الصحافة اختار الحزب الاتحادي الديمقراطي أن يكون وفيّاً للراحل الشريف زين العابدين الهندي على طريقته الخاصة وقرر أن ينشر آثاره وإبداعاته للناس لا سيما وأن فقيدنا كان أديباً لا يشق له غبار ووطنياً مخلصاً عبّر عن حبه للوطن في مواقفه وأحياناً أخرى رسماً بالكلمات كما جاء في أوبريت (سودانية) الذي عبّر الشريف فيه عن حبه للوطن وتجوّل فيه كعاشق هيمان رغم أنه كتبه وهو بعيد عن السودان والأوبريت اختاره الحزب الاتحادي الديمقراطي عنواناً للوفاء لهذا الرجل في الذكرى السنوية الأولى التي ينظمها الحزب بالتضامن مع اللجنة القومية العليا. ومسرح إحياء الأوبريت وتدشين العمل سيكون بقاعة الصداقة بالخرطوم مساء اليوم في احتفال كبير يشارك فيه السياسيون والمبدعون ونجوم المجتمع وقادة الطرق الصوفية ورجال الفكر والمال والأعمال في حشد كبير يتقدّمه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير.. ويستمع الجميع لتسجيل صوتي نادر للأوبريت بصوت الراحل الشريف الهندي ومن ثم يكون الاستماع للأوبريت بصوت الفنان عبد الكريم الكابلي ومجموعة من النجوم الشباب من الفنانين ومن خلفهم الفرقة الموسيقية، وكان الكابلي قد صاغ ألحان الأوبريت واستغرق العمل شهوراً متواصلة. وعلمت مصادرنا أن الكابلي تقاضى مائتي مليون جنيه (بالقديم) كاش نظير تلحينه وأدائه للعمل، وهو هنا يسجّل أعلى أجر لفنان سوداني في عمل غنائي. أوبريت (سودانية) صاغه الشريف زين العابدين الهندي في السبعينيات حيث كان بعيداً عن الوطن وفيه يعبّر عن أشواقه وتحاياه للسودان بشماله وجنوبه وشرقه وغربه، وقال في مقدمة الأوبريت: «هذه أوبريت (سودانية) أنشودة الهجرة والاغتراب... أغنية حب وتصد وعرفان، حداء الذين خرجوا من أوطانهم فالتصقت بأرواحهم ووجدانهم وظلت تتفتّح صوراً يعيشونها بأعماقهم.. ترطّب لهم هجير الغربة وتحدو لهم ركب العودة الحثيث، إنها ليست من تأليف أحد إنما هي مشاعر قوم وموال أمة.. إنها ليست غناء.. إنها عزف هادئ رزين على أوتار الحقيقة... إنها ليست ذكريات إنها هي رفق حي لواقع ملموس معاش مستمر.. إنها ليست رثاء إنما هي ملحمة الحماس اللاهب لانطلاق الشباب المغذى بحكمة الشيوخ.. إنها عروة وثقى تشد أهلها برباط محكم فلا يتحطمون للمحن وإنما يحطمونها ولا يتراجعون للعقبات وإنما يجتازونها ولا يضعفون للصعاب وإنما يطوّعونها إنهم جيل ضرب له موعد ثان مع القدر وتعين له لقاء جديد مع التاريخ والحرية، إنهم جيل البطولات وجيل التضحيات وجيل الفداء.. إنها من تأليفهم جميعاً ومن أدائهم جميعاً في عزف موقّع من سيمفونية الخلود مع اوركسترا الحق والصدق في مهرجان الشروق الجديد بعد ليلهم الطويل الوبيل». هكذا قال الشريف في أنشودته الخالدة للوطن وهو يصوغ كلماته بهذه المعاني الرفيعة ويقدِّم وصاياه من أجل الحق والخير والجمال. «مساهر ليلك الطوّل نجومو هجوع وغرقان قمرو في جوه السحاب مصروع بصارع فيك ضلام تمن سنينو سبوع وأراقب فجرك الأذن زمانو سطوع» وها هو الشاعر يقش الدموع ويغسل تراب الهجرة وينقل لنا هذه الأغنية المصوّرة واقش منك دموع الضيم على خدودك بتتحدّر وأقبّل فيك جبين مرفوع كرايه النصر وبيرق عزة رفرف في رطاب فاتحين واغسل لك تراب الهجرة بالإيدين وأحيك المجد مدخورك سنين ودنين ومن حبوبتك الوقفت ترد الدين وتطرد حمله الباشا ومع الغازين