمة التي افاقت على قرار الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأن روسيا لن تكن عضواً بالمحكمة الجنائية الدولية بناءاً على مقترح من وزارة العدل الروسية . واوضح بوتن أن المحكمة فشلت تحقيق تطلعات المجتمع الدولي ، وجاء القرار الروسي على خلفية اصدار المحكمة الجنائية الأسبوع الماضي بياناً أعلنت فيه رأي المحكمة حول تورط روسيا وأوكرانيا في صراع مسلح وأعتبارها القرم اراضي محتلة. الإنسحاب الروسي من الجنائية له دلالات عديدة لجهة أن روسيا من الدول المؤسسة لنظام المحكمة الأساسي فقد كانت من اوائل الدول التي وقعت على معاهدة روما لتأسيس المحكمة الجنائية منذ العام 2000م غير أنها لم تصادق على تلك المعاهدة كما أنها إعترفت بأن المحكمة خلال الأعوام السابقة لم تصدر سوي اربع احكام في الوقت الذي أنفقت فيه أكثر من مليار دولار. ويشكل الإنسحاب الروسي ضربة موجعة للمحكمة الجنائية التي لم تفق بعد من صدمة انسحاب الدول الأفريقية (بورندي وجنوب افريقيا وغامبيا) بجانب أنها تترقب بتوجس قرار الإنسحاب الأفريقي الجماعي في فبراير القادم املاً في أن تعيد القارة الأفريقية حساباتها من الإنسحاب ، واعتبر المراقبون الإنسحاب الروسي بمثابة نصر لقرار القارة الأفريقية التي ظلت تناهض قرارات المحكمة وسياساتها. وكان السودان قد تبني استراتيجية لإسقاط المحكمة الجنائية الدولية وقاد تحركات عديدة لحث دول القارة الأفريقية الموقعة علي ميثاق المحكمة على ضرورة الإنسحاب منها ، ودأبت البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج بالتعاون مع الدول الصديقة على شرح موقف السودان والتركيز على ازدواجية المعايير في اداء المحكمة ، الأمر الذي اتاح الفرصة للدول الموقعة على ميثاق المحكمة للإنسحاب من النظام الأساسي للمحكمة بموجب المادة (127) والتى (تنص على أنه لأي دولة طرف أن تنسحب من النظام الأساسي بموجب إخطار كتابي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة ويصبح هذا الإنسحاب نافذاً بعد سنة واحدة من تاريخ تسلم الإخطار ما لم يحدد الإخطار تاريخاً لاحقاً كذلك). من الطبيعي أن أي من الدول تقرر الإنسحاب من المحكمة سيكون له تأثير سلبي على المحكمة وعلى طبيعتها ، لكن الإنسحاب الروسي يعتبر قاصمة الظهر للمحكمة لجهة أن روسيا دولة عضو في مجلس الأمن الدولي وأن المحكمة الجنائية كثيراً ما تلجأ لمجلس الأمن لضمان تعان الدول مع التحقيقات التي تجريها في جرائم الحرب والضغط على الدول التي لا تتعاون مع المحكمة. يوضح الخبير القانوني عمر زين العابدين أنه بغض النظر عن الدوافع الروسية للإنسحاب من الجنائية الا أن قرار الإنسحاب قد يضع عدالة المحكمة في مهب الريح خاصة وأن روسيا من الدول المؤسسة لميثاق روما لكنها لم تصادق على المعاهدة بجانب أن عضوية روسيا في مجلس الأمن من شأنها أن تصوت خلال الفترة القادمة ضد أي قضية تأتي لمجلس الأمن بغرض تحويلها للمحكمة الجنائية مما يهدد عمل المحكمة خلال الفترة القادمة ، واضاف أن الإنسحاب الروسي يؤكد مما لايدع مجالاً للشك أن ان قضية المحكمة الجنائية قضية ذات ابعاد سياسية لها اسباب ومسببات متعلقة بالأجندة السياسية الدولية ، مضيفاً أن فساد المحكمة والمعلومات التي دارت حول تلقي رئيستها (فاتو بانسودا) لرشاوي جميعها اسباب حتمت على الدول التي وقعت علي ميثاق المحكمة إعادة النظر والإنسحاب منها ، واشار زين العابدين الي أن الإنسحاب الروسي سيفتح الباب على مصرعيه لإنسحاب الدول الأخري كما أنه يرسل رسالة للقادة الإفارقة بالمضي قدماً في تنفيذ قرار الإنسحاب الجماعي خاصة وأن روسيا كانت من ضمن الدول المؤسسة لميثاق المحكمة. المتابع للساحة السياسية يدرك أن هنالك مواجهة محتملة بين الغرب والمحكمة الجنائية الدولية ففي الوقت الذي تحاول فيه المحكمة الجنائية لملمة اطرافها وأقناع الدول الأفريقية بعدم الإنسحاب ، تجد نفسها في مواجهة الإنسحاب الروسي والرفض الأمريكي لتصريحات المحكمة حيال إشتباهها في تورط واشنطن في جرائم حرب في أفغانستان، فروسيا أعلنتها صراحةً بأن المحكمة الجنائية لم تكن على مستوي الآمال التي علقت عليها ولم تتحول قط الي مؤسسة مستقلة فعلياً تشكل مرجعية في العدالة الدولية وأنه لا يمكن اطلاق الحديث بمصداقية المحكمة الجنائية الدولية.