سونا مع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك يتجه الناس في معظم الدول الاسلامية والعربية نحو الاسواق للتسوق استعدادا للاحتفال بفرحة العيد وقد كان العاملون بالخارج من السودانيين بمختلف قطاعاتهم حتى وقت قريب يهتمون بقرب حلول الأعياد فيتسارعون لدخول الاسواق في بلاد المهجر حيث يقيمون وذلك ليرسلوا بعضا من احتياجات العيد الى اهلهم في السودان ، ولكن لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع هذا السلوك حيث بدأت اتجاهات المغتربين في التغير مع تغير اهتماماتهم اذ بدأت ظاهرة " شنطة العيد " في الاختفاء بعد ان ظلت لسنوات طويلة مسيطرة على ثقافة التسوق لدى العاملين بالخارج ، وهي سلوك مرادف لشراهة عدد كبير من المغتربين في التسوق في اسواق بلاد المهجر اثناء ترتيبهم للعودة للوطن في الاجازات السنوية وفيما ظلت هجرة قطاعات عريضة من مختلف فئات الكفاءات السودانية الى خارج الوطن تشكل ملمحا هاما من ملامح الاقتصاد السوداني له تأثيراته المتنوعة سلبا وايجابا على مستوى الاقتصادي والاجتماعي بالسودان ، فقد استطلعت سونا عددا من المغتربين السودانيين بسلطنة عمان كعينة عشوائية للعاملين بالخارج ، وذلك للوقوف على أسباب التغير في اتجاهات التسوق لدى السودانيين العاملين بالخارج فيقول سعادة عصام عبدالرحمن القنصل بسفارة السودان بمسقط : لقد اسهم تحسن الأوضاع الاقتصادية في السودان في توفير بيئة جيدة للشركات سواء كانت استثمارية اجنبية او تجارية داخلية في مساعدتها على توفير متطلبات السوق المحلي من مختلف المنتجات والسلع التي كان المغتربون يرسلونها من خارج السودان ، فضلا عن ان ثبات مرتبات العاملين بالخارج مع ارتفاع مستوى معيشتهم اسهم ايضا في انخفاض قوتهم الشرائبة في دول المهجر خصوصا المشتريات المراد ارسالها الى خارج مناطق اقامتهم ويقول الاستاذ ايمن عواض المستشار بالسفارة السودانية بمسقط : ان تسهيل اجراءات الاستيراد ووفرة العملات الأجنبية التي تتطلبها عمليات الاستيراد ادت بدورها الى تفعيل النشاط التجاري في السودان الى جانب التطور الايجابي الذي شهدته الصناعة المحلية السودانية في مجال السلع الاستهلاكية مع اتساع قاعدة المنافسة في السوق المحلية ، جميعها عوامل في تقديري ساعدت على الوفرة في الكثير من المنتجات ، واسهمت بالتالي في تغيير اتجاهات التسوق لدى العاملين بالخارج متضامنة في ذلك مع الكثير من العوامل الاخرى التي يمكن ان تؤثر في هذا الجانب واضاف عواض : بالضرورة ان يؤدي عامل الوفرة الى زيادة المعروض من المنتجات في السوق المحلي بالسودان وبالتالي تعدد الخيارات من حيث الجودة والسعر امام المتسوق المحلي الذي هو جزء من افراد عائلات العاملين بالخارج يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عزالدين الشريف المقيم بالسلطنة : في تقديري ان تغير اتجاهات التسوق لدى السودانيين العاملين بالخارج يرجع الى ان الاحتياجات في الداخل تغيرت حيث كان الناس قديما يرسلون اشياء كمالية الى اهلهم ، اما الآن توفرت المنتجات بالداخل حيث اصبحت السلع متوفرة كما هي ببلاد المهجر وبأسعار قد تكون نفس الاسعار وبالتالي يلعب عنصر تكاليف الشحن واجراءات الجمارك بالسودان دورا مهما في اتجاه المغترب نحو التسوق داخل السودان عبر أهله واضاف الدكتور عزالدين اما السبب الآخر هو ان المغتربين انفسهم اوضاعهم في جميع بلاد المهجر عربية كانت او غير عربية قد تغيرت عما كانت عليه في السابق وذلك بسبب الزيادة في أعبائهم المعيشية حيث ان معدل توفيرهم اصبح اقل وبالتالي ميلهم الى الانفاق خارج مواقعهم اصبح اقل او في حدود المهم والهام والضروري جدا وتقول الاستاذة سعاد أحمد وهي معلمة لها اكثر من خمسة عشرة عام بالسلطنة : ان تغير اتجاهات التسوق لدى العاملين بالخارج يرجع الى انخفاض قيمة الدولار مقابل الجنيه السوداني في وقت اصبح فيه المبلغ الذي يتم ارساله الى الأهل مهما كان كبيرا من حيث عدد الدولارات فهو لايساوي شئ في وقت ازدادت فيه اسعار الكماليات على مستوى العالم مع محدودية دخول العاملين بالخارج سواء كانوا عمالا او موظفين اما الشاذلي حسن الشاذلي المدير الاداري باحدى الشركات العمانية والمقيم بسلطنة عمان منذ اثنين وعشرين عاما يقول : كنا في فترة الثمانينات وحتى منتصف التسعينات نرسل الى الأهل بالسودان معظم احتياجاتهم بما فيها لبن البدرة ايضا ، ولكن في السنوات الأخيرة تغير الحال نحو الأفضل بالنسبة للاقتصاد السوداني حيث توفرت السلع الاستهلاكية بمختلف انواعها وباسعار معقولة الى حد ما ، بل البعض من اهلنا بالسودان يرون ان جودة مايشترونه من الاسواق المحلية تتناسب مع رغباتهم الى حد كبير ، وربما يكون السبب في ذلك هو اننا في اسواق المهجر نشتري ما رخص سعره وذلك بسبب اتساع قاعدة التزاماتنا تجاه الأهل اما المهندس جعفر مصطفى وهو مهندس يعمل بسلطنة عمان منذ اكثر من عشرين عاما فقال : ان نفس العوامل التي ادت الى اختفاء صفوف الرغيف وصفوف البنزين في السودان ادت ايضا الى اختفاء شنطة العيد المرسلة من الخارج خصوصا بعد ظهور البترول في السودان اما اخلاص محمد وهي ربة منزل مقيمة في مسقط : ترى ان اهتمامات الاسر المقيمة خارج السودان تغيرت حيث كانت كثير من الاسر حتى وقت قريب تتعامل مع الاغتراب كمظهر تفاخري ، ولكن مع ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع الاسعار على مستوى العالم وتزايد اعباء الاسر المقيمة في الخارج التي تولى تعليم الابناء اهتماما واضحا سواء في الجامعات السودانية او خارج دول المهجر كل هذا اسهم في تغيير اتجهات التسوق لدى المغتربين وكيفما كانت اسباب تغير اتجاهات التسوق لدى العاملين بالخارج يظل تحقيق الاهداف الاساسية لهم يشكل هاجسا كبيرا مثل " بناء البيت " الذي يجد الكثيرين منهم بان عمرهم الافتراضي قد قضى عند اتمامه ، وكذلك تعليم الابناء بالجامعات متطلعين الى زوال منطق التعامل النقدي مع طلاب "الشهادة العربية " ويبقى الهم الأكبر متمثلا في ضرورة العودة النهائية التي لا مفر منها لكل مغترب وكيف يمكن الوقوف بجانبه من اجل استقراره او اعادة توطينه ان جاز القول .