ظلت الحركات الدارفورية المتمردة تبدي تعنتها وعدم التجاوب مع الحلول السلمية المطروحة عبر المنابر التفاوضية الرسمية منها وغير الرسمية ، وأثمرت جهود الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو امبيكي خلال الفترة الماضية في تقريب وجهات النظر بين الحكومة وقوي نداء السودان، كما قادت الخطوات العملية التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بالحوار الوطني ووقف إطلاق النار من طرف واحد وتهيئة المناخ لإنضمام معظم الحركات المتمردة إلى الحوار الوطني ، وهو ما أدى لإقناع المجتمع الدولي الذي أعلن تأييدة للحوار الوطني بإعتباره يمثل الحل الناجع لمشاكل البلاد. وعلى الرغم من أن حركات دارفور المتمردة كانت قد وقعت خلال أغسطس الماضي على خارطة الطريق والتي تؤسس بنودها لعملية السلام في السودان عبر إجراءات وقف إطلاق النار والعدائيات ، والترتيبات الأمنية في مناطق النزاع في دارفور وكذلك جنوب كردفان والنيل الأزرق وإيصال المساعدات الإنسانية والحل السياسي والحوار الوطني ، الأمر الذي يوضح أن ذات المطالب التي تنادي بها الحركات المسلحة تضمنتها بنود خارطة الطريق مما دفع الحكومة الي مطالبة الحركات بتحديد مواقعها العسكرية الأمر الذي ظلت ترفضة الحركات. واجرت الحكومة خلال الأيام الماضية مشاورات غير معلنه بينها وحركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم ومني اركو مناوي بغرض تحديد هاتين الحركتين لمواقعها العسكرية لكن الحركات المتمردة رفضت تحديد مواقعها . تري الحكومة من جانبها أن اي توقيع على إتفاق وقف العدائيات لابد أن يسبقة تحديد للمواقع العسكرية بغرض الترتيبات الأمنية وعمليات الدمج والتسريح ، في وقت ترفض فيه الحركات ذلك مقترحه على الحكومة تسمية مناطق بعينها الأمر الذي رفضتة الحكومة جملة وتفصيلاً. يري المراقبون أن الحكومة تدرك عدم الوجود الفعلي لقوات الحركات في دارفور والتي تتواجد بين جنوب السودان وليبيا لذلك يرفض قادتها تحديد مواقع عسكرية ، وفي ذات الوقت يسعي قادة الحركات الي إثبات تواجدهم في دارفور بهدف إظهار قوتهم وبالتالي إكتساب ورقة تفاوضية امام الحكومة. وكانت قضية تحديد المواقع العسكرية أحدي النقاط الخلافية التي برزت خلال الجولة التفاوضية الأخيرة في أغسطس الماضي بأديس ابابا والية مراقبة إيصال المساعدات الأنسانية للمتضررين نقاط خلاف بين وفدي الحكومة والحركات ، لكن مما يبدو أن تحديد المواقع العسكرية للحركات اضحت المعضلة الرئيسية بين الحكومة والحركات. المراقب للساحة السياسية يدرك أن الحركات المسلحة لم يتبق أمامها خيار سوى الوصول إلى اتفاق مع الحكومة على وقف العدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية لجهة أن المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية الداخلية والخارجية ابعدت الحركات المسلحة من دوائر إهتمام المجتمع الدولي كما أفقدتها التأييد الشعبي لدي المجتمع الدارفوري الذي تشكلت لدية قناعة بأن الحل السلمي هو الحل الأمثل لمشاكل البلاد. كان الإتحاد الأفريقي قد إستبشر خيراً بتوقيع الحركات المسلحة على خارطة الطريق معتبراً أنها خطوة مهمة وتاريخية من شأنها أن تسهم في تحقيق السلام الشامل ودفع عجلة التنمية والإستقرار بالسودان مؤكداً أن صدق النوايا والنزاهة هما الضامن الأول لنجاح العملية والتي بدورها ستؤدي إلى الإسراع لوقف العدائيات ووقف إطلاق النار بصورة نهائية في كافة ربوع البلاد المتأثرة بالحرب وأنها ستسهم في إيصال المساعدات الإنسانية الى كافة المتضررين من الحرب. وإستكمالاً لدور الأتحاد الأفريقي لتحقيق السلام في السودان يقود رئيس الالية الأفريقية رفيعة المستوي ثامبو امبيكي زيارة الي السودان وقال محمود كان رئيس مكتب إتصال الإتحاد الأفريقي بالسودان أن امبيكي يستهل زيارته الي السودان في الفترة من العشرين الي الثاني والعشرين من الشهر الجاري برفقة الجنرال عبد السلام ابوبكر الرئيس الأسبق لنيجيريا بغرض التباحث مع رئيس الجمهورية عمر البشير لمناقشة القضايا العالقة في خارطة الطريق بعد تعليق المفاوضات بين الحكومة والحركات وحزب الأمة القومي في اغسطس الماضي باديس ابابا كما أن الالية ستلتقي اصحاب المصلحة في السودان. ويعتبر امبيكي الوسيط المكلف من قبل الإتحاد الأفريقي منذ العام عام 2012 للعمل على تسوية النزاعات بين الخرطوم وحكومة جنوب السودان وكذلك بين الخرطوم ومتمردي دارفور و الحركة الشعبية قطاع الشمال. وقاد عدد من الجولات الماكوكوية بين الخرطوم واديس ابابا طوال السنوات الماضية بغية اقناع الأطراف الممانعة للوصول الي سلام شامل وحل القضايا العالقة بين الأطراف وايجاد صيغة مرضية لجميع الأطراف بيد أن الواقع يشير الي أن مهمة الرجل هذه المرة قد تكون صعبة لجهة رفض الحركات المسلحة تحديد مواقعها العسكرية في ظل فقدانها لوجودها في دارفور. من خلال متابعة جميع الجولات التفاوضية السابقة يتبين أن الحركات المتمردة كانت دائماً ما تتعنت في الوصول إلى اتفاق حول بنود المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات لكن بعد المعارك الأخيرة التى دارت في جنوب السودان وانشغال جوبا عن تقديم الدعم المادي والعسكري للحركات بجانب فقدانها مواقعها العسكرية وسندها الشعبي لم يتبق أمامها سوى إغتنام الفرصة الأخيرة التي قد تتيحها المشاورات التي تقودها الألية الأفريقية رفيعة المستوي.