على المحك صلاح يوسف [email protected] وهكذا مرت الأيام تميز أبناء وبنات حي العباسية بإقامة ليالي الوفاء والعرفان لمن نبغوا من أبنائهم في مجالات الغناء والآداب والرياضة والفنون عامة، ولا زالت في الذاكرة تلك الأمسية التأبينية للعندليب الأسمر زيدان إبراهيم وما سبقها من سرادق العزاء تحسراً على فقده0 وكانت أمسية الجمعة الماضية تحت شعار(مرت الأيام) احتفالية لإحياء الذكرى الثانية على رحيل الفنان الكروان عبد الدافع عثمان0 تنادى كل محب لفن هذا الرقم ولصوته الذي لا يتكرر وتطريبه النقي والهادي البديع، وتزاحمت حشود المحبين من الجنسين لحضور المناسبة التي أعدها نادي الربيع بمركز شباب الربيع بالعباسية وشارك فيها العديد من الفنانين والعازفين الذين رددوا أغنياته وفق طبقات أصواتهم في ليلة رعتها شركة زين التي عودت عشاق الفنون والثقافة والإبداع بالوقوف إلى جانبهم ودعمهم لتثبت أنها حكومة رشيدة لا تبخل في توظيف بعض الفائض من عائدها برده لنا عبر رعايتها للأعمال الخيرية والاحتفالية العديدة التي كان آخرها أماسى الخرطوم وأم در الموسيقية الغنائية واحتفالية جائزة الأديب الطيب صالح وصولاً إلى إحياء ذكرى الراحل عبد الدافع عثمان وتبنيها للمشاريع المستقبلية التي يعد لها في مقبل الأيام نادي الربيع وأبناء حي العباسية لتكريم الفنان التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي والنجم الرياضي الشهير نصر الدين جكسا والمسرحي الراحل عوض صديق وغيرهم من نجوم الحي العريق0 حرصت على الحضور وفي الذاكرة كثير من أنغام هذا الفنان الذي تميز بالتطريب العالي ووضوح النبرة وطلاوة الصوت وانتقاء الكلمة الرصينة وحرص غيري الكثيرون وجميعهم يحملون في جوانحهم زاداً وإرثاً ظل يدغدغ المشاعر ويعيد تلك الأيام التي مرت بحق بعد أن طرز لحظاتها بتغريده العفيف0 وكان الذين شاركوا بترديد الأغاني الخالدة نخبة من الفنانين الذي عاصروه وأولئك الذين جاءوا بعده ليجدوا دربه مفروشاً بالعطاء الثر0 كان هناك رائد ميرغني وترباس وفرفور وصفوت الجيلي وحمد الريح وعبد القادر سالم وعبد العزيز المبارك وعصام محمد نور وفهيمة وابن البادية ومنار صديق وشريف الفحيل، وكان هناك من المسئولين السموأل خلف الله وزير الثقافة الذي عودنا عدم التأخر عن مثل هذه المناسبات التي ينثر خلالها سلسلة من مشاريع الوزارة الرامية لجعل الثقافة تقود الحياة0 وكان هناك معتمد أم درمان الفريق احمد التهامي ولفيف من المسئولين وعدد مقدر من الناشطين في مجال الغناء والموسيقى والشعراء والأدباء والمسرحيين والإعلاميين والصحفيين، وقد لمست ارتياحاً كبيراً بين حضور هذا الحفل وتقديراً عظيماً لمبادرة القائمين به0 وقد كان ملفتاً ذلك الحضور المميز لشريحة الشباب من الجنسين رغم أن أغلبهم لم يكونوا من الذين عاصروا فترة إبداع الفنان عبد الدافع عثمان أو تعايشوا مع معطيات الكلمة واللحن في تلك الفترة الشيء الذي يؤكد أن رسالة الفنان حفرت مجدها في تربة الأجيال المتواصلة وتركت بصمتها الخالدة بثبات، فليس هناك أقوى من التأثير عبر أداة الإبداع0 يعتمد الكثير من الناشئة في ساحة الغناء على تقليد كبار الفنانين بل إن بعضهم يدهشك في تقليد طريقة وصوت الرواد، غير أن حالة عبد الدافع عثمان استعصت على جميع الذين شاركوا في الحفل إذ لم يقترب أحدهم من خطوط التماس الصوتية فاكتفوا بترديد أغانية بألحانها المعروفة دون الخروج من نطاقاتهم الصوتية ليحركوا الكوامن خلال اللحن وإضافاتهم الميلودية ويتركوا لنا عبء السياحة الداخلية لاسترجاع أبعاد أصل الصوت الشجي0 رحم الله الكروان المبدع عبد الدافع عثمان والشكر أجزله لمن درجوا على انتهاج هذا المسلك التخليدي الرائع0