مع اقتراب موعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب ، أصبح الحديث عن تسليح الحركة الشعبية أكثر ذيعاً من الحديث عن الاستفتاء حيث بدأت هذه الرواية منذ حادثة السفينة التي احتجزها القراصنة الصوماليون في أكتوبر عام 2008م والتي أكدتها مصادر كينية وقالت بأنها تحمل أسلحة تتبع إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي وحسب المصادر الموثوقة كانت تحتوي علي (33) دبابة بجانب ألف قطعه من المعدات العسكرية الثقيلة والتي تحمل ما لا يقل عن (14) ألف قذيفة دبابة وكميات من القذائف المميتة . ويبقي السؤال من أين للحركة الشعبية بهذه الأموال ، لكن مما لا يخفى عن أحد أن هذه الأموال تأتي من إيرادات البترول بجانب الدعم الخارجي من الدول التي تسعي إلى تنفيذ المخطط الصهيوني القاضي بتفتيت وحدة السودان عبر بوابة الجنوب، وكانت الحركة الشعبية قد وقعت صفقتين أحدهما بين حكومة الجنوب وتاجر أسلحة إسرائيلي عن طريق وزارة الدفاع الكينية وهذا فى يوم 29/9/2006م والأخرى يوم 15/2/2007م وقد علم أن الصفقة الأولي تم احتجازها لدي القراصنة الصوماليين بينما الأخرى هي التي فصحت الآن عن طريق التقرير الأمريكي الذي لا يمكن أن يتصور أحد أن يشهد يوما علي الحركة الشعبية بمثل هذه الشهادة ضد حليفتها الحركة الشعبية لكن لغة المصالح لا تعرف العواطف لذلك نجد أن من يثبت أن الحركة الشعبية تملك وتشتري أسلحة بمليارات الدولارات ليست حكومة الشمال وإنما حلفاء الحركة الشعبية! الغريب في الأمر أن قيادات الحركة تنفي وباستمرار استيرادها لأسلحة مما يوحي بأن الأمر وراءه ما هو أعظم ويتضح مما لا شك فيه أن الحركة الشعبية تسعي لأن تفرض الانفصال علي مواطن الجنوب بالقوة والتخويف بالسلاح، لكن ما يدور الآن حول شراء الحركة الشعبية لأحد عشر طائرة لأغراض عسكرية من شركة كازان الروسية والتي أتضح أنها يمكن أن تبيع أسلحتها لكل من يقدم لها مالاً مقابل الأسلحة أمر ليس بالمدهش فقد سبق أن تعرضنا إلى هذا الأمر من قبل لكن الحركة الشعبية سارعت ونفت هذا الحديث ولكن الآن تم هذا باعتراف الحركة الشعبية . وتبقى اسئلة كثيرة حول مغذى التسلح فى هذا التوقيت والذى يعتبر وقتا للتنمية والعمران وتعويض إنسان الجنوب عن ويلات الحرب فى السنين الماضية ، لكن الحركة الشعبية مما يبدو أن حساباتها للأمور علي غير ذلك إذ أنها تسعي إلى الانفصال بل للعدوان علي الشمال ان لزم الامر لأن من المعلوم أن الحركة الشعبية ليست لها عداء مع أحدي دول الجوار سيما يوغندا وكينيا ودول الغرب من إسرائيل وأمريكا ومما لا يخفى أن اتفاقية السلام الشامل 2005م نصت علي أن يتم استيراد الأسلحة وامتلاكها بعلم القوات المشتركة بين الحكومة والحركة الشعبية وأي خلاف لذلك يعد خرقاً لاتفاق السلام الشامل حسب القانون. يذكر أن الحركة الشعبية أبلغت القوات المسلحة باستيرادها لطائرات هيلكوبتر لكن التقرير الذي فضحت به أمريكا حليفتها الحركة الشعبية يذكر أن هذه الطائرات يمكن أن يحمل بها أدوات للقتال والحرب، وبعض المعلومات تفيد بأن هذه الطائرات تحمل جنود لكن السؤال يبقى إلى أين يمكن أن يتجه هذا الجيش، من المعلوم أن الحركة الشعبية بهذه الخطوة تُعد إلى انفصال عدائي وتعمل من أجل ذلك . ولمعرفة الجانب القانونى في هذا الشأن سأل المركز السودانى للخدمات الصحفيه الخبير القانوني سعد الدين حمدان والذى قال : إن اتفاقية السلام الشامل جاءت صريحة بانه لابد من موافقة قوات الدفاع المشتركة، لذلك فإن أى أسلحة تأتي للحركة الشعبية دون علم الحكومة وقوة الدفاع المشترك يعتبر اجراء غير قانوني وخرق للاتفاقية بجانب أن الوقت الآن غير ملائم لامر كهذا لأن ما تبقي من عمر الاتفاقية ليس بالطويل، ومن الواضح أن الحركة الشعبية تضع عراقيل في طريق إكمال الاتفاقية حتى لا تنتهي علي ما هو منصوص عليه ويظهر هذا من خلال استيرادها للأسلحة ومن ذلك يظهر أن الحركة الشعبية تريد الحرب ومن المؤكد أنها مدعومة من الغرب ومن إسرائيل. اما عبد الرسول النور القيادى بحزب الامة القومى فيرى ان التوقيت مناسب لتفكر الحركة الشعبية فى شراء طائرات وذلك لأن الحركة تهدف لإعلان الاستقلال عن الشمال وهذا قد يكون له رد فعل داخل الجنوب والشمال علي حد السواء فإذا وجد من يخالف الحركة فإنها تعمل علي أن تكون مستعدة لفرض رأيها وإعلان الاستقلال سواء كان ذلك عن طريق الاستفتاء أو غيره لهذا ترتب الحركة نفسها لتأسيس دولة وتستعد لحماية نفسها من أي هجوم يمكن أن تتعرض له من قبل أي فصائل أخرى قد تختلف معها في الرأي ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو .. هل الحركة الشعبية بشرائها لهذه الطائرات هل تكون قد خرقت اتفاقية السلام الشامل وهل يحق لها علي حسب الاتفاقية أن تمتلك أسلحة فإذا سمحت لها الاتفاقية فيكون ما قامت به الحركة مجرد إجراء عادي لا غضاضة فيه بل هي قد تكون مارست حقا مشروعاً ، لكن كما ذكرت اذا لم تنص عليه اتفاقية السلام الشامل ولم يكن للحكومة الاتحادية أى علم به ولم يتم استئذانها فإن الحركة بذلك تكون قد خرقت اتفاقية السلام الشامل. لكن كما ذكرت فإن التحركات التي تقوم بها الحركة الشعبية بشرائها لتلك الطائرات ماهى إلا استعدادا مبكرا للانفصال وإعلان دولة الجنوب سواء كان ذلك من خلال الاستفتاء أو بدونه. مدير جامعة أعالي النيل بروفيسور بول دينق اتفق مع ماذهب اليه عبد الرسول النور ... حيث أكد أن توقيت شراء الحركة الشعبية للطائرات هو أشارة لا تحتاج إلى شرح فما تبقي من وقت تريد الحركة أن تستثمره وتثبت فيه جاهزيتها لحرب قد تكون محتملة وغير مستبعدة وهي بالتأكيد فترة عملية مدروسة ومعلومة الجوانب القصد منها الاستعداد ليس إلا، و مما لاشك فيه فأن هذا يدل علي أن تصرفات الحركة وأفكارها تشير إلى أنها ماضية في طريق الانفصال. وفي نفس السياق أكد الفريق محمد بشير سليمان اعتراف الحركة الشعبية بشراء طائرات في هذا الوقت بهدف بناء جيش قوي، مشيرا الى ان تلك الاستعدادات التي قامت بها الحركة الشعبية لم تبدأ الان لكنها في الحقيقة هي مرحلة سبقتها عدة مراحل بدأت بإرسال كوادر للتدريب والتأهيل في جميع التخصصات في مختلف أنحاء العالم "أسيا- أوربا- أفريقيا" الآن اكتملت مرحلة التدريب ووصلت مرحلة تجهيز المعدات "الأسلحة - الطائرات" وهذا عمل علي ما اعتقد بدأ مبكراً فالحركة في هذا الأمر لا ترجع للمركز أو تقوم باستشارته وهذا بالتأكيد يدل علي وجود خلل في اتفاقية السلام الشامل التي لم تقم بحسم هذه الأمور بل تركت الأمر ليتم التفاهم حوله ، وعلى كل طرف ان يسعى لتحسين جيشه. لكن نجد أن الحركة مثلاً لم تهتم حتى بأخطار المركز في كثير من الأمور ، فعلي سبيل المثال الدعم المادي يجب أن يتم دخوله عبر البنك المركزي وهذا مالم تعمل به الحركة أيضا نجد أن الدول المناصرة للحركة الشعبية تعمل علي تسهيل كل ما تحتاجه الحركة. عموماً ما تقوم به الحركة من بناء جيش منظم ومدرب ما هو إلا استعداد للانفصال بل أنها سوف تقاتل من أجل هذا الانفصال.