خدمة : (smc) الإِدعاءات التي خرج بها مدعي المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الجمهورية قصد بها إدارة معركة ضد السودان لتحقيق اهداف سياسية بإستخدام وسائل تتواري خلف لافتات قانونية وحجج شكلت سابقة خطيرة في علاقة المؤسسات الدولية بدول العالم الثالث عموماً .. لذلك اعتبرها العارفون ببطون الأمور محاولة لصرف الأنظار عن القضايا الأساسية التي تؤرق المنطقة بأسرها وإطالة أمد تلك القضايا وعلي رأسها أزمة دارفور. د. رحاب مبارك حسن المستشار القانوني بوزارة العدل وأول سودانية تنال درجة الدكتوراة في المحكمة الجنائية في رسالتها (المحكمة الجنائية الدولية وأثرها علي السيادة) تري أن المدعي العام للمحكمة لم يكن عادلاً في طرح قضيتة في مواجهة السودان ويتركز ذلك في أن الحالة التي أعلنها مدعي المحكمة قد بنيت علي البند (3) من المادة (13) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية (ممارسة الأختصاص ) والتي تنص علي (أذا بدأ المدعي العام من تلقاء نفسه مباشرة التحقيق بناء علي معلومات تلقاها من دول أو من أجهزة الأممالمتحدة أو من المنظمات الحكومية وغير الحكومية) وقد أقر المدعي العام في حيثياته أنه أستند علي شهود خصوصاً في حالة عرضه لحالات الاغتصاب التي اشار اليها وتمضي د. رحاب بالقول ان الشهود الذين استند عليهم المدعي العام وفقاً لروايته ليسو شهود عيان كما يقتضي الحال في الاجراءات القضائية الوطنية مثلما استند علي تقارير يعلم السودانيون جميعهم مدي خلوها من الحقائق خاصة في حالة تقييم اهتمام السيد رئيس الجمهورية بمواطني ولايات دارفور، كما أن المدعي العام استند علي معلومات مصدرها المنظمات الأجنبية وتوصف المعلومة عند استخدامها في التقاضي أن تكون (دقيقة) وهو الشرط الوحيد الذي لابد ان يستند علي شهود عيان أو ان يكون باطلاً .. وفي ذات السياق يري د.أحمد المفتي الخبير القانوني ورئيس مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان أن السودان عندما يرفض الاجراءات التي قامت بها المحكمة ليس لانها طلبت توقيف رئيس الجمهورية أو أحمد هارون أو علي كوشيب فالرفض كان قائماً منذ العام 1993م وذلك استناداً إلي ان المحكمة الجنائية تستخدم في غير اغراضها وهذا موجود في مضابط الأممالمتحدة وهو موقف معلن وليس سري.ويقول المفتي أن الاجراءات التي قامت المحكمة الجنائية باتخاذها من شأنها زعزعة الاستقرار في السودان وانه بالنظر إلي هذه الاجراءات يلحظ انها لا تحقق العدالة والاستقرار وان أي انسان في دارفور اذا كان مظلوماً وحدثت تجاوزات بحقه فهناك فقرة في قرار مجلس الأمن رقم (1593) تتحدث عن المصالحات والتحقيق وهذا ما يؤكد أن ما قامت به المحكمة له بعد سياسي ولا يتعلق بجرائم عادية.وتتفق مع ذلك د. رحاب مبارك التي تري أن احالة مجلس الأمن لقضية دارفور إلي المحكمة الجنائية كان خطأ وضع فيه المجلس بقصد أو بغير قصد لأن اختصاصه في قضايا السلم والأمن الدوليين (حسب المادة 24 من ميثاق الأممالمتحدة) لا ينطبق علي حالة دارفور التي هي ذات تأثير محدود لا يؤثر علي الأمن والسلم الدوليين فهي احداث محلية دون ان تتأثر بها أية جهة خارجية حتى الولايات المجاورة ناهيك عن الدول.وما يزيد من ثقة السودانيون في إمكانية ايقاف محاولات مدعي لاهاي عند حدها دون تحقيق ما يريده أو تريده الجهات التي تقف من خلفه ان السودان ظل يتعرض لمثل هذه المحاولات منذ العام 1989م وانه كان يخرج منتصراً في كل الاحوال.من امثلة ذلك ما ذكره د. المفتي من أن كاسبر بيرو اول مقرر لحقوق الانسان في السودان طالب عام 1993م بالغاء تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان لانها تتناقض مع المواثيق الدولية وحينها قام السودان بطرد بيرو من البلاد إلى غير رجعة بعد أن دحض السودان افتراءاته على أعلى المستويات مرتكزاً في ذلك على مواثيق الأممالمتحدة التي تنص على الحق في حرية العقيدة. وغير بعيد عن الذاكرة ما أثارته البارونة كوكس من وجود عمليات الرق في السودان وذلك بدعم من المجتمع الدولي والقوى الكبرى وفي نهاية الأمر نجح السودان في التصدي لهذه الحملة عبر آلية سيواك.الدولة أقرت خطة لمواجهة إدعاءات مدعى المحكمة الجنائية تقوم على محاور سياسية وقانونية وإعلامية كما ان المنظمات الإقليمية استشعرت خطورة ما قامت به المحكمة الجنائية فطرحت الخطط وقررت مساندة السودان في التصدى لمحاولات استهدافه ولعل أبرز مثال لذلك مواقف الدول التي تملك قرارها ومواقف الجامعة العربية والاتحاد الافريقي . وفي هذا الإطار فإن أهل القانون كانت لهم رؤيتهم تجاه كيفية التعامل مع ما أثارته المحكمة الدولية . وتدعو د.رحاب مبارك بأن يطغى الطابع السياسي على الطابع القانوني لمعالجة هذه الأزمة وحددت ذلك بالاتصالات الدبلوماسية اللازمة بجانب الاتصالات مع الشخصيات النافذة في المجتمع الدولي.وينصح د.المفتى باستخدام الحيثيات القانونية في الخطاب السياسي والدبلوماسي الذي تتبناه الدولة ويجب ان يشمل ذلك تفنيد الحيثيات خاصة في الجانب الذي يتعلق بالتشكيك في العدالة بالسودان وعدم الالتفات للحيل التي يستخدمها مدعى المحكمة الجنائية في محاولتة لخلق موازنة للاتهامات التي ساقها في حق مسؤولين بالدولة بسبب مناهضة الرأي العام للإجراءات التي قامت بها المحكمة ومن ذلك حديثه عن إمكانية توجيه الاتهام لمتمردين في دارفور بسبب الهجوم على قوات الاتحاد الإفريقي في قريضة وهي حيل دعا المفتى السودان لعدم الانسياق وراءها خاصة وأنها تركز على قضايا جانبية.وفي ظل المنطق القانوني السليم الذي أستند عليه السودان في رفضه لأى قرارات تصدر من المحكمة الجنائية الدولية والتي ظلت منذ إنشائها في يوليو 2002م تسعى لإثبات وجودها وأمضت كل السنوات الماضيات في صراع من أجل ذلك دون ان تحظى بتحقيقه ، في ظل كل هذه المعطيات فإن السودان يأمل ان تثمر التحركات التي يقودها حتى تعود الأمور إلى مسارها الصحيح ويتم تركيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية على إيجاد الأسس السليمة لمعالجات جذرية لمشكلة دارفور بعيداً عن محاولات الاصطياد في الماء العكر والتي تؤدى إلى تفاقم الأوضاع وتشابك خيوط المشكلة.