· نظم نادي الجالية السودانية بمسقط ندوة رياضية أمس الخميس بعنوان " كرة القدم السودانية (التأريخ، المعوقات، الفرص والتحديات) ورؤية المغتربين فى إحداث التغيير المنشود. · وقد شرف الندوة بالحضور والمشاركة الفاعلة الأستاذان الجليلين النعمان حسن وكمال حامد والكابتنان مصطفى النقر والتاج محجوب الذين يقضون أياماً رائعة هذه الأيام وسط أهلهم وأصدقائهم ومعجبيهم بسلطنة عمان، بالإضافة للأستاذ مالك الرشيد،الرئيس الأسبق لنادي توتي والأستاذ عبد الرحمن شانتير. · قدم الأستاذ الكبير والرمز الرياضي والإعلامي الضخم النعمان حسن محاضرة ضافية عن مشاكل كرة القدم السودانية والحلول. · جاءت محاضرة النعمان قيمة ومجهزة بشكل يعكس قدرات الرجل وترتيبه المتميز للأشياء. · وقد تحدث ا المشاركون بوضوح وشفافية. · أكثر ما أعجبني في حديث الأستاذين النعمان حسن وكمال حامد هو حديثهما الشفيف عن الدور السلبي للإعلام الرياضي السوداني. · لم يدفنا الرؤوس تحت الرمال أو يكابران كما يفعل البعض، بل تحدثا بكل صراحة عن مشاكل الصحافة الرياضية المليئة بالثقوب كما نعلم جميعاً. · قال أستاذنا الكبير النعمان حسن أن إعلام الأفراد لعب دوراً سلبياً كبيراً في التدهور الذي عانت منه كرة القدم في العقدين الأخيرين. · وتناول في محاضرته المفيدة الكثير من الأمور التي يعجز الكثيرون من قبيلة الإعلام عن الخوض فيها، مثل مساعي البعض الحثيثة لإفساح المجال وتلميع رجال المال على حساب الإداريين العارفين ببواطن الكرة واللاعبين القدامى. · وذكر طرفة مضحكة مبكية مفادها أن كابتن الهلال والمنتخب الوطني في السبعينيات أمين زكي الذي كان يرأس ثلاثين لاعباً بوصفه قائداً للفريق، عندما خاض انتخابات نادي الهلال في إحدى المرات لم ينل سوى 12 صوتاً فقط. · وقد عبرت هذه المعلومة عن مدى ما نعانيه من تدني وسقوط كبير في هذا المجال. · فلو أن عضوية الأندية كانت نظيفة وديمقراطيتها خالية من الشوائب لما سقط كابتن الهلال والمنتخب في تلك الانتخابات بهذه الصورة التي تؤكد على حقيقة واحدة هي أن العضويات المستجلبة التي يسعى لها بعض رجال المال ومن خلال بعض أصحاب الأقلام للأسف الشديد هي التي تشوه الديمقراطية في أنديتنا دائماً. · كما تحدث الأستاذ كمال حامد بوضوح الكبار عن دور بعض الأقلام المتعصبة في نشر ثقافة التجهيل التي شكونا منها كثيراً،وأوضح كيف أن المهاترات صارت مصدراً لرزق البعض. · كما تحدث النقر والتاج محجوب عن الدور الذي يفترض أن يلعبه اللاعب السابق في إدارات الأندية وفي مجال التدريب، وكيف أن غيرنا يستفيدون من قدامى لاعبي الكرة في مثل هذه المجالات، كما تداخل معهم الكابتن حسين عبد الحفيظ مشيداً بتنظيم الندوة ومثنياً على العديد من الآراء الجريئة التي طٌرحت فيها. · ورغم اتفاقي مع حديث الأستاذ النعمان والكابتنين التاج والنقر حول دور اللاعبين القدامى وأهمية مشاركتهم في إدارة الأندية التي لعبوا لها وهو مطلب كثيراً ما عبرت عنه عبر هذه الزاوية، إلا أننا لابد أن نتساءل: هل بذل اللاعبون القدامى جهوداً جادة لتطوير مهاراتهم سواءً في مجال التدريب أو الإدارة. · ظني أن قلة منهم فعلت، أما الغالبية فبمجرد أن يغادر الواحد منهم الملاعب يتحول إلى عاطل ينتظر الدعم والعون من الآخرين، وهذا واحد من الأسباب التي مهدت الطريق لإداريي الغفلة لكي يحكموا سيطرتهم على أنديتنا، خاصة الكبيرة منها. · كما لي لابد أن نتساءل: إلى متى سيفتح بعض الإعلاميين المجال واسعاً لكل من امتلك المال ليلمعونه ويصعدون به إلى أعلى الهرم الإداري في أنديتنا على حساب أصحاب الفكر والقدرات الإدارية التي لا تخطئها العين؟! · وما دور الإعلاميين الكبار أمثال النعمان وكمال حامد في إيقاف هؤلاء الذين أساءوا كثيراً للإعلام وأفرغوه من رسالته النبيلة. · بالطبع لا يمكن أن نلوم أنقياء وكبار الصحافة الرياضية لأنهم في النهاية أفراد لا يُسألون عن سلوكيات الآخرين، لكننا نتعشم في أن تفيق مؤسساتنا الإعلامية من غفوتها، وأن يتحلى الناشرون بشيء من الشجاعة والنزاهة ليفتحوا المجال أمام أصحاب القدرات الحقيقية من أمثال هؤلاء ليديروا هذه المؤسسات بالطريقة التي تقضي على الكثير من الأمراض التي تعاني منها صحافتنا الرياضية. · فلو لا هذا الإعلام الرياضي الكسيح لما تجرأ البعض لمجرد الحديث عن رغبتهم في أن يصبحوا رؤساء لبعض أنديتنا الكبيرة، دع عنك أن يتولوا هذه المناصب ويجلبوا معهم في مجالسهم أفراد لا علاقة لهم بكرة القدم أو إدارتها. · ولهذا يبدو لي من ينشد تطور الرياضة في سودان قبل توفير إعلام رياضي نزيه وموضوعي كمن يحاول ملامسة حلمة أذنه. · وختاماً أقول أنني أعددت ورقة متكاملة حول الدور السالب للإعلام الرياضي لتلك الندوة تم تضمينها مع التوصيات التي سترسل للجهات القائمة على أمر الكرة في البلد، حسبما أكد لي الأستاذ الرشيد مالك أحد منظمي الندوة. · لكنني وبالرغم من إصرار بعض الأخوة الأعزاء مثل الكابتن حسين عبد الحفيظ والرشيد شلالي وأشرف الصادق وآخرين على مشاركتي أثناء الندوة، لم أشأ مناقشة تلك الورقة للعديد من الأسباب منها أن عدد المشاركين كان كبيراً وأن الدعوة أصلاً جاءتني بطريقة غير رسمية، لذلك لم أكن راغباً في إقحام نفسي هكذا لأنه ليس من طبعي أن أقدم نفسي للآخرين بهذه الطريقة.