لا يخفى أن خطوات تعزير عملية السلام في دارفور تسير بخطى حثيثة برغم التردد الواضح للحركات المسلحة في حسم مواقفها خاصة أن عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان الذي عرف برفضه التام لجميع المنابر التفاوضية الرسمية وغير الرسمية التي جرت مسبقا بين الحركات مع الحكومة السودانية، وظل في موقف إنعزالي يخالف الحركات الدارفورية الأخرى في كل ما يتعلق بالمنابر التفاوضية. المراقب لمسارات حركات التمرد يرى أن عبد الواحد ليس زاهد في تحقيق السلام لتخوفه من انحسار الدعم الذي يتلقاه من الجهات التي ليس من مصلحتها تحقيق الأمن والإستقرار في دارفور. ويأتي غياب عبد الواحد عن المشهد التفاوضي بكل المنابر والتي كان آخرها إجتماع برلين لتعزيز قناعات المجتمع الدولي بعدم إضاعة الوقت في محاولات إقناعه بتغيير نظرته للأمور، ولا شك أن التدهور المريع الذي لحق بحركة عبد الواحد جعله أكثر إنكفاءاً على نفسه لإصراره على قيادة حركة منفصلة عن الحركات الأخرى في طريقة تفكيرها وتعاطيها مع الواقع من حولها. وبحسب حديث منشقون من الحركات المتمردة أن حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد أصبحت غير مؤثرة على ملفات السلام والتنمية ولا تستطيع تحقيق أي إضافة مثمرة لدارفور، بإعتبار أن مواطن دارفور أصبح واعيا جدا لما يقوم به عبد الواحد بمتاجرته للقضية التي حسم ملفها منبر الدوحة الناجح والذي اصبح مضرب مثل ودليل تاريخي يمكن أن تستفيد به جميع الدول التي تشهد صراعات ومشاكل، ويرون أن اصرار عبد الواحد بتمسكة بالرفض المستمر وعدم خضوعه لاي مفاوضات يؤكد نوايا خفية لجهات خارجية معادية تقود عبد الواحد مقابل حصوله على الدعم لتسيير أموره. وبات من المعلوم أن الفترة الأخيرة فقدت حركة تحرير السودان جميع عتادها الحربي والبشري لانشقاقات متلاحقة ضربت الحركة، وأن موكب عبد لواحد أصبح غير قادر على لملة أطرافه للرجوع مره أخرى لممارسة خروقاته التي الحقت الضرر للشعب السوداني وعلى وجه الخصوص مواطن دارفور. وهناك جملة عوامل كانت لها الأثر الكبير في انحلال حركة عبد الواحد والتي تحولت إلى مجموعة صغيرة بسبب إفتقاره للرؤية السياسية وخروج ا كبار القادة والمؤسسين للحركة، والذين ألتحق بعضم بركب السلام مع الحكومة منهم مجموعة كبيرة بقيادة أمين تورو بجبل مرة ومجموعة الصادق ادم كريم (فوكة)، هذا بالاضافة إلى عدد من الذين أسسوا مجموعات أخرى التحقت بحركات أخرى ربما تكون قريبة من السلام. ولعل الخروقات التي مارسها عبد الواحد تجاه المواطنين كانت تشكل تهديدا كبير للاستقرار في الداخل من خلال عمليات النهب المسلح والسلب التي تقوم بها عناصر حركته خاصة في جبل مرة بجانب ممارسة الجريمة المنظمة عبر الحدود السودانية الليبية (تجارة البشر، تهريب السلاح، المخدرات، ممارسة عمليات الارتزاق، والإعتداء على المدن وقطع الطريق) وغيرها من الممارسات والخروقات التي ادخلت الرعب في نفوس المواطنين بمناطق النزارع التي تسببت تحرير السودان طوال السنوات الماضية قبل أن تقوم القوات السودانية بوضع حد لهذه الممارسات في دارفور. ويرى مراقبون أن بعد نجاح الحكومة السودانية في تحقيق والتنمية في دارفور والقضاء على فلول التمرد فانها قد فوت الفرصة على عبد الواحد التي ينوى بها تمرير أجنداته الخارجية المعادية، ولان وثيقة الوفاق الوطني التي خرجت بها مبادرة رئيس الجمهورية بالحوار الوطني وجدت الاعتراف الاقليمي والدولي، يمكن القول بأن مصير مجموعة عبد الواحد أصبح مجهولاً، وربما تلحق بركب السلام اعداد أخرى من ماتبقي داخل مجموعته المتبقية. وصدرت عدة تقارير دولية تدين حركة عبد الواحد وتؤكد عدم تأثير عبد الواحد على حركة السلام بالسودان مما يعني أن تحقيق السلام ليس رهيناً بمشاركة عبد الواحد بالمفاوضات القادمة.