لازالت عدد من دوائر الغرب المعادية للسلام في السودان تحاول باستمرار طبخ وصناعة السيناريوهات والدسائس والمناورات بهدف التشكيك في حقيقة التطورات الموجبة التي شهدتها قضية دارفور، في وقت تشهد فيه الحكومة عبر أجهزتها الرسمية واذرعها الأخرى المساعدة في سبيل تصحيح بعض المفاهيم والأخطاء الذي ظل يروج لها الغرب عبر آلياته الإعلامية والسياسية لنسف العملية السلمية التي تجري فصولها الآن في دارفور وفي عموم مناطق السودان . وفي الأثناء خرجت الحكومة اليوغندية عبر قيادتها العليا ممثلة في رئيسها موسفيني، والذي زعم عبر تصريحات صحفية مثيرة قال فيها إن جيش الرب هرب إلى غرب السودان وانه اتخذ من دارفور ملاذاً له لشن هجماته وفظائعه ضد المدنيين هناك، إلا أن الحكومة السودانية وحرصاً منها لبث الحقائق ووضعها في مسلكها الصحيح نفت بشدة مزاعم موسيفيني بشأن رحيل حركة جوزيف كوني الى دارفور.. ويبدو أن هذه التصريحات أو الأكاذيب الإعلامية وجدت هوى في نفوس الدوائر الأجنبية المعادية للسلام في السودان، بل إن الحكومة السودانية اعتبرت إن التصريحات نفسها محاولة لرسم صورة مغايرة للصورة التي تعايشها الأوضاع في دارفور. وقد سارعت الحكومة السودانية لإصدار بيان رسمي من وزارة الدفاع الوطني لتكذيب هذه المزاعم والافتراءات خصوصاً أن ما تشهده دارفور الآن من تطور في الأوضاع الأمنية والإنسانية لا يسمح لحركة جيش الرب مجرد التفكير في نقل نشاطها إلى مسرح الأحداث بدارفور هكذا يقول الخبراء العسكريين والأمنيون كما أن الطبيعة الجغرافية في دارفور ربما تشكل عوائق أساسية تحد من أي تحرك أو نشاط عسكري يمكن أن تمارسه قوات جيش الرب. ما جاء في تصريحات موسيفيني وبعض التقارير الصحفية الأجنبية بشأن وجود جيش الرب بدارفور أمر تكذبه الوقائع والشواهد، وحتى الأممالمتحدة نفسها تحدثت عن هذه القضية عبر تأكيدات لمسئولين دبلوماسيين ينتسبون للمنظمة الدولية شبّهوا جيش الرب وكأنه (وحش يتحدث عنه الجميع لكنه لا يراه احد ) غير أن الشائعات وجدت هوى وقبول لأعداء السلام في السودان. وكانت بعض الصحف قد نسبت لمندوب السودان بالأممالمتحدة الدكتور عبد الحليم عبد المحمود قوله أن إشاعة اتجاه جيش الرب إلى دارفور تروج له حماية باسم الكفاية يتزعمها جون برندرغاست، ووصف عبد الحليم النشطاء في إثارة هذه القضية بأنهم يسعون إلى وظائف بحكومة اوباما، وان برندر هذا نصب نفسه كخبير في الشأن السوداني ويحاول مع جماعة أخرى باسم (اناف بروجكت ) استغلال ما تبقى من وقت لنشر مزاعم بوجود جيش الرب في دارفور، الأمر الذي يدعم رهان هؤلاء بقطع كل خطوات وجهود السلام بدارفور. فالسفير عبد الحليم عبد المحمود ابلغ المجتمع الدولي إزاء هذه القضية :( انه لا يعقل لحكومة السودان أن تعمل في اتجاه السلام وتدعم في ذات الوقت حركة جيش الرب اليوغندية ). ويأتي هذا التأكيد في سياق المرافعات الحكومية التي ظلت تقدمها ضد مزاعم واتهامات الحركة الشعبية للحكومة السودانية لكونها داعمة للنشاط المسلح الذي تقوم به قوات جوزيف كوني في جنوب السودان . وفي سياق القضية ذاتها تحملت الحكومة السودانية وبشهادة الأممالمتحدة مسئولية تقديم الدعم والمساعدات الغذائية الإنسانية للمواطنين والمناطق التي تأثرت بهجمات جيش الرب على المدنيين والمناطق الآمنة بالجنوب، رغم ان هذه المسئوليات تقع وبشكل مباشر ضمن مسئولية حكومة الجنوب. وبحسب المتابعات فان الحكومة السودانية ومن خلال جهود وزارة الشئون الإنسانية أسهمت كثيراً في تخفيف حدة لمعاناة المواطنين بالجنوب جراء الانتهاكات والفظائع التي ظل يمارسها جيش الرب في قرى الجنوب، ولعل النشاط المكثف لحركة جيش الرب في الجنوب يعطي مؤشراً حقيقياً بمدى التنسيق أو التعاون الذي تجده هذه القوات من الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية وإلا لماذا فشلت حكومة الجنوب حتى الآن في لعب دور الوسيط وبشكل جاد ومؤثر في سبيل تحقيق تسوية سياسية وعسكرية بين جوزيف كوني والرئيس اليوغندي يوري موسيفيني. لكن الواضح من المراقبين والمحللين السياسيين وخبراء الأمن أن كل محاولات التفاوض بين الحكومة اليوغندية وجيش الرب لم تحقق أي تقدم ايجابي، ولا يبدو ان الحركة الشعبية جادة في ذلك، بل إن العلاقة بين الطرفين عادت إلى مربعها الأول رغم الرغبة التي أبداها الطرفان لتسوية قضية النزاع المسلح بين حكومة موسيفيني وحركة كوني. إذن إثارة قضية جيش الرب في هذا الظرف السياسي الذي يعيشه السودان وتحديداً في دارفور يؤكد حقيقة الأبعاد والدوافع التي تحرك هذه الحقيقة وهي محاولة لا تخلو من خلق الفتنة وإجهاض مشروع الاتفاق الذي تجري عملية استكماله الآن بالدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، خصوصاً أن المجتمع الدولي أصبح على قناعة بما حدث من تطور ايجابي على صعيد أزمة دارفور، وان السلام هناك أصبح (قاب قوسين أو ادني ) بفضل الوساطة التشادية التي تنشط الآن عبر الرئيس إدريس دبي لتسوية هذه الأزمة. ولكن الذين لا يريدون ذلك اتخذوا من جيش الرب منهج جديد لتعطيل هذا المشروع، وان المقصد الأساسي من ذلك هو ربط ممارسات الإرهاب بدارفور خاصة أن جوزيف كوني هو أساساً من المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية في تهم جرائم حرب وإبادة جماعية، وان حركة جيش الرب نفسها كانت قد صنفتها الأممالمتحدة كحركة إرهابية ترتكب الفظائع وتنتهك الحريات وحقوق الإنسان. وبعض المصادر التي تحدثت عن قضية جيش الرب وربطها مع ما يجري في دارفور أكدت أن ما يجري في حقيقة الأمر مخطط سياسي ضد العملية الانتخابية في دارفور، خاصة بعد أن تحدثت الحكومة السودانية بأن دارفور آمنة، وان الانتخابات ستجري فيها بشكل واضح وكبير ساعد على ذلك تحسن العلاقات مع الجارة تشاد. كما تم تأمين الحدود وطرد المتمردين وعادت العلاقات بين الدولتين إلى طبيعتها ، وتأسيساً على كل هذه المعطيات فإنه لا يمكن النظر في المخططات التآمرية ضد السودان بمعزل عن الاستغلال السيئ لورقة جوزيف كوني لإثارة الهواجس بدارفور وتهديد المواطنين حتى لا يشاركوا في العملية الانتخابية، وربما هذا هو المقصد الحقيقي للذين يتحدثون عن رحيل جيش الرب إلى دارفور .