السيد جون برندر قاست في شهادته امام لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان بالكونغرس الأمريكي طالب بدعم الصحفيين السودانيين والكتاب الذين يؤيدون ما يسمى بالجبهة الثورية ويؤيدون أيضا ما يسمى بالمحكمة الجنائية. وذلك لأن جون برندر قاست تحدث عن خمس نقاط تدور كلها حول التأييد المطلق للجبهة الثورية والتي أسماها "مفتاح السلام!" أما حديثه عن الصحفيين السودانيين تحديدا فقد جاء في هذه النقطة: Supporting media tools and countering the state monopoly on access to the media. This initiative would involve assisting opposition, civil society, and Sudanese journalists. وتتحدث النقطة عن تقديم "المساعدة"للمعارضة والمجتمع المدني والصحفيين السودانيين! المبرر هو إحتكار السلطة لمنافذ الإعلام وها هنا يتبادر سؤال وهو كيف سيساهم الدعم المقدم من أمريكا للصحفيين السودانيين في النفاذ عبر إعلام محتكر حسبما ما ورد في حديث قاست؟! هل هذا الدعم هو "ورش عمل وسمنارات"؟! أبدا هذا الدعم حسب التوصية لأفراد الصحفيين وليس للمنظمات أو المراكز ... وهو دعم مادي إذ ليس من المنطقي أن يكون المقصود هو منحهم "شهادات دكتوراة فخرية" او أي دعم أدبي ومعنوي! الجواب البديهي أن الدعم سيقدم للصحفيين للعمل عبر الإعلام البديل والإنترنت والفيسبوك ونحو ذلك ... ولكن كيف سيتم إيصال الدعم؟! والجواب البديهي أيضا أن القنوات المتوفرة أصلا عبر بعض المنظمات والناشطين ويمكن أن تقوم بهذا الدور القذر وهنالك صحافيون سيكون من المخطط تجنيدهم وإستخدامهم لتوصيل الدعم فيصبحون بذلك عملاء توصيل أموال! طبعا الدعم المقصود هنا مرتبط بالنقاط الخمس ... والدعم ليس لرفع مقدرات الصحفيين أو لتدريبهم أو تنويرهم بمواثيق الشرف الصحفية الدولية والإقليمية ... كل هذه الأشياء لم ترد في نقاط برندر قاست الخمس ...كل ما ورد هو "الجبهة الثورية" ، "التمرد" ، "قضايا تتعلق بالمحكمة الجنائية" ، الخ ... ومن الغريب أن اللجنة معنية بشمال وجنوب السودان ولكن برندر قاست لم يتحدث عن أي مشكلة في الجنوب ولا عن أي جريمة ... الجنوب عشرة على عشرة والمشكلة في الشمال ... ولم يتحدث عن تجنيد الحركة للأطفال ولا الأبرياء الذين ذبحهتم في أبو كرشولا وغيرها ... الجيش السوداني وحده المتهم دوما ... هل تصلح هذه الصورة أساسا لحملة صحفية مهنية وموضوعية؟! السؤال المهم هو: هل هذا الدعم مهني وأخلاقي وشرعي؟! أم أنه لأهداف هذه المجموعات التي تعمل من خارج السودان ولديها أجندة محددة ضد السودان وليس ضد "المؤتمر الوطني" أو "الحركة الإسلامية" أو ما إلى ذلك وعلى سبيل المثال عندما أعلن عبد الواحد نور رفض حركته للحديث عن أي هدنة ولو كانت لتمرير الإغاثة الإنسانية قال إن "النضال لن يتوقف حتى يتم إستصال الأصولية الإسلامية من جذورها"... القصة إذا ليست مطالب أهل دارفور أو تعويضات النازحين أو تغيير نظام المؤتمر الوطني وفق ديموقراطية جديدة يمكن أن تأتي بأحزاب إسلامية أو تقليدية مثل الأمة والإتحادي... الهدف هو "الحش من الجذور" لتوجه فكري محدد وليس لنظام سياسي محدد! وبناء على ذلك أعتقد ان الموقف الأخلاقي والرد المناسب هو أن نعلن كصحافيين سودانيين مقاطعة هذه الدولارات وعدم إستلامها لأنها ليست لتأهيل أو تدريب الصحفيين وليست لربطهم بالتجارب الإنسانية الدولية ... إنما لأهداف سياسية ذات بعد تآمري..! أعزائي وأصدقائي في أمريكا ... نحن نقدر امريكا كشعب عاشق للحرية والاختراع والإبداع ... ونحترم تاريخه النضالي ضد المستعمر البريطاني ...ولكننا لا نحتمل هذا الإهانة التي وردت في خطة قاست والتي تريد أن تحيل بعض الصحفيين السودانيين إلى عملاء وأجراء للتسويق للعنف والمذاهب الإستئصالية التي تكرس لإلغاء الآخر وفلسفة "الحش من الجذور"! هذا الدعم إهانة للشعب الأمريكي ومخالف لقيمه وأخلاقه ومبادئه والغرض منه أيضا التستر على جرائم ارتكبت في جنوب السودان وذلك بإلهاء الرأي العام الدولي بالشمال والشمال فقط لا غير ... بغرض التمويه والتضليل! لن تنجح هذه الخطة لأن الصحفيين السودانيين لن يسقطوا في الفخ ومن يسقط لا يعتبر صحفيا ولن يدنس الصف الصحفي الوطني الأصيل ... الصحفيون السودانيون خلافاتهم مع الحكومة ورقابتها القبلية والبعدية شيء ... وهذه الأموال المشبوهة شيء آخر! الصحفيون السودانيون لا يحلبون اللبن في ماعون الدم يا سيد قاست!