شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    مناوي: أهل دارفور يستعدون لتحرير الإقليم بأكمله وليس الفاشر فقط    آمال ليفربول في اللقب تتضاءل عند محطة وست هام    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. في أول حفل لها بعد عقد قرانها.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها الضابط وتتغزل فيه: (منو ما بنجأ ضابط شايل الطبنجة)    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا.. ليسوا السوريين، إنهم الغرباء..؟


http://mnicolas.maktoobblog.com
http://almufaker.blogspot.com/
عبر وهج المقولات، سقط العديد من الأخوة العرب في فخ الهجمة الجديدة لقوى الهيمنة العالمية، وباتوا ينتظرون ليل نهار إعلانات التنظيف والتحرير للعواصم العربية المعتمة المتسخة، وسيادة بريق الحرية والديمقراطية بين ربوعها، تلك التي كانت تصدر بياناتها المشتعلة في حينها الفضائيات ذات السمعة المدوية؟ الناطقة بالعربية، ولم تكن العاصمة دمشق بمنأى عن ما راج من هذه البدع السياسية السلامية الجوفاء المطالبة بالحرية والكرامة، التي انزلق إلى هلوستها الشباب السوري الفائر وحتى العديد من المتنورين البالغي الرشد، والمتعلمين السوريين والعرب، فأصبح المشهد السوري بضاعة إعلانية رائجة، وصارت أحداث الحراك الشعبي الوهمي وسيناريو صراخ الشباب الهستيري وانفقاعه في الاحتجاجات المتنقلة، ومواقع أحداثها في ساحات المعارك بين أحياء المدن والضواحي والقرى، يملآ الشاشات، فينام ويستيقظ عليها العديد من الأنصار..؟ إلا أن ذلك الصخب لم يكن كل الحقيقة، ومن ثم تدحرجت الأيام لتطلع على الأهل في سوريا ثورة..؟ تواطأ البعض من السوريين مع البعض في نشر كذبتها، فكان يتخيل شعب سوريا ما يسمع عنها في استغراب، أين هي..؟ كان لا يرى، لا يسمع في الواقع.. إلا ما تبثه عنها شاشات الفضائيات، ومن ثم تم الانتقال فجأة إلى مهرجانات الدم والخطف والقتل والرعب والتخريب التي انتشرت في كل مكان، لكن السوريين كانوا يرددون دائما وفي كل الأماكن أن السوريين لا يقومون بفعل هكذا أعمال، إنهم الغرباء..؟ ولعل في هذا القول تكمن كل الحقيقة، ويلخص ما كان يحدث، وكل ما يحدث الآن..؟
لذا كانت تبدو كل التهويشات المتتابعة المتناثرة طلقات عبثية خائبة، وكان القصد من رفع ضجيجها على الساحة السورية بالتفجيرات، وقذائف المدفعية ورشقات الطلقات في كل مكان وزمان، وخطف وقتل عشوائي للأهالي واغتيالات وحرق وتقطيع أوصال، واحتلال أحياء وتهجير سكانها، والهروب، وقطع الطرقات، وغيرها من أفعال الإجرام، بما فيها ما يشاع من أخبار عن ترحل الاجتماعات وانعقادها وانفضاضها لمجالس الملهاة المسماة معارضات سورية في العواصم المعادية، والحصار الدولي المضروب، ليس سوى محاولات لرفع الرصيد المأزوم وتأكيد الوهم المحلي والإقليمي والعالمي عن وجود ما يسمى ثورة، لمزيد من الفرص لمكاسب في الحصص، تأمل أن تحصل عليها الدول الراعية لهذه الثورة المأساة؟ في مفاوضاتها المرتقبة مع الدول المعنية صاحبة القرار ..؟
ولعل القيادة والشعب في سوريا قد أدركا منذ البداية أسرار اللعبة والغايات، فلم يقرا لكل هذه الدول (المجتمع الدولي) ولما صنعته لشعبها من معارضات، بصحة الاتهامات ولا بشرعية مطالبها، فاعتبرت السلطة المؤتمنة، أن ما يجري ليس نزاعا داخليا بين سلطة ومعارضة، بل هو اعتداء بالواسطة على سيادة الدولة بهدف إلغائها، كما ظلت حريصة على حقوق الدولة السورية وشعبها، ومدافعة عنها..
وكانت القيادة السورية من مبدأ سد الذرائع، وما يمكن أيضا أن يتحقق من خلاله من فضح لمخططات مجتمع دولي متكالب طامع، وكبادرة تحسب في اتجاه إنجاح مهمة الأخضر الإبراهيمي، قد أعلنت في مناسبة عبد الأضحى المبارك، وقف العمليات العسكرية بتاريخ 26/10/2012 في مواجهة المجموعات المسلحة المتواجدة على الأراضي السورية.. لكن بغض النظر عن التوصيفات الخبيثة التي تسبغها دول المؤامرة على هذه المجموعات، (في تسميتها معارضة) لشرعنة تحركاتها الإرهابية وتغطية أفعالها الإجرامية اتجاه مواطني الدولة السورية، فإن الحكومة السورية قد أوضحت وأعلنت مرارا أن هذه المجموعات المسلحة ليست سوى جيش يعمل في الوكالة لحساب دول الناتو بهدف تنفيذ مشاريعها ومخططاتها بدءا من نشر الفوضى وتفتيت الدولة السورية وصولا إلى إزالة الدولة ذاتها..؟
ورغم الإصرار المتمادي على قلب الحقائق وتشويه وقائع الأحداث السورية من قبل تصريحات وتحركات ممثلي الحكومات المعنية وروايات إعلامها المعادي، فإن قطاعات شعبية واسعة من التي غرر بها في الداخل السوري وخارجه في الجوار العربي والإقليمي وفي الدول العالمية، بالإضافة إلى شرائح مما كان يحسب من المثقفين، باتت تتلمس وتدرك حقائق الأمور ومسار الأحداث، بأنها لم تكن ثورة، ولا تسير إلى ثورة يمكن أن تصل إلى أهداف، ولا إلى الحرية والديمقراطية، بل إلى فوضى تنحدر إلى أتون نار لا يبقي، فكان لا بد لها من أن تعود وتتقرب إلى صفوف الشعب السوري المدني صاحب الدولة وصانعها، إلا من كان من أشخاصها متورطا في العمالة ومن منطلقاته الأخلاقية بيع الأهل والأوطان..؟
فالفوضى كأساس لكل حراك سلبي مزمع إحداثه في مجتمع ما، من السهل الشغل عليه، حتى في أكثر الدول مدنية وانضباطا، ففي معظم دول العالم تحدث مجتمعاته فرزا طبيعيا بنسبة يمكن أن تقدر بما لا يقل عن: 1% من الأعمار الشبابية للسكان، يمكن أن يوصف أصحابها بالخارجين عن الاجتماع الإنساني، أي جماعات الكسالى أو الشاذين والمتمردين، كما يمكن أن يدخل في خانتهم اللصوص والشطار والقتلة، وعموم الخارجين عن القانون، أولئك الذين يرفضون لأسباب متباينة عديدة الأعراف والتقاليد المعمول بها والامتثال لانتظام المجتمع المديني، ويجري عادة استيعابهم قانونيا من قبل الدول القادرة في المصحات العقلية والسجون ومعسكرات التأهيل، ويتم هذا الاستيعاب إما بالإجراءات القانونية المعمول بها، وإما أن يتركوا للرعاية الاجتماعية والجمعيات الأهلية دون دراسة أو مراقبة، أو حتى أنهن قد لا يلاحظوا في تنقلهم وعيشهم ضمن قطعان البشر في الدول الفقيرة داخل التجمعات السكانية الوضيعة المنتشرة بكثرة على الأطراف..؟
لكن في سوريا الأمر مختلف بعض الشيء فبالإضافة لهؤلاء الذين أشرنا إليهم، تكونت على مدار سنوات التحول السورية، شرائح سكانية غادرت مواقعها الحاضنية، وفقدت ترابطها فيما بينها وأصولها كناتج لعلاقات إنتاج أساسها الاستقرار في أمكنة الحرفة والعمل والأرض والحاضن المجتمعي الأول: القرية والحارة ومنزل العائلة القديم، إلى المدن وأطرافها العشوائية، حيث تتوفر الإقامة الرخيصة السهلة، والتحقت بوظائف ارتزاقية أخرى أتاحتها السلطة الدولتية، بما يشبه الاحتواء الاستيعابي لقوة العمل، عبر فرص متعددة بما فيها الوساطة التزلفية والمحاباة والمحسوبية والتوازنات العشائرية والمناطقية، والارتباطات الأمنية، فاستبدلت هذه المقدس المتعارف عليه وهو العمل المنتج المباشر وعلاقاته وما ينتجه من مكانة اجتماعية ترتقي بما يقدمه عملها، إلى فهلوة الإباحة والمباح والشطارة وحظوة الولاء وبالتالي إلى مرتبة أخلاقية متدنية مدانة، لم ترفع من مكانتها بل أحطت بها، فتحولت مؤسسات الدولة إلى مزارع نهب والمواطنين إلى ذبائح يومية في علاقاتهم مع جسم الدولة..؟
فدخلت كل هذه الشرائح أو بعضها في سلوكيات ما تنتجه التجمعات الهامشية السكانية، حيث يستوي فيها المتعلم صاحب الشهادة والتاجر المفترض والصناعي، مع الجاهل والشغيل البسيط في مزرعة النهب، ويشترك الكل على التواطؤ حسب مرتبته الوظيفية وإشغالاته الاقتصادية وعلاقاته وولاءاته السلطوية في صنع الفساد والإفساد والفوضى، ومشروعية تخريب الدولة واستنزافها، كما سمح هذا بأن يوفر مناخا لأفراد من هذا الخليط العشوائي بالتورط في الارتباط بالعصابات الإجرامية المنظمة المحلية والدولية، المتوضعة مراكزها خارج الحدود.. كما وفر هذا مناخا لأن تنشط أشكال المقولات الاستئصالية في أوساط هؤلاء القصّر وأن تحتويها، وإلى أن يسارعوا من جهتهم إلى تلقفها، علمانية كانت عبر مشروعية إدعاء الثورة، أو دينية تكفيرية تبرر السلوكيات والممارسات الإقصائية الإبادية المتوحشة اتجاه الآخر المغاير، لأنها تدعو إلى استباحته دون تبعات؟
لم يكن حكم السلطة في الدولة السورية على مدار سنواتها منذ الاستقلال بالمثالية من منظور الفكر السياسي الغربي، وإنما كانت تتجه في تسيير العلاقة مع المواطنين وشؤون الدولة رغم الدساتير المتعاقبة والقوانين إلى النزعة السلطانية الأبوية، وإلى العرف الموروث، حيث يتم إيجاد الحلول لمعظم النزاعات حتى الخطيرة منها في تسويات مقبولة بين الأهالي ولدى السلطة علي تدرجات مراتبها..؟
وغير خاف انه منذ أن لاحت بوادر اشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في الغرب الثري، كنتيجة المتغيرات والمعادلات الاقتصادية الدولية المستجدة، بدأت نزعة بسط النفوذ والسيطرة على أراض الثروات وممراتها في العالم تعاود فكر إدارة السياسة في الغرب وتسيطر عليها..؟ وكانت أحداث 11 إيلول عام 1911 في نيويورك بداية التحمية والانطلاق المسلح باتجاه الشرق بدءا من دولة أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب واجتثاث جذوره..؟
منذ أواسط القرن التاسع عشر ومع انتشار أفكار البرجوازية الأوروبية وتوطد مكانتها في دولها، ومع أهمية انتشار الإمبراطورية العثمانية الجغرافي كحائط مانع محيط وسوق وأرض مطامع بعد التطور الأوروبي، جرى العمل على تصدير واستيراد مجموعة مفردات وهاجة راجت كمنائر هداية حضارية إلى منطقتنا لا حاجة لها بها مجتمعاتنا، على سبيل المثال الأحزاب والقوميات والحرية والديمقراطية، وإن كان لهذه التعابير مفاهيم عملانية تقتضيها الضرورة الموضوعية في أوساط الانقلاب البورجوازي الرأسمالي الغربي وسيادته في بلاده الذي تفعل منذ أواسط القرن الثامن عشر، إلا أن الأخذ بها لم يكن سوى فانتازيا مترفة عاشت عقودا لدى نخبويات لصيقة امتهنت النقل والتقليد، ميزت نفسها عن أصول مجتمعاتها في ارتباطاتها المتغربة، ووصلت شوائبها إلى حالتنا، لكن لم يكن من ضرورة حيوية لها في منطقتنا، على الرغم مما كان قد جرى من تحوير لبعض مفاهيم هذه العبارات وأنواعها ومضامينها إلى شكل من العباءات تحتوي العديد من التمايزات السكانية التي اشتملت عليها مجتمعاتنا على اختلاف طوائفها ومذاهبها وإثنياتها المتوضعة أو المتأصلة فيها، ساهمت في انتشار التسطح والغباء السياسي لدى القيادات والانتلجنسيا المحيطة بها، وما تبعه من تخبطات في الممارسات أوصلت بلاد المنطقة وسكانها إلى ما هي عليه..؟
في مجتمعات متخلفة لدول حديثة التكوين أنشئت بقرارات دولية، لم يكن هنالك من فرق جوهري بين أنواع أنظمتها، فلقد بنيت على شكل النمط الأوروبي أو حسب رغبة ورؤية دوله، ولم تصنعها السوق الاقتصادية، أو العلاقات الاقتصادية الناتجة عن الطبقة البورجوازية، فكانت دول من فوق، فهي سلطنة كبيرة انقسمت إلى سلطنات أصغر، وبقي الجوهر ذاته، لذا بقيت اللعبة السياسية فيها على سطح الشكل لافتقادها إلى الجذور، وكان لا بد أن تتدرج سلطاتها إلى نظام صارم لإمساك مجتمعاتها، كانت تأمل من خلاله تلك السلطات إمكانية العمل على تطور شعبها وتقدمه، وكنتيجة حتمية للصراع داخل هذه الدول بين الشكل (النظام) والتكوين مجاميع الشعب، أن ينشأ احتقان شعبي لا متنفس له، تلعب على أوتاره الدول الغربية كلما تجددت أطماعها..؟
وإذا كانت الجمعيات الماسونية الغربية في تكويناتها البورجوازية العالمية، قد اخترقت الشباب العثماني منذ أواسط القرن التاسع عشر، باسم الحريات والديمقراطية التي تضمنتها شريعة حقوق الإنسان والمواطن الثورية الفرنسية، ودفعته لتكوين الجمعيات السياسية ومنها جمعية الاتحاد والترقي، فإن تكوينات سياسية مثيلة حديثة لها فاعلياتها كانت تعمل على الأرض العربية بين الشباب العربي برعاية المنظمات الدولية التي تقودها أمريكا ودول حلفها، منذ ما قبل ما يسمى اجتياحات الربيع العربي، الذي أطاح بأنظمة دول عربية عن طريق الغزو أو الانقلابات الناعمة، لزمن بعيد..؟ فالجمعيات الغازية الوافدة تحت المسميات الضاحكة لمنظمات المجتمع المدني والإنسانية، كحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، والأسرة، والجمعيات المدافعة عن حريات الرأي، والتحركات الوهمية لإحيائية منظمات المجتمع المدني في مجتمع معيشي أهلي لا يعرفها، بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية الدينية، والأندية السياسية مثل الروتاري.. والليونز، ودوراتها الإستضافية في المراكز الثقافية وعواصم الدول المتحضرة لم تكن بريئة، بل ساهمت بالإضافة لإعلام عالم الخيال والمشهد الافتراضي العالمي المشبوه على توكيد عالم الوهم كحقيقة، وفي إنشاء حالة التناقض والاحتقان الهستيري المتفجر..؟
لكن لم يكن لهذه الجمعيات المنوه عنها القدرة على الفاعلية، لو لم تكن الأرض مهيأة على قدر كبير، فالمجتمع المديني السوري الأصيل ابن الأرض والعمل والإنتاج، وإن كان لم يزل في حالته البدائية، لكن كان يوفر قدر من استقلالية العيش، كان قد تآكل أو همش، لصالح المد الهامشي الذي كان قد استفحل مع الصيغة الشمولية للدولة، والحزب الأوحد الذي كان من المفترض أن يستوعب الحراك الشعبي الواسع وأن يكون أداة حوار فعالة لكل أطياف المجتمع، في غياب البنى التحتية التي تكون الأحزاب، أصبح مشلولا ومعيقا بعد أن تسربت إليه كل الشرائح السكانية الانتهازية التي اتخذت من الانتساب إليه طريقا إلى الوصول والثراء والمكانة عن طريق التزلف والإستزلام والفهلوة والعصبوية.. وليس عن طريق العمل الجاد والالتزام بقضايا المجتمع وحاجاته والخدمة العامة الشريفة، فصارت الدولة بمن فيها شعبها ساحة نهب وابتزاز..؟
فالمشهد الاجتماعي السياسي قد تغير والتحولات الاقتصادية النوعية لإعمار جسم الدولة وإثرائها، أفلست الدولة، فأثرى من أثرى على حسابها، وافتقر الناس دون القدرة على الاحتجاج..؟ وازدادت سطوة وطغيان أصحاب السلطات..؟ فلم يبق في مركب الدولة إذن، غير هؤلاء، فتم استغلال عطش القطاعات الواسعة من الشعب على التغيير، لتنفيذ مآرب الخلطة الإفتراسية الدولية المعروفة، التي كانت تسعى منذ زمن طويل على هدم الدولة السورية وتفتيت شعبها، ونموذج تعايشه الفريد..؟
لقد كانت الفجوة كبيرة بين طروحات التعابير المبهرة، والمد الربيعي الخلبي القادم من الغرب والجنوب والشمال، وببن ما كان بروج على أنه واقع معاش، فلقد صور الواقع من قبل دول الغرب الناتوية بوسائل عدة على أنه جحيمي بكل المقاييس، لكنه لم يكن كذلك، وتكفلت النتوءات الورمية في جسم المجتمع من مدعي الثقافة والفكر والسياسة، ودعاة الله، ومعظمهم من المرتبطين المأجورين مع المخابرات الخارجية، والمنخرطين في ما يسمى الجمعيات الإنسانية كغطاء: على نشر وترويج وتأكيد هذه الادعاءات، والتبشير بالمقابل، بمستقبل وردي سماوي على الأرض وفي السماء.. للخلاص من الواقع الوهمي المرير، فاستجر البعض إلى الاحتجاج، السلمي واستجر المحتجون محتجون آخرون، لكن لم تكن هنالك معارضة سياسية في سورية كما المعارضات في دول الغرب أو ثورة كما يظهر من أدواتها القتالية العبثية المستخدمة، إذ لا ظروف موضوعية بالمعني العلم السياسي لهما، فالتباين والخلاف كان يتم حلهما بالطرق والإجراءات القانونية المعمول بهما في جسم الدولة، على قاعدة أن الشعب في جميع فئاته، ممثلا بالحزب القائد والجبهة الوطنية، هو السلطة السياسية وليس أحدا غيره..
وسارعت السلطة في شخص رئيسها إلى طرح برنامج للإصلاح، ربما كان أهم ما فيه: الإقرار والتأكيد بأن الشعب صاحب الدولة، وبأنه مصدر السلطات، وبالتالي فهو من تقع على كاهله دون غيره مهام وطرق الإصلاح..؟ لكن هذه الاحتجاجات السلمية لم تعش طويلا، فكانت بمثابة مدخلا، واستخدمت من قبل التآمريين منصة لبدء اجتياح سورية، بأساليب بات يعلم عنها الجميع، فظهر السلاح والمال الحرام واستقدم المرتزقة من كافة جنبات الأرض.. ولم تكن الساحة السورية نظيفة، فمن أشرنا إليهم من الشذاذ والزعران المنفلتين عن أي انضباط، الفارغي الفكر، وبعد أن مهدت لهم الساحات والأجواء، سارعوا إلى الانخراط في لعبة تكوين عصاباتهم وعصبوياتهم والتسلح والارتزاق من التشليح وسفك الدم، ايديولجيتهم يختصرونها في تكفير الآخر واستئصاله، وراياتهم صرخة التكبير ولا إله إلا الله، لهدم الدولة والمجتمع، ونهب وقتل الناس والأحياء وهدم العمران، لصالح أيا كان؟.. وكان كل ذلك بتم برعاية خبراء غرباء مدفوعي الأجر متمرسين في نشر الفتنة وفنون الرعب والإرهاب.. ومثلهم، ممن كانوا قد تخلوا عن انتمائهم للاجتماع السوري، وأحدثوا قطيعة معه، ودخلوا في التكوين الهامشي الهادم، منذ أن كانوا مشاركين يوما في الوظائف العامة والبعض منهم في موقع قرار السلطات، وكانوا من أصحاب الفساد والإفساد في جسم الحزب ومؤسسات الدولة، ومما كانوا يحسبون إلى زمن من النظام ذاته، ويجيدون إلصاق التهم للآخرين عن قذارة أفعالهم، فالعديد من هؤلاء هم من سارعوا إلى التبرؤ من الدولة ونظامها والانقلاب عليهما، ومغادرة المركب، إلى شاطئ نهب آخر، وليساهموا في متابعة نشر الفوضى.. بابا إلى منافع وإثراء نوعي جديد على حساب مآسي أهالي المجتمع السوري بجميع فئاته..؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.