استمع المواطن العادي ، الذي لا دخل له بالسياسة ، لنشرات الأخبار ، شاهد صور المذابح المروعة في حمص التي بثتها أغلبية الفضائيات العالمية، الدم يشكل خلفية للوحة الموت والدمار المنتشرة في سائر أركان المدينة، القتلى من الكبار والصغار متناثرون وسط أنقاض المباني السكنية التي هدتها الدبابات على الرؤوس ، أب جريح يحتضن جثة طفله الميت ويرثي طفله ونفسه والعالم بكلمات تمزق نياط القلوب ، رائحة الموت تفوح من كل مكان ، ولا مكان للاختباء ولا مكان لمعالجة الجراح وفي ذات الوقت شاهد المواطن العادي قمة البرود السياسي وهو يُمارس وسط نيران المذبحة، متحذلقون سياسيون يتحدثون عن دستور صاغه ترزية النظام على مقاس الرئيس حيث تقول إحدى مواده أن الشعب السوري حر ولا رئاسة إلا بانتخابات ديمقراطية وتقول مواده الأخرى أن الأسد هو رئيس الجيش والقضاء والبرلمان والحكومة، 12 دولة فقط تؤيد النظام السوري و137 دولة تؤيد الثورة الشعبية السورية وتُطالب بتنحي الأسد ورغم ذلك ما زال النظام السوري يتحدث عن مؤامرة خارجية تستهدف سيادة سوريا ويمعن في ممارسة المعالجات الأمنية ضد الثوار السوريين غير عابيء بتقارير الأممالمتحدة التي تتحدث عن تورط قادة كبار في النظام السوري في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية! قبل أيام استمع المواطن العادي لأخبار من نوع آخر ، رئيس المالديف يتنحى عن الحكم بمجرد تنامي المسيرات الاحتجاجية التي تحركت ضده في شوارع المالديف ممارساً أقصى درجات الحكمة والشجاعة السياسية وذلك حتى لا تنزلق المالديف ، تلك الجزيرة الوادعة ، إلى أتون الحرب الأهلية الدامية، تساءل المواطن العادي في دهشة: لماذا لا تؤخذ الحكمة السياسية ولو من جزيرة المالديف؟! أصيب المواطن العادي بفوبيا الأخبار المقلقة وأتلفت أعصابه صور مسلسلات القتل اليومي في سوريا وحاول تفادي مشاهدة نشرات الأخبار ولكن دون جدوى! حتى الأطفال الصغار أصابتهم الدهشة الممزوجة بالخوف وراحوا يطرحون أسئلة بريئة لا يملك العالم كله أي إجابة عليها! بعد نهار مرهق انقضى في ممارسة بعض المهام اليومية الشاقة، خلد المواطن العادي إلى النوم، لكن حتى النوم لم يعد آمناً في هذه الأيام، حلم بكابوس سياسي مروع، رأى نفسه رئيساً لدولة ما ، شاهد نفسه محاطاً بحاشية تزين له احتكار السلطة إلى الأبد ونفي المعارضين من الأرض، سمع صرخات المحتجين ضد حكمه في الشوارع المحيطة بقصره الرئاسي، خرج المواطن الرئيس منزعجاً وقدم استقالته على الفور وراح يردد بأعلى صوته: لن يموت أي إنسان بسببي، من أنا حتى أصدر أمراً بقتل الآخرين؟! كيف أقتل شعبي وأنا مكلف بحمايته ؟! وما فائدة السلطة إذا كانت تؤدي إلى قتل المواطنين؟! حسبي الله ونعم الوكيل، فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر