لقد أبدى بعض القراء الكرام ملاحظات واستفسارات واعتراضات على مقالتي الأخيرة ( ألا يحق لنا أن نفرح ...) المنشورة على الرابط http://www.sooryoon.net/archives/65647 لذا أود في هذه المقالة توضيح الغموض واللبس الذي اعترى بعض القراء .. ثمة قواعد وحقائق أساسية ينبغي لكل من ينتسب إلى الإسلام ..أو يتفاخر ويعتز بأنه مسلم أن يدركها ويفهمها جيدا ..ليعرف كيف يتعامل مع الناس من مختلف الأعراق والأجناس والقوميات .. الحقيقة الأولى : نحن – المسلمين – ننظر إلى الإنسان – أيا كان وبغض النظر عن دينه – على أنه مخلوق مكرم لأنه من صناعة وإنتاج الله الأكرم الذي هو كرمه بقوله ( ولقد كرمنا بني آدم ) وأمر ملائكته الكرام بالسجود له ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ..فسجدوا إلا إبليس )... ولهذا نحن مجبرون على احترام أي إنسان حتى وإن كان كافرا في حياته ومماته كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب الحديث الصحيح الذي يرويه سهيل بن حنيف مرت جنازة على رسول الله فقام لها واقفا ، فقيل له : يا رسول الله إنها جنازة يهودي ، فقال : أليست نفسا ؟ الحقيقة الثانية : نحن أمة الإسلام ..أمة السلام ..أمة الرحمة ..أمة العدل والإنصاف ..نحب الناس جميعا ..ونسعى لتحقيق الخير لهم ..ونفرح بهدايتهم إلى الإسلام ..ولا نستغل حاجاتهم وضعفهم وفقرهم لإغرائهم بالدخول في الإسلام كما يفعل أصحاب الديانات الأخرى .. الحقيقة الثالثة : لا نحمل في نفوسنا كراهية ولا حقدا ولا غلاً لأحد من غير المسلمين ولا نعاديهم طالما أنهم لم يعادونا ولم يحاربوننا ..بل نحسن إليهم ..ونكرم جوارهم وهذه أوامر وتعليمات من ربنا التي يقول فيها ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ..) ونحكم لهم بالعدل ولو على أنفسنا كما طلب ربنا : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ..اعدلوا هو أقرب للتقوى ). وحينما يسكنون بجوارنا سواء كان في بلدنا أو في بلادهم ولا يعادوننا ولا يؤذوننا ، وأصابهم أي مكروه ، فواجب بل فرض علينا أن نساعدهم ونواسيهم ونقف إلى جانبهم . الحقيقة الرابعة : الله عز وجل خلق هذه الدنيا وجعلها ساحة صراع بين الحق والباطل .. والخير والشر ، وسيستمر هذا القتال بينهما إلى يوم القيامة دون توقف ودون هوادة .. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصطلحا مع بعضهما لأنهما على طرفي نقيض ..وهذه سنة كونية عبر الله تعالى عنها بقوله ( ولولا الله دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) ومن حسناتها أنها تميز الخبيث من الطيب كما قال تعالى ( ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم ) . الحقيقة الخامسة : أعداؤنا من غير المسلمين بشكل عام وليس بالضرورة كلهم مائة بالمائة ولكن أغلبهم أي أكثر من خمسين بالمائة على الأقل يحملون بين جوانحهم الحقد والكراهية والبغضاء لنا .. ويضمرون لنا في صدورهم وقلوبهم الشر المستطير .. ويتحينون أي فرصة سانحة للإنقضاض علينا والسيطرة على بلادنا .. وأيام الإستعمار الفرنسي والبريطاني والبرتغالي والطلياني والأمريكي واليهودي والفارسي ليست عنا ببعيد ..لا تزال قواته حتى الآن في فلسطين والعراق وأفغانستان والجزيرة العربية .. وهو يتأهب الآن ..ويعد الخطط للتدخل السريع في بلدنا سورية إذا ما سقط حكم الأسد قبل إعداد من يخلفه في تقديم صكوك الطاعة والخنوع له .. وقد حذرنا ربنا منهم وكشف لنا خبيئة نفوسهم بقوله ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وأنذرنا ألا نتخذهم أولياء ولا أحباب ولا أصدقاء بقوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء .. بعضهم أولياء بعض ..ومن يتولهم منكم فإنه منهم ).. الحقيقة السادسة : ليس من أخلاق المسلمين البدء بالإعتداء ولا الهجوم على غير المسلمين ولكن إذا تعرضوا للإعتداء فمن حقهم رد الإعتداء بمثله كما قال الله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )..ومن حقهم أن يفعلوا بأعدائهم مثلما يفعلونه بهم تماما .. السن بالسن والعين بالعين .. دون أي حرج ولا خوف من إطلاق وصمة القتل عليهم ..وترديد مقولة جاهلة غبية .. إذا كان المسلمون يفعلون بأعدائهم مثلما هم يفعلونه بهم فما الفرق بينهما ؟؟؟ الفرق بينهما كبير جدا.. أولاً : هم البادئون بالإعتداء فالبادئ أظلم ثانيا : المسلمون يردون الإعتداء فقط وحينما ينتصرون يتوقفون عن القتل فوراً ولا يتجاوزون ولا يطغون ولا يقتلون إلا المقاتلين ..أما أعداؤنا فلا يستقوون إلا على النساء والأطفال والشيوخ ولا يفرقون بين المدنيين العزل وسواهم ولا بين البشر والحجر .. وهذا قول ربنا وليس قولي أنا (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ).. الحقيقة السابعة : من المبادىء الأساسية في الإسلام هو وجوب الحب في الله والبغض في الله بمعنى حب المؤمنين والصالحين وكراهية الكافرين والفاسقين ..وهذه الكراهية لا تكون لذات الإنسان وإنما لعمله ، فلو غير عمله وأصبح مؤمنا أو صالحا لوجب محبته فورا .. ويؤكد هذه الحقيقة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أوثق عرى الإيمان : الموالاة في الله ، و المعاداة في الله ، و الحب في الله ، و البغض في الله عز وجل ) .. الحقيقة الثامنة : في الدول الديموقراطية الشعب هو الذي ينتخب الحكومة وهو الذي يسن القوانين والتشريعات ويصدر التعليمات والأوامر لها عن طريق مجلس النواب الذي هو السلطة التشريعية .. والحكومة ما هي إلا سلطة منفذة ..فما يصدر عن الحكومة من إجرام واعتداء علينا إنما يكون بموافقة وتأييد من الشعب ..فحينما نعتبر الحكومة مجرمة فالشعب أيضا مجرم ولا فرق بينهما ..كلاهما يؤيد الإعتداء علينا إلا فئة قليلة ليس لها تأثير .. الحقيقة التاسعة : لا يوجد على وجه الكرة الأرضية شعب قد تمحض للخير كاملا ..أو تمحض للشر كاملا وإنما المعيار والمقياس لوصف شعب بأنه شرير هو أن غالبيته .. أي أكثر من 50% شرير كما قال تعالى عن أهل الكتاب لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ فدائما يوجد عدد قليل يخالفون الغالبية وهؤلاء يجب أن نحترمهم ونتعاون معهم ونسعى إلى تقويتهم وإكثارهم ...ولكن الأهم أن نؤمن أن وجودهم لا يلغي صفة الإجرام والسوء عن شعبهم وحكومتهم وعن وجوب قتالهم . آمل بعد عرض هذه الحقائق الأساسية المفصلية في الحياة ..قد زال اللبس والغبش ..ووضحت الصورة للجميع ..