لقد خرج الثلاثمائة مليون نسمة من العرب بخيبات الأمل من منافسات الألمبياد والتي يحلمون بها كل مرة ويبذلون مقابلها المال والجهد ولكن بدون جدوى، وكأنهم يعملون من أجل جنة داخلونها أو أختراع تفيد البشرية...! لكن لا ضير من المشاركة طالما هم في نفس الكوكب بشرط أن تكون للمشاركة أصول...! إن الدول المتقدمة والتي قيض الله لها الريادة وفي كل شيء فذلك عن مجهود وعمل وبعلمية وحرية مطلقة...! ولكن للأسف العرب لا ولم يرتقوا لفهم معضلتهم التي ظلت تجعلهم في دبر العالمية وعلى الدوام بل وهم يجاهدون ليل نهار لكي ينجزوا ولو القليل...! والدليل على ذلك فإن أنجز بعضهم أي مركز كان فتجهدهم يكبرون ويهللون وكأنهم أكتشفوا فيروس قاتل يريحون منه البشرية في مقبل السنين القادمة. لقد تناولت غالبية أجهزة الأعلام العربية نتائج الدول العربية خاصة (البي بي سي) والتي فيها تأبي الدول العربية أن تتحدث بإنفرادية بل هم يتحدثون بصفة الجماعة وفي كل المضامير التي يتنافسون فيها مع الآخر ولا ندري ماذا هنالك من مفاهيم...! وعلى كل فهم ورغم تحليلاتهم الكثيرة والمملة والتي يستعينون فيها بالخبراء في كل المجالات، والتي عزوا أسباب الفشل لضعف الأمكانيات والخبرة والإدارة ولكن كل ما سردت من مبررات وعوامل، لم تجانب تحديد العلة، والتي أراها غائبة عن تصورهم..! وحسب ما أرى فأن العلة ليست ما ذكرت من أسباب بل هي بعض من العوامل المتسببة ولكنها ليست الأساسية...! فالعلة المحورية تكمن في شخصية الإنسان العربي نشأةً وبيئةً وهي التي تقف حائلاً في أن يحقق الإنجاز، وهنالك مفاهيم يجب أن يراعيها الإنسان وبصورة مطلقة وقبل أن يتهيأ لتحقيق إنجاز ما...! تنشئة الشخصية العربية وما عليها.!!! نجد الفرق في الدول الغربية والمتقدمة منها بالذات بأن الإنسان ينشأ على مبادئ أخلاقية وإنسانية (الحرية، الصدق، الأمانة، الوفاء، الأحترام، إلخ) شبيه لحد ما بالعقيدة الإسلامية...! ويتحقق من خلالها ما يعرف " بالأنا" أي بأن يحقق الإنسان نفسه كأنسان وقبل أي شئي آخر، ومن خلالها يتخطى الإنسان مبدأ هرم الحاجات الإنسانية من مأكل ومشرب ومسكن وأمن وأمان وتأمين التعلم والدراسة ومن ثم الشروع في الدخول لتحقيق الذات وتحديد من أنا وماذا أريد أن أكون ومن ثم أي أنجاز يمكن أن أحققه أو أضيفه لنفسي ومجتمعي فبلدي والبشرية إن تيسر ذلك...! بينما الإنسان العربي يفتقد ذلك تماماً وإن توفرت لديه الإساسيات من المأكل والمشرب فتنقصه شعوره بتحقيق الذات "الأنا" بينما الإنسان الغربي فهو حر ومستقل في رأيه وفكره وشخصيته يفعل ما يريد وحسب ما يمليه عليه أفكاره وهذا يحدث ومنذ الصغر بأن يربى على مبادئ ثابتة ويمنح حرية مطلقة ليختار ماذا يريد ودون إملاء عليه، ليختار من ما يتناسب وشخصيته وفي أي مجال كان...! فإن حقق ما يريد لا تجده ينسب الفضل لرئيسه أو سلطانه أو شيخه أو مدربه بقدر ما يركز على أنه إجتهد وعمل بجد ليصل ذاك المرتقى. إن ما تقدمه الدولة من خدمات وتسهيلات للاعب لكي يحقق نجاحاً ما فهو لحق مكتسب لأي مواطن وليست مكرمة أو منة من أحد ولا شكر لأحد على ذلك.! فعلى اللاعب بأن يبادل والوطن بالمثل برفع العلم عالياً خفاقاً إن تيسر..! وحتى إن أخفق يحب بألا يتردد محاولة الكرة إن تمكن من التأهل مرة أخرى، وألا يخشى بأنه قد يسب أو يحرم أو يهدد بسحب جوازه مثلاً أو في بعض الأحيان قد يصفع أو يضرب في بعض الدول...! لقد ثبت مما لا يدعى مجالاً للشك بإن الإنسان في غالبية الدول العربية ينتمي للسلطة وليست الأرض "الوطن" فالوطن تابع للسطلة للأسف..! فتجد بأن اللاعب يجتهد لأرضاء أسياده أي السلطة والذين أمتلكوا البلاد وسيخرونها لأنفسهم فالولاء هنا لأفراد...! فاللاعب تجده مُثقل بالهموم والضغوطات الكبيرة وهو يجاهد للحفاظ على وضعه ممنياً النفس دوام تلكم النعم والمنن والمكرمات، والتي هي في الأصل حق مكتسب له ولأي مواطن ودون مساومة...! فالمبدأ هو أن يتحرر الإنسان في قراره وفكره حتى يبدع ولأن الإبداع والتفرد متغير تابع للحرية ومتى ما إنعدمت الحرية مات الإبداع وكل ما حواه...! فنجد الأنسان في الدول العربية يتم برمجته من صغره لينشأ على قالب معين لا يتخطاه وإن كان موهوباً تجده محاطاً بعوامل عدة لا يتمكن تجاورها ليعبر عن نفسه بصورة يتفرد فيها أداءً، فعند التربية والتنشئة غير السليمة وبإكتساب بعض الأخلاقيات السالبة كالكذب والتدليس والخجل والمجاملة فكلها تؤثر في تكوين شخصية الإنسان، و تصب سلباً في رصيده وإن كان موهوباً...! فاللاعب العربي قد يشارك في مسابقة وهو مصاباً أو غير مهيأ نفسياً وجسدياً، خلاف اللاعب الغربي والذي يجرؤ على ذلك بل عواقبها..! ونجد الدافع لدى اللاعب العربي هو عدم تفويت الفرصة والتي قد لا تكرر، وكذا المنافع التي يرجوها لنفسه، وآخر ما يفكر فيه رفع علم بلاده...! وكثيراً قد لا يعلم حجم المنافسة، وما ينبغي من إعداد لذاك المحفل، أو تراه يمنى النفس السياحة فقط، بينما اللاعب الغربي يعي ويعلم حجم المنافسة وهدفه بصورة شخصية، بل يثق في أنه يمكن أن يحقق إنجازاً نظراً لإعداده المدروس والعلمي.! فالمبدأ الذي يجب أن يراهن عليه العرب ليست فقط الموارد المادية والإدارية كلا بل هي التنشئة الصحيحة للشخصية، ومن نواحي عدة أخلاقية وإجتماعية و وطنية بحيث يعلم الفرد الإنتماء للوطن وكيفيته، وليست للسطة والتي غالباً ما تصادر الوطن فالمواطن وتجعلهما رعايا وملك...! فمتى ما تحرر الفرد وإنتمى لأرضه فهو سيعطى وبدون حدود ...! وليعلم الجميع بأن السلطة والأفراد أياً كانوا ما هم إلا جنود في بلاط الوطن وليس الوطن تابعاً لأحد ولا فضل لأحد على الآخر وإن كان رئيس الجمهورية فهو خادماً مثله مثل الآخرين من مواطنين عاديين في مهمة ما...! من الأساسيات ما يلي:- · يجب أن ينتمى اللاعب أولاً للوطن وأن يتحرر من التبعية المطلقة للسلطة أو الأمير أو الرئيس أو أياً كان ممن يدعون بأنهم أصحاب فضل عليه، وبأنهم جميعاً جنوداً في خدمة الوطن ولا منة أو مكرمة من أحد على آخر..! · يجب أن يكون اللاعب حراً ليعبر عن نفسه حين يغضب وحين يفرح وبأنه ليس هنالك من يزجره أو يهدد أو يتوعده بأي مخاطر حين يخطأ أو يفشل وبألا يسمع سوى كلمة هاردلك والمرات الجاية أفضل بإذن الله...! · يجب ألا يك اللاعب تحت أي ضغوطات من جهات رسمية أو فردية تتوعده بأنه سوف لن يجد الفرصة مرة أخرى أو تهدده بسحب جواز سفره مثلا أو خلافه أن أخفق أو أو ...! · يجب أن يكون اللاعب حراً طليقاً يمارس هوايته في كامل لياقته وصحته ورغبته الأكيدة ومن أجل وطن وليس أفراد وأناس يتأمل منهم أن يساعدوه ليعيش ويأكل ويشرب...! ففي الدول العربية خاصة تجد اللاعب وبعد المجهودات الكبيرة فإن تحصل على أية نجاحات تجده يسارع في أن ينسبها لرئيسه أو أميره أو من كان ولي نعمته تدليساً وإعتقاداً يقينياً...! وهذا هو مربط الفرس والذي يجعله عبداً لسيده وليس خداماً للوطن...! وبالتالي فهو ليس حراً بل يعيش لسيده ويعمل له ويجتهد كم أجله وتلك هي المأساة فهنالك من المسؤولين من لا يعطون الوطن حقه بل يزدري القوانين واللوائح والدستور إن وجدت أصلاً...! فماذا يكن مفهوم الوطنية لدى اللاعب في هذه الحالة. عندما تسأل البطل في الدول الغربية المتقدمة عن فوزه فهو يتحدث عن مجهوداته الفردية وماذا كان يفعل، بل تجده يؤكد على دوره كصاحب الإنجاز والفكرة في خوض التحدي والإبداع وبأنه صاحب ذلك القرار المبدئي وبأنه لجد مسرور وراضي عن نفسه، ومن ثم يهدي ذلك للوطن. وليس كما يبتدر به اللاعب العربي حديثه بأن ما أنجزه بفضل زيد وعبيد..!!! فهي مغالطة وكذب ونفاق...! وليت الإداريين في الدول العربية يتفهمون العلة الأساسية وبأنها ليست المال فقط بل الإنسان نفسه...! فالمال موجود في بعض الدول العربية والبنيات التحتية، ولكنهم غفلوا عن تشخيص المعضلة الحقيقة...! فحرية اللاعب أهم شيء وبألا تك منقادة بل طليقة لتعبر عن نفسها ولتبدع...! فالجانب الأخلاقي ينبغي أن يك في الدول العربية أكثر تواجداً من الدول الأخرى وبحكم العقيدة الإسلامية والتي تمنهج الإنسان على العدالة والحرية والصدق والأمانة وكل تلكم الصفات الحميدة والتي هي سبب تدهور منتوجهم في المحافل الدولية وليست شح المادة وكما يتحاجج بها الكثيرون..! فنجاحات الغرب أساسها الأخلاق والعمل الجاد، وليست الماديات بل والثقة في النفس...! بينما في الدول العربية فالروح الإنهزامية هي السائدة ومنذ البداية حيث تجدهم يذهبون للمشاركة وهم يتحدثون بأنهم بصدد الخبرة ومن ثم يمنون أنفسهم بالمرات القادمة سوف تكون أفضل ولا ندرى لماذا...! فإن كنت أنت ترى نفسك صغيراً أو أقل فأنت هكذا، وسوف لن تقم لك قائمة ما لم تفتهم خلاف ذلك..!