إذا كسب المرتزقة الفاشر يعني ذلك وضع حجر أساس دولة العطاوة    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل الحزب الشيوعي.. تفاصيل لم تُنشر من قبل مادة توثيقية «1 6»


الأب غبوش: لن أقف في صف إنسان يطعن في نبي
عبد الرحمن عمر: جربنا حكم الشيوعيين فلم نجد منهم إلا انحلالاً
عبد الرحمن النور: أعتز بعضوية ابني في الحزب الشيوعي
عمر مصطفى المكي: الإمام عبد الرحمن رحب بالشيوعيين وأثنى عليهم
«مقدمة لكل الحلقات»
ستة وأربعون عاماً مرت على قضية حل الحزب الشيوعي السوداني بعد عام من ثورة 21 أكتوبر 1964م، وقد أثارت الكثير من الجدل البرلماني والقانوني والفكري.
ونقدم مادة توثيقية لتفاصيل ما دار حول هذا الموضوع في الجمعية التأسيسة الدورة الأولى نوفمبر 1965 «مضابط المداولات»، مما يعكس طبيعة الحياة السياسية في تلك الفترة مقارنة بما تلاها وما آلت اليه الأمور حالياً، خاصة أن الحزب الشيوعي السوداني رغم قلة جماهيره يحدث في الساحة حراكاً باسمه أو داخل أجسام أخرى، فضلاً عن تغلغله غير المباشر في الحراك الثقافي والادبي والفني والإعلامي.
والآن يمر الحزب الشيوعي السوداني بمنعطف جديد بعد وفاة محمد إبراهيم نقد، ويتمتع الحزب بحرية التنظيم والحركة والعمل، ونقدم هذه الحلقات لإعطاء فكرة عن الحياة السياسية السودانية في تاريخها القريب والتحولات التي حدثت في وقت وجيز، ولأن هذه المعلومات التفصيلية لم تنشر من قبل في الصحافة بهذا المستوى.
تم عرض الاقتراح التالي في وقائع الجلسة رقم «20» للجمعية التأسيسة الدورة الاولى بتاريخ الاثنين 15 نوفمبر 1965:
إنه من رأي هذه الجمعية التأسيسة بالنسبة للأحداث التي جرت أخيراً في العاصمة والأقاليم وبالنسبة لتجربة الحكم الديمقراطي في هذه البلاد وفقدانه للحماية اللازمة لنموه وتطوره، أن تكلف الحكومة للتقدم بمشروع قانون يحل بموجبه الحزب الشيوعي السوداني، ويحرم بموجبه قيام أية أحزاب شيوعية أو أحزاب أو منظمات تقوم مبادئها على الالحاد أو الاستهتار بمعتقدات الناس أو ممارسة الأساليب الدكتاتورية.
قدم الاقتراح:
1. السيد/ عبد الله الطيب جدو الدائرة 137 الفاشر الغربية.
2. السيد/ عبد الرحمن احمد عديل الدائرة 203 حمر الشرقية.
3. السيد/ عبد القادر أوكير الدائرة 173 أروما.
4. السيد/ محمد كرار كجر الدائرة 177 الاوليب.
5. السيد/ مضوي محمد أحمد الدائرة 67 المسيد.
6. السيد/ محمد يوسف محمد دوائر الخريجين.
وجرت مداولة وقفل باب النقاش باقتراح من السيد عبد الحميد صالح وزير شؤون الرئاسة، وعرض الاقتراح للتصويت وأجيز بأغلبية:
151 المؤيدون 12 المعارضون 9 الممتنعون.
ورفعت الجلسة في الرابعة والنصف للانعقاد صباح الثلاثاء 26 نوفمبر 1965.
افتتحت الجلسة التالية في العاشرة والربع صباح اليوم الموعود، واقترح محمد أحمد محجوب زعيم الجمعية أن يحدد للأسئلة نصف ساعة فقط استناداً إلى المادة «25» الفقرة «8» من اللائحة. وأن تترك الأعمال لأمر عاجل يجب أن يناقش وهو اقتراح حل الحزب الشيوعي.
السيد فيليب عباس غبوش الدائرة 207 النمانج ثنى اقتراح المحجوب ودار نقاش:
ü السيد جوزيف قرنق «خريجين»: انني أعتقد أن هذا الاقتراح غير قانوني، وقصد به الاستفادة من الاغلبية الميكانيكية الموجودة بالجمعية، واللائحة تقول إن أمراً مهماً ما يجب أن تبدأ مناقشته في الساعة الثانية عشرة. وأنني بهذا الفت نظر السيد رئيس الجمعية الى المادة «31».
السيد رئيس الجمعية: أرجو أن أنبه العضو المحترم بأن اللائحة تنص على عدم نقد تصرفات الرئيس. والاقتراح هو: هل تقبل هذه الجمعية أن تعلق الفقرة «8» المادة «25» لبحث أمر عاجل أم لا تقبل ذلك؟
الدكتور حسن عبد الله الترابي «خريجين» أسمح لي يا سيدي الرئيس أن أضيف الى السابقة التي حدثت هنا من قبل حدث أن علق البرلمان الانجليزي اللوائح يوماً كاملاً ليجيز عدداً ضخماً من التشريعات. واليوم نحن بصدد مناقشة مسألة تتعلق بالأمن. وهذه الجمعية يحيط بها الناس الآن ويؤيدون اتخاذ الجمعية لقرار أما بالسلب أو الايجاب. إن كثيراً من اللوائح تحكمها الآراء والسوابق، وأنني أؤيد قرار السيد زعيم الجمعية، وأرى أن الأمر عاجل ومهم، والكثير منا يريد أن يبدي رأيه فيه حتى يحسم الموقف .
السيد أحمد مختار احمد «الدائرة 36 دنقلا الوسطى»: سبق ونحن الآن بصدد اقتراح السيد زعيم الجمعية أن تقدم «28» نائباً بعريضة تطالب بجلسة عاجلة. وقد علمنا بأن اللوائح لا تشتمل ولا تحدد اتخاذ اجراء كهذا. وفي اليوم السابق طلبت رفع اللائحة، ولكن طلبي رفض أيضاً، واليوم نحن في موقف مشابه، فأرجو أن نتمسك بالسوابق أو يفسر مسلكنا بأنه مسلك مرض.
السيد محمد أحمد محجوب «زعيم الجمعية»: إنني لم أطلب شيئاً يخرج عن التقاليد النيابية. وإننا استعملنا من قبل وفي مرات عديدة تعليق فقرة أو أخرى من القواعد لأمر مهم. والأمر الآن بيد الجمعية فإما أن تجيزه أو ترفضه. أما ذلك العضو الذي تحدث عن الاغلبية الميكانيكية فأنها أغلبية جاء بها الشعب واستخدمها لخير البلاد. واقترح أن يخضع اقتراحي وهو قفل باب النقاش للتصويت.
وبالفعل قفل باب النقاش وأجيز الاقتراح بأغلبية، وبعد فترة الاسئلة دخلت الجمعية التأسيسة في مناقشة اقتراح حل الحزب الشيوعي السوداني بعد أن أعاد طرحه السيدان رئيس الجمعية وعبد الرحمن احمد عديل. بعد ذلك دار نقاش:
السيد فيليب عباس غبوش: قال السيد المسيح: أعط ما لله لله وما لقيصر لقيصو. نقف اليوم إجلالاً للرب العظيم الذي أعطانا الايمان. أنني اقف في جانب المعارضة ولكنني لست شيوعياً.. اذا وقف جميع السودانيين صفاً واحداً فإن السودان لن ينهار، ولحققوا لهم ولغيرهم حياة أفضل. أن الامر أمر دين وهو أمر مهم ولكن ينبغي ألا نزج بالدين في السياسة وبالسياسة في الدين. ويجب الا توجه السياسة الضربات للديمقراطية لأنها مسؤولية كل انسان حر. إن الشعب السوداني خليط من الشعوب المتدينة وأخرى لا اقول أنها مُلحدة ولكنها أمية. وأود أن يحترم كل انسان مذهب الآخرين. إن الأمر الذي نحن بصدده الآن أمر مشين لأنه يطعن في الأنبياء وهم رُسل الله في الأرض، وأنني كزعيم ديني لا أقبل أن أقف في صق انسان يطعن في نبي. ان الذين صوتوا لانتخابي مواطنون إسلاميون وغيرهم، وأنا مسيحي استنكر وآسف على انتشار هذه الأفكار المضللة التي نحن في غنى عنها. وإذا ما طرح هذا الاقتراح للتصويت فإنني سأنسحب من الجلسة.
السيد صالح محمود إسماعيل « خريجين»: سيدي الرئيس هل استوثقتم سيادتكم بأن هذا الاقتراح دستوري ويمكن إقناعنا بذلك الآن؟
السيد رئيس الجمعية: إن هذا الاقتراح ينطوي على أن تتخذ الجمعية قراراً بتكليف الحكومة «أن تكلف او لا تكلف» وحسب المعلومات التي جمعتها فإن هذا الاقتراح دستوري، وقد قدم لي قبل هذا الاقتراح آخر ينادي بحل الحزب الشيوعي فوراً، وسألت عما اذا كان هذا الاقتراح دستورياً أم لا، ولكن للأسف سمعت إجابات متضاربة، فرجعت الى الدستور الذي ينص على أن الهيئة القضائية هى التي تفسر الدستور، وقد لجأت إليها بكتاب مستفسراً عن دستورية الاقتراح الذي ينادي بحل الحزب الشيوعي فوراً، كما لجأت إليها في مسألة النائب الذي فاز في خشم القربة، وفي الحالتين فإن الاجابة التي وصلتني لم تكن حاسمة، وحسب علمي فإن هذا الاقتراح الذي نحن بصدده اقتراح دستوري. وأود أن اؤكد بأنه في حالة عمل الحكومة بهذا الاقتراح فإنه من الممكن اللجوء الى الهيئة القضائية التي إن رأت أنه غير دستوري فسوف يصبح الاقتراح لاغياً.
السيد عمر مصطفى المكي « دوائر الخريجين»: بما أن اللوائح لا تبيح النظر في أى أمر هو قيد النظر أمام القضاء، وبما أن هذه الحادثة المعنية هى قيد النظر أمام القضاء، ألا يرى السيد الرئيس أنه ليس من حق المجلس أن يبت في هذا الاقتراح الآن.
السيد حسن عبد الله الترابي «دوائر الخريجين»: ليس مصير هذا الطالب هو موضوع هذا الاقتراح، ولكن الأمر لشيء آخر هو سبب هذه الضائقة. وهذان أمران منفصلان.
السيد رئيس الجمعية: لا علم لي بما هو مطروح أمام القضاء، وإذا كان حضرة العضو المحترم يعلم به وكان لديه من الوقت مقدار ساعة وربع كان الأجدر به أن يقدم لي ما يبرهن على ذلك، وعليه فأنني أرى أن يسير المجلس في مناقشة الاقتراح المقدم.
السيد عبد الرحمن عمر عبد الله « الدائرة: 205 حمر الغربية»: سيدي الرئيس: لقد تحدث العضو المحترم الذي سبقني واستشهد بما قال السيد المسيح، وأنني ارجو أن أستدل بقول الله تبارك وتعالى: «وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً». لقد استشهدت بهذه الآية الكريمة بعد أن استمعت لفتوى الهيئة القضائية الشرعية بأن الشيوعية كفر. إننا لو تساءلنا عما إذا كانت النظرية الشيوعية تنطبق على عاداتنا وتقاليدنا كسودانيين أو كمسلمين أعتقد ان الاجابة هى بالنفي، لأنها تقوم على الإلحاد والدكتاتورية، ونحن نسعى في كل الظروف الماضية والحاضرة والمستقبلة إلى أن تسود الديمقراطية، ولذلك فإن النظرية الشيوعية تعكس على الشعب السوداني حكماً فردياً دخيلاً عليه. وإننا عندما جئنا إلى هذه الجمعية لم يدر بخلدنا تقديم مثل هذا الاقتراح، لولا أن الشيوعية أجبرتنا على ذلك.
لقد كشف ذلك الطالب بشجاعته ما تنطوي عليه أهداف الشيوعية في المستقبل، لقد ذكرت الجهات المسؤولة في الحزب الشيوعي أن ذلك الطالب ليس شيوعياً وذهبوا إلى القول بأنه متطرف ينتقد الشيوعية نفسها. ان للشيوعية قسمان، قسم يهادن حتى يجد الفرصة وقسم ثوري متطرف، وهذا ما ينتمي اليه ذلك الطالب، والنظرية واحدة في الحالتين. لقد جربنا حكم الشيوعيين في الماضي فلم نجد منهم إلا إنحلالاً في الخلق وتبرئة من الأديان وخروجاً عن العادات السودانية. وقد آن الأوان للشعب السوداني ممثلاً في هذه الجمعية أن يعيد للسودان كرامته وعاداته، ولذلك أرجو أن يجيز الأعضاء المحترمين هذا الاقتراح بالإجماع.
السيد عمر مصطفى المكي «خريجين»: يا سيدي الرئيس الاقتراح المطروح هو أن يحل الحزب الشيوعي السوداني ولكي نناقش هذا الاقتراح لا بد لنا أن نبحث في جذوره لا لأمل منا في أننا سنقنع هذه الجمعية بالحقائق الموضوعية، ونحن نعرف ما دبر بليل، ولكن ما نقوله للحقيقة والتاريخ ليسجل في مضابط الجمعية وليسجل في تاريخ هذا الشعب، لأن عجلة التاريخ ليست في يد هذه الجمعية أو في يد بعض الحاقدين على قوى التقدم والديمقراطية.
يا سيدي الرئيس إن عجلة التاريخ ملك لهذا الشعب وستدور وستسير سيرتها إلى الأمام، وسيأتي يوم نشهد فيه مجلساً آخر مكان هذه الجمعية وسيجلس على هذه الكراسي أعضاء آخرون ويطلعون على مضابط هذه الجمعية، ويشهدون بأنه في يوم من الأيام دبر للديمقراطية ما دبر لها في يوم 17 نوفمبر.
يا سيدي الرئيس إذا ما عدنا الى الموضوع نجد أنه ليس بجديد علينا، والمحاولات للقضاء على الحزب الشيوعي أو استبعاده من السلطة ليست بجديدة علينا ايضاً، فخلال المفاوضات التي دارت بين رجال السياسة وضباط الجيش عند اندلاع نار ثورة 21 أكتوبر شهدنا فيها محاولات بذلت لرفض تمثيل الحزب الشيوعي، وبنفس المستوى لتمنع تمثيل القوى التقدمية الحديثة، ولكن محاولات الرجعيين قد باءت بالفشل، لأن الموقف كان في يد الثوار والإضراب السياسي كان على أشده، وكان الثوار ينادون بالنصر، وأمام هذا الشعار لم يستطيعوا فرض أول محاولة لعدم الاعتراف بالحزب الشيوعي السوداني.
يا سيدي الرئيس إن نفس القوى التي استطاعت منع المحاولة الاولى موجودة الآن، وستفرض الاعتراف بالحزب الشيوعي السوداني، ولن تستطيع أية قوة في الأرض مهما حسن ظنها بمقدراتها الإرهابية أن تحل الحزب الشيوعي.
يا سيدي الرئيس لقد ثبت بالتجربة إبان الحكم العسكري أن كل الأحزاب التقليدية قد حلت نفسها ولكن حزباً واحداً بقى يناضل ويقاوم الحكم العسكري، ووقف أمام المحاكم العسكرية بهذا الاسم، وامتلأت السجون والمعتقلات باعضائه، وكان المنارة الهادية لهذا الشعب، وكان قائداً للجماهير وحاديها وبشراها وملاذها، ولكن الأحزاب الأخرى رضيت بتلك الدكتاتورية وبمذلة الإرهاب، وشهدنا أيضاً مذلة أكبر من هذه عندما تقاضى رؤساء تلك الأحزاب مرتبات من حكومة العساكر في وقت كان فيه قادة حزبنا حتى قيام ثورة 21 أكتوبر مرفوعي الرؤوس داخل السجون والمعتقلات محتفظين بشرفهم وعزة بلادهم. واليوم نجد في هذا المجلس من يتهمهم بعدم الشرف وانعدام الأخلاق. ولكنه يشرفنا أن نقول في هذا المجلس إن هذه البلاد عندما يمرغ شرفها في الأرض لن تجد حزباً يدافع عن شرفها غير الحزب الشيوعي السوداني. نقول هذا ليسجل في مضابط هذه الجمعية لتقرأه الأجيال القادمة وليس لنقنع به أحداً هنا.
يا سيدي الرئيس إن نظام الرجعيين سيتقوض، وسيأتي الى هذه القاعة نواب جدد يجلسون على هذه الكراسي ويقرأون أنه في يوم من الأيام حل هذا المجلس الحزب الشيوعي السوداني الذي رفض أن يحل نفسه في عهد الدكتاتورية العسكرية، وأن الذي فرض حله هي نفس الاحزاب التي سلمت الحكم للدكتاتورية العسكرية في مغامرة لمصادرة الديمقراطية.
يا سيدي الرئيس إن القوى الرجعية في محاولتها للقضاء على شرعية الحزب الشيوعي السوداني أخذت تهاجم الحكومة على أنها حكومة شيوعيين.
هاجمت جبهة الهيئات على أنها مطية للحزب الشيوعي. وقامت بحملة هستيرية شعواء، وقد واجهنا هذه الحملة بشجاعة لأنها كانت مواجهة ضد الحزب الشيوعي، وأثبتت الأيام صحة تقديرنا، ونجحت القوى الرجعية باسم الإلحاد في القضاء على الحكومة الانتقالية وصَّفوا جبهة الهيئات، وها هم الآن يقومون بمحاولاتهم للقضاء على الديمقراطية.
يا سيدي الرئيس لقد سمعنا حديثاً عن الإلحاد والكفر والشرف وما الى ذلك، وان الحزب الشيوعي يؤيد الدعارة الخ.. ومن قبل بهذا الحديث السخيف السمج.. ونتساءل الآن لماذا ظهرت نغمة الالحاد والشيوعية بعد ثورة 21 أكتوبر؟ لماذا لم نسمع عنها قبل عام 1958م وأيام الحكم العسكري؟ ولماذا الآن شعارات تثيرون بها الجماهير؟ وأصبحت مشروعاً يقدم إلى هذه الجمعية الموقرة؟ أعتقد أن هناك سبباً، فقبل الانقلاب سمعنا أحاديث من زعماء حزب الأمة تشيد بمواقف ورجولة الحزب الشيوعي السوداني وقادته. ففي حديث للإمام الراحل السيد عبد الرحمن المهدي في كتاب «جهاد في سبيل الاستقلال» الذي أعده السيد الصادق، وفي الحديث عن المعارضة الاستقلالية جاء «لقد رحب السيد الإمام الراحل بزعماء الجبهة المعادية للاستعمار وأثنى عليهم، وقال إن الخلاف المذهبي لا يعني شيئاً في هذا الطور من حياتنا السياسية، فنحن نواجه مشكلة الاستقلال نفسه، فلنعمل سوياً لتحقيقه ثم نفترق بعد الاستقلال إذا رأينا في ذلك مصلحة لبلادنا».
يا سيدي الرئيس إن السيد أحمد المهدي وزير الداخلية الحالي ادلى لجريدة «أنباء السودان» في سنة 1957م بحديث عن الحزب الشيوعي، وللاسف لم أتمكن من الحصول على نص الحديث، ولعل السيد الوزير يتذكره. لقد قال ما معناه «إن الحزب الشيوعي يمثل طبقة ممتازة من شباب هذا البلد المثقف، ورغم أننا لا نتفق معهم في المبدأ لكننا لا نشك في وطنيتهم». لقد كان هذا موقف حزبنا قبل انقلاب 17 نوفمبر. ولننظر في موقفهم من الحزب فترة الحكم العسكري. وربما كان هذا من أسرار هذه البلد التي يجب أن تسجل.
يا سيدي الرئيس في جلسة حضرها السيد عبد الرحمن النور وزير الإعلام والعمل الحالي، قال الإمام الراحل السيد الصديق «لقد تعاونت مع الشيوعيين في الفترة الأخيرة ولم أجد أشجع وأكثر رجولة منهم في قولة الحق».
يا سيدي الرئيس عندما كنت أعمل في ظروف صعبة تحت الأرض جمعتني تلك الظروف بالسيد الصادق المهدي، ودارت بيننا محادثة، وأذكر أنه أثنى على الشيوعيين بكلمات أخجلت تواضعي، وأشاد بهم إشادة لا يمكن أن يشيد بها إلا شخص لا يشك مطلقاً في وطنيتنا.
يا سيدي الرئيس أذكر أيضاً وأنا تحت الأرض أن تناولت العشاء مرة مع السيد عبد الرحمن النور في منزله، وأثناء ذلك العشاء تطرق الحديث لموقف ابنه أسامة وهو عضو معروف في الحزب الشيوعي السوداني، وقال لي بالحرف الواحد: «إنني أعتز بعضوية ابني في الحزب الشيوعي، وإن انضمام الشباب للحزب الشيوعي يمنعهم من الانحراف».
هذه هى بعض الآراء التي كان يتحدث بها قادة وحزب الأمة قبل الانقلاب وبعده، ثم جاءت ثورة 21 اكتوبر فتغيرت هذه الصورة، وتحولت الى حرب محمومة ضد الإلحاد الذي لم نسمع عنه في تلك الظروف، وإننا نعرف السبب في ذلك، ففي فترة ما قبل 21 اكتوبر لم يروا في الحزب الشيوعي السوداني خطراً عليهم وعلى قيادات الأحزاب التقليدية، ولكنهم الآن يرون الخطر يحيق بهم من حزبنا الفتي وأرضهم التي يفقدونها باستمرار.
في الحلقة القادمة نواصل شهادة عمر مصطفى المكي، ونقدم رد نصر الدين السيد الذي تنبأ بأن الإسلام سيسود السودان عاجلاً أم آجلاً، كما قال في رده على المكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.